
تسود حالة من الغضب الشديد عددا من قادة حزب العدالة والتنمية، على خلفية “البلاغ الشارد” الذي أصدرته أمانته العامة يوم الأحد الماضي، والتي ربطت فيه بين فاجعة الزلزال الذي ضرب المغرب يوم الجمعة 8 شتنبر، وما وصفته بـ”المعاصي السياسية”.
فبعد إعلان عبد القادر اعمارة، القيادي والوزير السابق عن حزب العدالة والتنمية، استقالته النهائية من الحزب وجميع هيئاته، اعتراضا منه على مضمون البلاغ الذي أصدره الحزب، انضم محمد يتيم، نائب الأمين العام السابق، وأحد أبرز قيادات “البيجيدي” إلى صفوف الرافضين لمضمون هذا البلاغ، واصفا إياه بأنه “شارد وغير مناسب”.
وقال يتيم في تدوينة نشرها بصفحة على موقع التواصل الاجتماعي “الفايسبوك”، إن “البلاغ غير موفق من زاوية أن العدالة والتنمية حزب سياسي وكان من المفروض أن يتناول الموضوع من زاوية سياسية واجتماعية بالأساس، وأن يبتعد عن إثارة قضايا جدلية وكلامية”. وأضاف أن الفقرة التي تتحدث عن الزلزال والمعاصي “شوشت على باقي المواقف، وأنه من الطبيعي أن تتحول عند عدد من خصوم الحزب إلى زاوية المعالجة الوحيدة والنقطة التي يسلط عليها الضوء”.
وأشار يتيم إلى أن البلاغ غير موفق أيضا من زاوية ربطه بين فاجعة الزلزال والذنوب والمعاصي، مؤكدا بالقول “إنه لا أحد يمكن أن يعلم ذلك إلا الله، ما لم يرد في القرآن والسنة صراحة ما يفيد أن طوفانا أو رياحا عاصفة أو خسفا كان عقوبة إلهية كما ورد في القرآن صراحة في عدد من الحالات”.
وزاد الوزير الأسبق في التشغيل، أنه “لا أحد يمكن أن يجزم أن أقدار الزلزال أو الفيضان أو الأوبئة أو الأمراض أو الأوبئة أو هذا الزلزال تعيينا أو ذاك هو عقاب من الله! بل إن القول بذلك والإيحاء به هو من باب التألي على الله”.
ولفت إلى أن “البيت الحرام نفسه غمرته المياه كم من مرة وواجه عواصف. وفي زلزال الحوز سقطت وتضررت مساجد ومدارس ومرافق عامة لا تقترف فيها المعاصي”.
يتيم، أشار ضمن تدوينته كذلك، إلى أن “بعض المناطق الجبلية والجنوبية تعتبر معاقل لحفظة القرآن وبقاء الناس في الغالب على الفطرة والصلاح عموما، وعلى القناعة بالقليل والكرم وغير تلك من الأخلاق التي تجد أصولها في الدين”، ليتساءل “كيف يمكن أن نجزم أو حتى أن نحتمل بأن زلزال منطقة الحوز وتارودانت عقاب إلهي عن معاصي مقترفة. أو يمكن أن يكون كذلك؟”
وشدد القيادي ذاته، على أن كل أعضاء الأمانة العامة للحزب يتحملون المسؤولية عن ما ورد في البلاغ، وتابع بالقول: “أعرف أن عددا من أعضاء الأمانة العامة الحاليين لا يقبلون ما تم تضمينه في البلاغ، وأعرف من خلال الممارسات السابقة أن مسودة البلاغ الصادر عن الأمانة العامة يتم تداولها بين الأعضاء حتى يتم الوصول إلى صيغة مدققة لا مجال فيها للبس وغير قابلة للتأويل، لكن أن يصل الأمر بأحد القيادات التاريخية في الحزب إلى الاستقالة فذلك يعني شعورا بأن تدبير الحزب قد وصل لدرجة تستدعي دق ناقوس الخطر”.
وحمل يتيم، أعضاء الأمانة العامة الحالية، المسؤولية الكاملة في إعادة الاعتبار لمؤسسة الأمانة العامة، وأن يمارسوا مسؤولياتهم كاملة فيما يصدر باسمها.
بدوره، قال محمد أمحجور، عضو الأمانة العامة للحزب سابقا، في تدوينة نشرها على حائطه “الفايسبوكي”: “لو كان الزلزال يقينا فاعلا سياسيا، ولو كان من المعلوم قطعا من الدين أن الله يعاقب الانحرافات السياسية بالزلازل والبراكين، لكان أولى أن يضرب الزلزال حيث يقيم أهل الساسة والحكم”. وأضاف “مؤسف ما صرنا إليه من تيه، ومؤسف أكثر أن نترك السياسة وقضاياها وحقائقها جانبا، ونتيه في “اللاهوت”، إنه لأمر مؤسف ومؤلم”.
من جانبه، علق زميله في الأمانة العامة والبرلماني سابقا، عبد الصمد الإدريسي، على بلاغ إخوانه في الحزب بقوله: “أشياء كثيرة أختلف معها في طريقة تدبير حزب العدالة والتنمية ومواقفه خلال السنتين الأخيرتين، سواء من حيث تدبيره التنظيمي واحترام قوانينه ومساطره أو من حيث طريقة اتخاذ قرارته ومواقفه، لكن كنت لا أرى ضرورة الإعلان ذلك”. وزاد قائلا: “لكن هاته الفقرة الواردة في بلاغ الأمانة العامة الأخير، لا أرى سبيلا لعدم إعلان رفضها والاختلاف مع مضمونها، سواء من حيث مدلولها وفهمها دينيا، بل وحتى سياسيا”.