
يوم السبت 25 نونبر2023 ،كان لي شرف حضور، الندوة الوطنية، والتي كان عنوانها: مدونة الأسرة وسؤال الإصلاح: من التعديل إلى التتزيل، والتي نشطها كل من الدكتور خالد الصمدي بموضوع: مدونة الأسرة وسؤال الإصلاح، والدكتور بلال التليدي بموضوع:مدونة الأسرة وتحقيق المناط في الاجتهاد الفقهي وأثره في الحفاظ على الاستقرار والتماسك الأسري، كما قدم الدكتور فريد امار كتابا بعنوان: ندوة نظام الأسرة الثابث والمتغير: قضايا واشكالات، وفي موضوع التربية الوالدية في المناهج التعليمية قدم د.حميد بودار رؤية استشرافية، تلاه الأستاذ عبد العزير وحشي، كرجل القضاء، محورا مهما حول تفعيل قيم ومبادئ مدونة الأسرة في تكوين القضاء.
ونظرا للدور الفعال للإعلام والاتصال في ترسيخ قيم المدونة، قدم د.هشام المكي عرضا حول دور المؤسسة الإسلامية في نشر ثقافة مدونة الأسرة في المجتمع، كما ربط د.محمد الأنصاري بين المدونة وقيمها والمناهج التعليمية كوسيلة لتخريج الإنسان الإيجابي منذ بداية حياته التعليمية، وحول المجلس الوطني للأسرة والطفولة، قدم د.المختار الهراس قراءة في القانون المنظم للمجلس والياته التفعيلية .
وفي الأخير ختم كل من د.عبد الرحمن العمراني، ودة.خديجة فارحي بموضوعين مهمين، الأول حول دور المجلس العلمي الأعلى في باب الاجتهاد في قضايا الأسرة، والثاني حول موضوع مأسسة الوساطة الأسرية.
وختم اللقاء بقراءة توصيات الندوة، كما فتح باب الإضافات والملاحظات حول الموضوعات المطروحة عبر الإتصال بالمركز المغربي للدراسات والأبحاث التربوية الذي سهر على تنظيم هذه الندوة بتعاون مع الجمعية المغربية لاساتذة التربية الإسلامية، ومركز إشعاع للدراسات الأسرية.
كان البرنامج مفيدا وممتعا، ولاهمية المشاركة والاسهام هذه بعض الملاحظات والاقتراحات:
1) جميل أن يتم الاعتماد على العلماء في بحث قضايا الأسرة، والاجتهاد في نوازلها، لكن الأجمل أن نضع في الاعتبار الحاكم ،فانه مهما بلغ جهد العالم المجتهد في هذا المضمار تبقى الحاجة ملحة وضرورية إلى حاكم ينفذ، وينزل،ويدبر، نعم العلماء ورثة الأنبياء، لكن لا ينبغي ان ننسى أن الإمام جنة(بضم الجيم) كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، لذا وجب أن تكون العلاقة بين العالم والحاكم طبيعية لا صدامية ولا صراعية، بل يجب أن يسود بينهما التعاون والتكامل والتشاور والتفاعل .
2) الأحكام التي يستنبطها العالم المجتهد، تحتاج لمن يفاوض عنها، فكم من القضايا الفقهية أفسدت لما لما أسندت لمن لا قدرة له في ايصالها لمن يهمه الأمر، فتوضع في الرفوف وتجمد في دهاليز الإدارة.
ولهذا يشترط فيمن سيكون الوسيط بين العالم والحاكم وغيره: العدل والضبط، واللياقة التواصلية،يقول صلى الله عليه وسلم:” يحمل هذا العلم من خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الجاهلين، وانتحال المطبلين، وتاويل الجاهلين “.
3) نحن لا نحتاج كثرة القوانين على اهميتها،ولكن نحتاج إلى ضمائر حية، مفعمة باليمان،مؤمنة بصالحية الشريعة الخالدة، معلمة للناس قيمها ومبادءها، فجميل أنكم استدعيتم أساتذة التربية الإسلامية، لكن ليسوا هم الوحيدين الذين يمارسون هذا الفعل التربوي، فكان ينبغي إشراك المعلمين والمربين والمؤطرين في المدارس والارواض والجمعيات وفي مخيمات الطفولة والشباب، ففعلهم التربوي عندهم واضح وملموس.
4) كان ينبغي الإنتباه إلى الفرق بين قيم البداوة وقيم الإسلام، فالاولى لا تتضمن الثانية والثانية تتضمن الأولى فالاسلام جاء بشرع إنساني عالمي، ولجميع فضاءات العيش المتنوعة، فقد تدعو قيم البداوة إلى صيانة المرأة، لكن الإسلام يدعو إلى صيانتها، وكذلك يدعو إلى تعليمها ومشاركتها في الشأن العام، وهذا خلط يقع فيه الكثيرون.
5) إن العدل مطلب ديني وانساني ،لذا اقترح إدراج ما اسميه التربية القضائية في الثقافة الأسرية، وذلك ليسود العدل في الأسرة ،فينصف الأبناء والبنات، بالاستماع وتنزيل الأحكام العادلة،دون اللجوء الى الكذب والتزوير والعقاب الغير مبرر.
فيكون الاب قاضيا في بيته يحكم بالحكمة. فيحس الابناء بأهمية مؤسسة القضاء في المجتمع وضرورته للسير العام.
وأخير تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.
ودمتم في هذا الثغر صامدين ومنتصرين.
الأحد 26 أكتوبر 2023.موافق 12 جمادى الأولى 1445.