
تطل علينا هذه الأيام المناسبة السنوية، المسماة “اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة” يوم 25 نونبر. الذي اختارت له هيئة الأمم المتحدة هذه السنة شعار: “اتحدوا لإنهاء العنف ضد المرأة” و“استثمروا لمنع العنف ضد النساء والفتيات”. مع اتخاذ اللون البرتقالي كطابع أساسي لحملتها هذه، من جهة لكونه مثيرا للانتباه وبالتالي تسليط الضوء على العنف ضد المرأة، ومن جهة أخرى كونه لون أمل وتفاؤل بالقضاء على العنف. هذا من جهة المظهر.
أما من جهة الجوهر ، وبالتزامن مع الحدث الأبرز الذي يعرفه العالم الآن، والمتمثل في إبادة غزة. فإن نساء غزة خاصة وفلسطين عامة، خارج اهتمامات العالم الغربي بأجهزته ومؤسساته، بما فيها الأمم المتحدة. و تماشيا مع شعاراتها الجميلة، فإن العالم اتحد لوقف العنف ضد الفلسطينيين إلا الحكومات التي لم تتوقف عن تغذيته، بل “واستثمروا” لمنع وقف العنف، أما عن لونها البرتقالي فتحول لشلال أحمر من الدماء..
وأمام هذا، سنحاول الوقوف على ملامح وضعية المرأة الفلسطينية، وما واجهته خلال 50 يوما الماضية، والتي لم تختلف عن ما عاشته طيلة عقود من الاحتلال الذي يباركه ويدعمه الغرب.
وجدير بالذكر، أن المرأة الفلسطينية كانت الأكثر استهدافا وتضررا من القصف والتفجير المتواصل، والذي يقدر ب40 ألف طن من المتفجرات التي ألقاها الاحتلال الغاشم على غزة. فقد بلغت عدد النساء اللواتي استشهدن خلال العدوان الأخير أزيد من 4000 شهيدة، وأزيد من 4500 من المفقودين أطفالا ونساء، ويتجاوز عدد المصابين 33 ألف أكثر من 75٪ منهم نساء وأطفال. وطبعا لم تسلم الصحفيات من الاستهداف، ليبلغ عددهن 6 صحفيات تم اغتيالهن، ظنا من الاحتلال بأنه يغتال الحقيقة. ولا ننسى الأسيرات الفلسطينيات داخل السجون، البالغ عددهن 62 أسيرة. وما يواجهنه من اعتداءات متكررة في سجون الاحتلال، للحط من كرامتهن وتكسير صمودهن.
هذا دون ذكر تفاصيل الاعتداءات الجنسية، والمداهمات الي تتعرض لها الفلسطينيات داخل منازلهن. وما تتعرض له باستمرار من نزوح وتجويع وترويع مستمر، فاقدة الغذاء والدواء والمأوى والحق في السكن الروحي والمادي. ومع كل رصاصة أو رشقة صاروخ، يزداد فقد الفلسطينية لأب أو أخ أو زوج أو إبن، أو كلهم في رمشة عين.
كل هذا الصمت والإجرام العالمي في حق المرأة الفلسطينية، لأنها تعي جوهر مفاهيمهم الجوفاء، دونا عن المظهر الذي تشذبه قنوات الإعلام والاتصال لتبدو المفاهيم والمواثيق -حقوق الإنسان واتفاقيةسيداو ومناهضة العنف وغيرها- من خلالها جذابة مستساغة، بل ومرغوبة.
بالإضافة إلى دورها المحوري في المقاومة الفلسطينية، فهي الرحم التي تنجب جيش المقاومة، وتربي الناشئة على العقيدة الإسلامية والقيم المثينة، وقوة الشخصية والصلابة النفسية التي لم يعهدها العالم، وهي النصف الباقي من المقاومة، كل هذا في عز وشموخ وتسليم لقضاء الله وقدره.
هذه الأحداث كشفت أن حديث الغرب عن “المرأة” مجرد ورقة ضغط، يلعب بها لضمان مصالحه التوسعية، فيصنف هذه دولة متحضرة وتلك متخلفة. في فضح صارخ لديموقراطيته المزعومة، ونقض لمواثيقه الحقوقية، الذي يتضح مرة أخرى مع “الهولوكوست الإسرائيلي” بمرأى ومسمع ومشاركة العالم، الذي أمد الاحتلال بالعتاد والجيوش، وأرسل لهم التبرعات، وسوق للرواية الصهيونية، بل وعارض وقف إطلاق النار.. تأكيدا على “الاستكبار الغربي”.