
احتفى رواد منصات التواصل الإجتماعي بمناقشة أطروحات دكتوراه في تخصصي الطب والفيزياء اتخذت من العربية لغة بحثية، معتبرين المبادرة سابقة في تاريخ البحث العلمي بالكليات المغربية، وتستحق الإشادة لتطوير البحث العلمي الذي لا يمكن أن يتم إلا باللغة الأم، كما هو الشأن في جميع دول العالم.
ويتعلق الأمر بثلاث أطروحات دكتوراه بكلية الطب والصيدلة بأكادير، تم مناقشتها يوم الأربعاء 27 دجنبر 2023. الأطروحة الأولى في الطب، تحت عنوان ”ابن زهر الطبيب في الأندلس– كتاب التيسير“ للطالبة الباحثة سهام العوادي، كأول أطروحة تناقش بكلية الطب بأكادير تحت رقم 1/ 2023.
وقد أولت الكلية وكذا جامعة ابن زهر أهمية بالغة لهاته الأطروحة، لكون البحث حول الطبيب “عبد الملك بن أبي العلاء ابن زهر”، بالإضافة لكونها باللغة العربية التي دَرَسَ بها هذا العالم وعَلَّمَ بها طلبته. البحث الذي نقب عن مكامن إبداع “الطبيب ابن زهر” والإسهامات الجليلة التي أضافها، وتفسيرها ومقارنتها بالسياق الذي أنتجت فيه.
ونالت الطالبة شهادة الدكتوراه في الطب برتبة “مشرف جدا”، وقد رشحت اللجنة العلمية هذه الأطروحة لتتبارى كأحسن أطروحة في الطب بالكلية الطب والصيدلة لجامعة ابن زهر، كما وعد العميد بتكفل الكلية أو الجامعة بمصاريف طباعة النسخة النهائية للأطروحة مكافأة للدكتورة سهام على اجتهادها وتفانيها في بحثها.
أما الأطروحة الثانية فتَحْتَ عنوان “العلاج الجراحي لسرطان المستقيم بجهة سوس ماسة” للطالب الباحث حمزة بوعيدة، الذي نال عن أطروحته ميزة “مشرف جدا”.
أما عن تفاصيل الأطروحة، هي دراسة وصفية واسترجاعية تمتد من 1 يناير 2021 إلى 30 شتنبر 2023 حول سلسلة تضم 31 مريضا أجريت لهم عمليات جراحية لسرطان المستقيم داخل قسم الجراحة بالمستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير.
وفي مبادرة فريدة أخرى، تستعد كلية العلوم ظهر المهراز التابعة لجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس مطلع العام المقبل 2024 لمناقشة أول أطروحة دكتوراه في فيزياء المواد باللغة العربية، من إعداد الطالب الباحث محمد جغلاف، وتحت إشراف الأستاذ الدكتور يحيى عبابو، وحسب ما أشار المتتبعون فهي سابقة في تاريخ الأطروحات الجامعية في تخصص العلوم بالمغرب.
وفي نفس السياق، علق الأستاذ يوسف بن العيساوي المنسق الوطني لـتكتل الأساتذة الرافضين لفرنسة التعليم، خلال منشور له بالفيسبوك “نستغل الفرصة وندعو الأساتذة إلى تشجيع طلبتهم على تحضير أبحاثهم باللغة العربية في كل الجامعات والمعاهد العليا…”.
الجدير بالذكر أيضا، أن الساحة التعليمية في المغرب تعرف نقاشا بارزا، يتعلق بلغة التعليم والبحث العلمي، على اعتبار أن ما يسلكه المغرب من اختيار لغوي في التعليم يعبر عن “تيه لغوي”، وهو أمر غير متسق تماما مع دستور المملكة المغربية الذي ينص على كون لغة البلاد هي العربية والأمازيغية، كما أن المتتبعين للشأن اللغوي في العالم يؤكدون أن كل الدول المتقدمة علميا تدرس العلوم بلغاتها الوطنية. وفي هذا يقول المفكر الجزائري مالك بن نبي: “لم تعرف البشرية شعبًا تطور بغير لغته”.
في هذا الصدد، توضح إحدى الدراسات أن الجامعات المغربية عرفت مناقشة 243 أطروحة جامعية في الطب باللغة العربية منذ تأسيس أول كلية للطب بالمغرب إلى غاية منتصف 2021، حسب دراسة نشرتها الطبيبة إلهام السملالي الحسيني في المجلة الصحية المغربية بعنوان “حصيلة الأطروحات الطبية المغربية باللغة العربية” في شتنبر 2021.
التي أشارت لكون وتيرة تقديم الأطروحات الطبية باللغة العربية كان متذبذبا، لكن حافظ على الاستمرارية.
الأمر الذي أرجعته الطبيبة في نفس الدراسة إلى”رغبة وعزيمة طلبة الطب في الكتابة والتعبير بلغتهم الأم فضلا عن قدرتهم على تعريب المقررات ودروس الطب وترجمتها من الفرنسية إلى العربية، حيث تمت ترجمة أكثر من 85% من مقرر الطب. وهذا أيضا يبرهن على كفاءة الأساتذة المشرفين على هذا النوع من الأطروحات وغيرتهم على اللغة العربية واهتمامهم بتحسين وضعيتها والارتقاء بها”.