
في اليوم 100 من العدوان
هذه حكاية بعد النوم للأطفال، نرويها باختصار شديد للأجيال، ولا بد من الإشارة إلى أن الأحداث الواردة فيها هي محض خيال، واختيار أسماء الشخصيات كان لغرض درامي وإبراز للأبطال، ونعتذر عن الاختصار المخل فما خفي أعظم وما كل شيء يقال !
ودوام الحال في الدنيا محال
والحمد لله على كل حال
زعموا ان قوما من العبرانيين الفاسدين الكفار، عاشوا كحثالة البشر لدى أغلب الأقوام في شتى الاقطار، إذ استضعفهم الفراعنة والرومان وكذا اروبا في ظلماتها وعصر الانوار، فقد طفت “المشكلة اليهودية” في المجتمع الأوربي وضاق بهم الأغيار، فقرر اليهود بعد طول اضطهاد تكوين عصابات صهيونية من الأشرار..
ولكي يتجاوزوا “الحل النهائي” النازي وحالة الذل والاستعباد، واضطهادهم المنتشر بين كل الأعراق والعباد، قرروا الخروج من حالة الشتات والهون وفرض العزل في البلاد، إذ اخترع الصهاينة خرافة “العودة” إلى أرض الأجداد، واقتلعوا اليهود عنوة من بلدانهم وأقنعوهم بجنان “أرض الميعاد”!
خطط المجرمون لاغتصاب أرض وطرد شعب اصيل من الاحرار، إذ باغتوا القرى الآمنة بالمجازر المروعة واجبروهم على الفرار والنزوح واللجوء لدول الجوار، عات الارهابيون فسادا في الأرض ونشروا الخراب والرعب والدمار، حيث أغار يهود الشتات مدعومين بالإمبريالية الغربية والاستعمار، وأعلنوا أن الأرض المقدسة من حقهم وحدهم لأنهم شعب الله المختار!
دشن المغتصبون المجازر وقتّلوا الشباب والشيوخ والرجال، بقروا بطون الحوامل وقتلوا الرضع والنساء والأطفال، أحرقوا الأخضر واليابس بهدف التهجير القسري والاستئصال، ذبّحوا الاهالي بلا رحمة باسم معركة العودة والاستقلال، وساعدتهم بريطانيا العظمى على الظلم والاغتصاب والتهجير والإحلال..
فبهدف الترويع أسال قتَلَة الأنبياء شلالات وشلالات من الدماء، وتتالت المجازر ضد الضحايا من سكان القرى والفلاحين البسطاء، إذ حولتهم القذائف الجهنمية إلى جثت متفحمة وأشلاء، وساند قادةُ الغرب الكافر اليهودَ عبر التهجير القسري وقوافل الشهداء، وكان لهم ما أرادوا حيث قاموا بتقسيم الأرض بين أصحابها الأصليين وبين المغتصبين المتعصبين الأعداء..!
وقد كان العرب حينها في مستوى اللحظة التاريخية، ففي سنة 1946تم عقد أول قمة عربية، أعقبها اجتماع عاجل في سوريا لوزراء الخارجية، حضره بصفة مراقب مدير المخابرات العسكرية البريطانية! وكانت الجامعة العربية في الموعد أيضا إذ شكلت “اللجنة العسكرية الفنية”، وكان إعداد “جيش الانقاذ” هو الرد السريع للدول العربية، حيث هبت جيوش المملكات لنجدة الثوار ودعم الأحزاب الضعيفة والحركة الوطنية، فقد شاركت الشام في الحرب وكذا المملكة : المصرية والعراقية والسعودية وجيش المملكة الهاشمية الاردنية الذي يقوده قائد من المملكة العظمى البريطانية! وكان الهدف المركزي إلقاء “إسرائيل” في البحر وضرب الحركة الصهيونية واستعادة الأراضي الفلسطينية..
ويا وليتاه، ويا حسرتاه فقد هُزِمت كل الجيوش العربية أمام مجموعة من الميليشيات، واندحر جيش الإنقاذ العربي على جميع الجبهات، ولم يستطع الانتصار على شرذمة مدربة من العصابات، فلم يرم “إسرائيل” في البحر ولم نسمع أخبار النصر والبطولات، بل تجرع الجيل النكبة وانهارت المعنويات!
بعد النكبة الأليمة التي شاركت فيها المملكات العربية وجلبت الانكسار، تطلعت الشعوب لقائد ثوري ملهم يمسح ذل الهزيمة والعار، يكون قوميا كاريزميا ويلتحم بطموح الجماهير المتعطشة للأخذ بالثار، فجاء “الزعيم الخالد” في الموعد كقائد لتنظيم الضباط الاحرار، القيادي المفوه الناصر الذي سيحقق لنا الثأر والانتصار!
وياحسرتاه مجددا ويا وليتاه، إن القائد المفوه الملهم الذي يتمتع بالكاريزما والدهاء، قد وعدنا بأنه سيرمي “إسرائيل” في البحرو سيُنكّل بالأعداء، وبلغ صيته العالم العربي ووصلت شهرته عنان السماء، فانتظرنا منه الانتقام للنكبة وهزيمة العرب النكراء، ولكنه في يوم المعركة أهدانا “نكسة” أليمة في ستة أيام سوداء، واكتشفنا حينها أن تهديداته للعدو كانت مجرد خطابات جوفاء..
فبدل ان يهتم القائد الخالد بمواجهة تمدد الحركة الصهيونية، انشغل الزعيم الانقلابي بمناوشة الانظمة الملكية “الرجعية”، وتشجيع “التيار التقدمي” في الأنظمة العربية الجمهورية، لقد افسح جمال المجال للصهاينة يغتصبون الأراضي ويهجرون سكان القرى الفلسطينية، مركزا على تنحية منافسيه في القيادة ليصبح الزعيم الوحيد للقومية العربية، ورمزَ رموز القوى الثورية..!
يُتبع