رأي

حكاية السنوار وطائر النار (3)

مولاي اسماعيل العلوي

في اليوم 102 من العدوان

هذه حكاية بعد النوم للأطفال، نرويها باختصار شديد للأجيال، ولا بد من الإشارة إلى أن الأحداث الواردة فيها هي محض خيال، واختيار أسماء الشخصيات كان لغرض درامي وإبراز للأبطال، ونعتذر عن الاختصار المخل فما خفي أعظم وما كل شيء يقال !
ودوام الحال في الدنيا محال
والحمد لله على كل حال

قبيل مغادرة قافلة إنجازات الأنظمة العربية الرسمية، لا بد من العروج على مساهمة المغرب الأقصى عبر التجريدة المغربية، إذ فاجأ الملك الحسن الثاني الرئيس حافظ الأسد بمشاركة عسكرية، وبعث إليه آلاف من الجنود المغاربة لتعزيز الجبهة السورية، أما الشعب المغربي الأبي فقد أطلق حملة للتبرع بالدم والمال في كل المدن المغربية، وصفها المؤرخ المغربي الراحل زكي مبارك بأنها كانت “حملة قوية”..
فقد شارك الجيش المغربي بجدارة في حرب العاشر من رمضان، ورفرف العلم المغربي في قلب سيناء وهضبة الجولان، وفوجئ العدو بهجوم مفاجئ في عيد “يوم الغفران”، ولكن بعد المعارك المشرّفة للمغاربة في القنيطرة وجبل الشيخ والتقدّم نحو مرتفعات الجولان، جاءت الأوامر من حافظ الأسد ووقع ما لم يكن في الحسبان…
فبعد أن شاركت التجريدة المغربية في إحباط خطة العدو وتقدمه في الأراضي السورية، جاءت الأوامر الفوقية بالانسحاب والتراجع إلى الخطوط الخلفية، وبقي المغاربة مكشوفين هناك بدون أي تغطية جوية، فاستهدفتهم نيران العدو المزود بطائرات «ميراج» الفرنسية و«الإف 5» الأمريكية، وإذا كان هناك من تحدث عن “خيانة” واضحة من أحد القيادات العسكرية السورية، فإن هناك من اتهم حافظ الأسد مباشرة وحمله كامل المسؤولية..!
لم تكتمل فرحة النصر في شوارعنا ولم تزغرد النساء، ولم تفرح جماهيرنا العربية بانتزاع الجولان عنوة وشبه جزيرة سيناء، فرغم التخطيط المبكر والجيد أفسد القادةُ الفرحةَ ومن جُنّدَ مِن العملاء، فبسببهم منيت الجيوش بالخسائر في العتاد وسالت الدماء، فهنيئا لكل الجيوش المتفانية من المجاهدين والجرحى والأسرى، وطوبي للشهداء..
بعد حروب الأنظمة الملكية والجمهورية وعدم تحقيقها للنصر المؤزر على الحركة الصهيونية، سقط الرهان نهائيا على دور الجيوش العربية، وترسخت القناعة بضرورة الاعتماد على النفس وتبني خيار المقاومة من أجل الدفاع عن القضية الوطنية، فبعد القيام بعدة عمليات فدائية فردية باستعمال بعض الأسلحة البدائية، تم تأسيس عدة فصائل مسلحة وبدأ تنفيذ العديد من العمليات النوعية، التي كان أغلبها من توقيع حركة “فتح” وكذا الجبهة الشعبية، ولكن بعد حين عبرت الدول العربية عن رغبتها في إنشاء كيان يتحدث باسم الشعب الفلسطيني ويحمل القضية، فتم عقد قمة عربية لهذا الغرض فتمخض عن ولادة “منظمة التحرير الفلسطينية”..
هيمن الزعيم ياسر عرفات على المنظمة رافعا شعار النضال، مصرا على التحرير عبر الكفاح المسلح لطرد الاحتلال، ولكن التمركز في الأردن ازعج كثيرا الملك الراحل الحسين بن طلال، وطفت الخلافات والصراعات الداخلية مبكرا بين الرموز الفتحاوية وليس آخرها صراع “أبو اياد” و”أبو نضال”، وهو ما جعل مسألة التحرير الكامل لفلسطين التاريخية بعيدة المنال..!
فقد نص الميثاق على أن الكفاح المسلح هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين، وهو ليس تكتيكا بل هو عقيدة استراتيجية، مشددا على عزم الشعب الفلسطيني الثابت على متابعة الكفاح المسلح والسير قدما نحو الثورة المسلحة الشعبية، وأشارت المادة العاشرة إلى أن العمل الفدائي يشكل نواة حرب التحرير الفلسطينية، كما رفض الميثاق كل الحلول البديلة عن “التحرير الكامل” وان الشعب يرفض كل المشاريع الرامية إلى تصفية القضية، أما المقاتلون وحملة السلاح في معركة التحرير فيصفهم الميثاق بأنهم نواة الجيش الشعبي الذي سيكون الدرع الواقي للمكتسبات الشعبية، أما الدولة لدى المنظمة فقد أصرت على أن تكون قائمة على أسس ديمقراطية علمانية، مع التركيز على الناحية الإنسانية من اجل استيعاب “الجميع” في الأراضي الفلسطينية، فالكفاح ليس عرقيا ضد اليهود والحرب ليست دينية او مذهبية..
هكذا احتفلت المنظمة بالكفاح المسلح وفتحت امام الفدائيين الأبواب، وكانت فكرة التحرير الشامل مترسخة في صفوف الفصائل لا يشوبها أي ارتياب، فقد رفض الميثاق التقسيم وقال إن “قيام إسرائيل باطل” وكذا تصريح بلفور وصك الانتداب، ولكن بعد حين من الدهر حدثت لقاءات سرية مع العدو الصهيوني ووقع التراجع والردة والانقلاب، وأصبح الكفاح المسلح مذموما ومستنكرا، واعترف الزعيم الختيار أبوعمار بـ”إسرائيل” علانية وأدان “الإرهاب”!

يُتبع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى