رأي

حكاية السنوار وطائر النار (4)

مولاي اسماعيل العلوي

في اليوم 103 من العدوان

هذه حكاية بعد النوم للأطفال، نرويها باختصار شديد للأجيال، ولا بد من الإشارة إلى أن الأحداث الواردة فيها هي محض خيال، واختيار أسماء الشخصيات كان لغرض درامي وإبراز للأبطال، ونعتذر عن الاختصار المخل فما خفي أعظم وما كل شيء يقال !
ودوام الحال في الدنيا محال
والحمد لله على كل حال

جاء قادة الصف الأول (في منظمة التحرير الفلسطينية) بفلسفة جديدة تتسم بالعقلانية والواقعية، فتحديد أهداف مرحلية وإعطاؤها الأولوية أمر لا يتناقض مع الثورة وأهدافها الاستراتيجية النهائية، وذلك لا يمنع من مراودة العدو عن نفسه من وراء حجاب والوصول معه بسرية تامة لتسوية، فالمرحلية النضالية تفرضها موازين القوى والظروف الموضوعية، إذ لا بد من الاعتراف بضعف القوى الذاتية للثورة وعدم تلاؤم نهجها مع الظروف الوطنية والاقليمية والدولية، فهناك بون شاسع بين الإمكانات المتوفرة والاهداف الثورية الاستراتيجية، ولا ننسى ان الزعيم المهزوم عبد الناصر قد انتقد المقاومة الفلسطينية الطموحة لممارستها “سياسة غير واقعية”، كما انتقد أبو إياد قادة الحركة الوطنية السابقين لرفضهم قرار التقسيم معتبرا الرفض العربي نوعا من المزايدة والسلبية، بل إنه يرى أن إقامة سلطة وطنية فلسطينية تشكل ضربة قاصمة للأيديولوجية الصهيونية!
وهكذا كان ما كان، وأصبحت الدولة الفلسطينية، التي سعت إليها المنظمة بتنازلاتها، في خبر كان، فلم تنسحب “إسرائيل” من الأراضي الفلسطينية بل ازداد الاستيطان والتنكيل والعدوان، ولم يسعد رابين باتفاقه ولم يفرح عرفات بالدولة المستقلة وقُتِل الرجلان، وهكذا فشل دعاة الواقعية والمرحلية النضالية وخدعهم اليهود مجددا وخذلهم الامريكان، فالفيل والحمار متفقان، وفي التفاصيل دوما يكمن الشيطان..!
بعد هزيمة 67 الكارثية، والتغييرات الجوهرية في فكر منظمة التحرير الفلسطينية، وتنكرها لفكر المقاومة وتبني مسلسل المفاوضات السلمية، ظهر تيار جديد من رحم الصحوة الإسلامية، وهو جناح من أجنحة جماعة الإخوان المسلمين المصرية، ووصف نفسه بأنه حركة مقاومة إسلامية، هدفها الجهاد ومواجهة الغزوة الصهيونية..
وقالت الحركة في ميثاقها الأول بأنها وجدت نفسها في زمن غاب فيه الإسلام، فاختلّت الموازين، واضطربت المفاهيم وتسلط الأشرار وساد الظلم والظلام، وبسبب ذلك “تنمَّر الجبناء واغتُصبت الأوطان”، فكان لا بد من “منازلة الباطل وقهره ودحره ليسود الحق وتعود الأوطان مجددا وينطلق من فوق مساجدها الأذان، وهي لا ترى أن المؤتمرات يمكن أن تحقق المطالب أو تعيد الحقوق أو تنصف المظلوم وتحقق العدل الشامل والسلام، فما تلك المؤتمرات في رأيها إلا نوع من أنواع تحكيم أهل الكفر في أرض المسلمين، ومتى أنصف أهل الكفر أهل الإيمان؟! وهي عازمة على العمل ليعود الناس والأشياء كل إلى مكانه الصحيح والله المستعان..
فلا حل للقضية عند حماس إلا بالجهاد لدحر الأعداء المغتصبين، وهو فرض عين على كل فرد من المسلمين، من أجل مواجهة اغتصاب اليهود لأرض فلسطين، ولا بد من بث روح الجهاد في الأمة لمنازلة الأعداء والالتحاق بصفوف المجاهدين، وأن يشترك في عملية التوعية العلماء ورجال التربية والتعليم والاعلام و جماهير المثقفين، وكذا تخليص مناهج التعليم من آثار الغزو الفكري الذي لحق بها على أيدي المستشرقين والمبشرين، حيث أخذ ذلك الغزو يدْهم المنطقة بعد أن دحر صلاح الدين الأيوبي جيوش الصليبيين..
لذلك تدعو الحركة إلى تربية الأجيال في منطقتنا تربية إسلامية، مركزة على أداء الفرائض ودراسة كتاب الله دراسة واعية، والاطلاع على التاريخ والتراث الإسلامي من مصادره الموثقة مع مدارسة السُّنة النبوية، دون إغفال التعرف على العدو ومواطن ضعفه وقوته وإمكاناته المادية والبشرية، ومعرفة القوى التي تناصره وحسن قراءة الأحداث الجارية..
أسست الحركة جناحا عسكريا لمواجهة الغزوة الصهيونية، وتدرجت في مواجهة العدو من الحجر والمقلاع والسكين والدهس إلى العمليات الاستشهادية، وأبلت البلاء الحسن في كل من الانتفاضة الأولى والثانية، واقتحمت المستوطنات في كل من قطاع غزة والضفة الغربية،
تفننت كتائب القسام في صنع الصواريخ التي وصفها خصومها في البداية بأنها “عبثية”، ولكنها تطورت بل نجحت في صنع طائرات حلقت فوق وزارة الدفاع الإسرائيلية، وقصفت تل أبيب وحيفا ومفاعل ديمونا بتلك الصواريخ المحلية، وها قد اقتحمت معسكرات العدو برا وجوا وعن طريق الغوص تحت البحر بوحدة الضفادع البحرية، وللحكاية بقية ..

يُتبع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى