
رمح الله شيخنا أحمد البيضي الهواري السوسي الذي عمر قرية إيغيلان بالعلم والمعرفة الفقهية، على مدى سنوات طوال، فعلى يديه خطونا إلى الأمام خطوات في النحو واللغة والصرف الذي تصرف به أبنية الكلام واستقامته قبل أن يدخل في تركيب الجمل. وأذكر أن أول علم تلقنته منه في قرية تكادرت على ضفة وادي سوس الشرقية: كان وأخواتها، كأفعال ناقصة أي أنها لا ترفع الفاعل ولا تنصب المفعول به!
وبعد انتهائنا مساء نفس اليوم من بعد صلاة المغرب، من قراءة الحزب الراتب، التفت إلي وقال: أعرب قوله تعالى “كان الله غفورا رحيما” فوفقني الله، وأنجزت المطلوب، وأرسل إشارة تدل على ارتياحه وتشجيعه لي ومن جملة ما تعلمته منه أنواع التوابع التي حددها لنا في هذا البيت:
أين التوابع في الإعراب يا رجل النعت والعطف والتوكيد والبدل
وهذا البيت المرتبط بالإعراب الذي هو تغيير يلحق آخر الأسماء والأفعال بسبب تغير العوامل. ما علاقته بتوابع شامة النحلة ومستلزماتها؟
ولا تستغربوا أو استغربوا إن شئتم. فالإعراب في سياق هذه المقالة هو الإفصاح، ففصح يفصح فصاحة، جادت لغته حسن منطقه، إنه تعبير ما، أو هو إعراب عن صداقة وعن محبة وعن معرفة أخلاقية، أو سياسية، أو اقتصادية أو اجتماعية!
فالحسن الثاني كملك لشعب يعزه ويحبه، كان باستمرار يعرب عن حبه له من خلال خطبه، ومن خلال ما يقدم عليه من منجزات، لا يمكن لأي عاقل منصف إنكارها، فالسدود التي يفخر بها الشعب المغربي، أدت وتؤدي أدوارا فلاحية واقتصادية واجتماعية ومالية، لا تقدر بثمن. وأذكر كلمة بليغة رائقة له رحمه الله، تحمل في طياتها ما يدل على نباهة صاحبها، حيث يتشوف أو يتطلع إلى ما يمكن أن يحدث لا محالة غدا أو بعد غد، فقد أخبر بأن مقدارا من الطماطم، سوف يتم الحصول بها على أداة عسكرية أو حربية هي الدبابة! يعني أن تشوفه الفلاحي من خلال الإكثار من السدود ما أمكن، لا يستطيع أي خصم من خصومه إلغاءه داخل المغرب وخارجه، بصرف النظر عن تشوفات غيرها وما أكثرها! فلنتذكر تدشينه لسلا الجديدة التي أدت ولا تزال تؤدي أدوارا أبرزها العمران الذي لم ينحصر في المساكن والمتاجر، وإنما كذلك في المعامل والمصانع، وفي القضاء على الفقر الذي كان سائدا في المنطقة، بحيث إن جل مواطنيها أصبحت حالته المادية جد حسنة، فضلا عن إكرام الفلاحين الذين يمدون المدينة الجديدة بالخضر والفواكه، والحليب، والزبادي والألبان.
وحين يقال: “من يشابه أباه فما ظلم”. لزم أن يكون خليفته محمد السادس على طريقة جده مولاي يوسف، وجده محمد الخامس، ووالده النابغة في كل الميادين: الحسن الثاني. فسلا الجديدة التي وضع والده حجرها الأساسي، تضاعف عمرانها، وازدهر الاقتصاد فيها، وفتحت دراعيها لكافة القرى والأرياف التي حولها، فاتضح لنا بالفعل أن أميرنا وملكنا قد أعرب بالمفهوم الذي اخترناه للإعراب، ولا زال يعرب في كافة المناطق المغربية. وما تعامله مع خصوم وحدتنا الترابية إلا إعراب يمارسه، وحتى تعامله من أصدقاء بلدنا وأحبائه، يضفي عليهم من الإعراب ما جعل مصير خصومنا يتضعضعون!
بينا النعت الذي هو من توابع الإعراب ومن لوازمه، صفات تحلى بها من هو على بينة من مقتضيات شامة النحلة! يكفي ا، نستحضر أمامنا في كل حين تلك اللمة المؤلفة من أخلاط لا يمكن وصفهم إلا بحثالة القوم، لأن الضمير عندهم منعدم، ومعاقبتهم التي نتوقع إنزالها بهم وعليهم، لا بد أن تكون عبرة لمن يعتبر. ورحم الله الشيخ سحنون القيرواني إذ يقول: ” ليس للأمور بصاحب من لم يفكر لها في العواقب”!
وبما أن اللمة أو الجماعة المتجبرة التي أغرتها الأموال وكافة ألوان الشهوات، لم تضرب أي حساب لعقبة من انغمست فيه من مخالفات شرعية وقانونية، فإن ما نتوقعه من عقوبات تنزل عليها، هو وحده ما يشفي الغليل، والذي يعد بالنسبة للشعب المغربي بلسما غيره لا يشفي، أو هو بمثابة ترياق تداوي بالفعل، تجنبا لتكرار نفس الزلقات المساهمة سلبيا في زعزعة الاقتصاد الوطني وازدياد الفسوق والفجور في مختلف أرجائه!!!