رأي

مسيرة الرباط الرابعة.. اختبار شعبي في معركة “فلسطين”!

دعت “مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين ” إلى مسيرة وطنية يوم الأحد (11 فبراير 2024)، وهي المسيرة نفسها التي دعت “الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع” إلى المشاركة فيها. القاعدة الجماهيرية للتنظيمين المذكورين إسلامية، وإن أطرتها بعض الخطابات القومية واليسارية هنا وهناك. تبحث الطبقة الوسطى عن بديل لمصالحها الفئوية، وكانت الحركة الإسلامية هي البديل الأقرب بعد سقوط جدار برلين. قوميون ويساريون يعرفون هذه الحقيقة جيدا، لذلك فضلوا الانخراط بمرجعيتهم في الفعل الاحتجاجي لهذه الحركة أو تلك.

كانت المسيرة حاشدة، كما كانت سابقتها التي دعت إليها “الجبهة” وشاركت فيها “المجموعة”، وكما كانت الأولى بدعوة من الهيئتين معا. الملاحظ هو أن المسيرات تكون حاشدة وأكثر تنظيما كلما كانت “الجبهة” فيها حاضرة. وعندما نتحدث عن “الجبهة” فإننا نتحدث عن جماعة “العدل والإحسان” بالضبط وبكل تأكيد.

تنزل الجماعة في المسيرات التي تدعو إليها بقوة لا ندري هل هي مقياس نهائي لمدى جماهيرية الجماعة أم لا؟! إلا أنها تؤشر على النضج الجماهيري لبديل إسلامي جديد. وهذا نضج غير النضج النظري والإيديوجي السياسي، غير أنه يؤسس لباقي أنواع النصج، ويبرز ما على أساسه يمكن الرهان في تدبير أوراش مستقبلية.

المسيرات مختبر للحركات الإجتماعية، تخاطب بها الدولة كما تخاطبها بوسائل أخرى من قبيل الأوراق والبيانات والأدبيات السياسية إلخ. وإننا نرى الجماعة تخاطب الدولة اليوم بوسيلتين: بالاستعداد للتقدم إلى الأمام في السياسة، وبالوجود الشعبي والجماهيري؛ بلغة أخرى: ب”الوثيقة السياسية” ومسيرات القضية الفلسطينية (حسب سياق اليوم). لا ينفي هذا الأمر العلاقة الوجدانية والإيديولوجية للجماعة بالقضية الفلسطينية، إلا أنها علاقة ب”ألف” معنى، “تخفي وتعلن”، عينها هناك على القدس وهنا على السياسة!

الظاهرة التي نحن بصددها ظاهرة مطلوبة وضرورية لحفظ التوازن والاستقرار، فكلما توارت حركة اجتماعية خلفتها أخرى. تشارك الأولى وتمانع الثانية، في انتظار مشاركة ممكنة بل آتية لا محالة، في شرط مغربي يأبى “بقاء ما كان على ما كان”. أما نجاعة المشاركة، حيث يكون للتنازل السياسي معنى؛ فلا تتأتى إلا بوجود جماهيري قوي يخترق كافة الفئات والطبقات والحرف والأعمار. من يحوز هذا الشرط في سياق أشبه ب”فراغ سياسي”، عليه أن يراجع أوراقه جيدا ودون أن يخسر قاعدته الجماهيرية. ذاك هو الرهان، وهذا هو التحدي!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى