
لا زال الشيخ مولود السريري يصر على مواصلة معركة التحرير في موضوع التقاشير. واليوم يواصل حمل راية جهاد غلوه بأن قال في نبرة التحدي وامتلاك الحقيقة الشرعية وحده دون باقي الفقهاء من السابقين واللاحقين، وبجرعة زائدة من القول لم يسبقه إليه إنس ولا جان. فقال هداه الله تعالى:” الذين يقولون بأن من مسح على التقاشير صحت صلاته، لا تجوز الصلاة وراءهم. ومن عُرف من الأئمة بأنه يقول للناس هذا الكلام لا تجوز الصلاة وراءه، لأن صلاته باطلة، وكذلك صلاة من يصلي أمامه، من جلس في المسجد، وسأله الناس عن المسح على التقاشير وقال لهم بأن ذلك جائز، لا تجوز الصلاة وراءه، لأنه لا يصلي، ترك فرضا من فرائض الوضوء وهو غسل الرجلين”.
هذه هي الجرعة الزائدة اليوم التي لا أعرف في المذاهب ولا القواعد الشرعية ربط البطلان بالقول. سمعتها اليوم من الشيخ مولود.
فمجرد الحديث عن الموضوع، وقولك وأنت على طهارة مائية: إن المسح على التقاشير تصح الصلاة به، يجعل صلاتك باطلة بقولك هذا عند الشيخ.
وإذا كنت في المسجد وسمعت الإمام يلقي درسه وسط الجمهور، ويقول وهو على كامل الطهارة المائية، والرجل غير ماسح رجليه؛ ولا محتاج للمسح أصلا، فالصلاة وراءه باطلة لأنه قال هذا القول في نظر الشيخ وفقهه الجديد.
بل لو مسحت على الطريقة السريرية المرتضاة عنده، لكن قلت للناس: إن صلاة الماسح رجليه على التقاشير صحيحة مجزئة كان قولك هذا مدعاة للريبة في شأنك، و يستوجب هذا القول منك بطلان صلاتك، بل يستوجب ترك المأمونين الصلاة وراءك.
هذا هو الفقه السريري الجديد: بطلان الصلاة بمجرد القول والحديث في موضوع فقهي.
قد يقول قائل: هو يقصد، إذا مسحت.
قلت: لم أفهم أنا هذا من صريح عبارته ومنطوق كلامه الذي نقلته لكم لتعرفوا أن الرجل ربط البطلان بالقول. وإلا فسدت اللغة بهذه الطريقة، وتأولنا الكلام على غير موجبه ووجهه. فيجب قبل إطلاق الأحكام إحكام العبارة فهي ذريعة المعاني.
وأما قوله ببطلان صلاة الماسح على التقاشير فقد سبق أن بينا شططه وعدم سداده في هذا الموضوع ذات وقت من الأوقات، و أكدنا أنه لو ربطه بالمذهب، أو بالقول المشهور فيه، لكان موفقا سعيه. لكنه وعلى عادته يطلق العبارات، ويدخل في التعميمات، و يستعين بالتهويل والتهجمات…
للأسف:
ـــــــــــ
عندما لا ينضبط المسلم للقواعد الفقهية وإن لم يقل بفروعها تكون هذه الكوارث التي ذكرتم سيدي، فتشغلون الناس بما لهم فيه وسع، وتضيقون وتبطلون وتنسخون وتمسخون….
على المشتغلين بالعلوم الشرعية أن يتقوا الله ربهم في إخوانهم من أهل القبلة من سائر المذاهب الفقهية التي ارتضتها الأمة وارتضت أصحابها أئمة أعلاما في الدين. فإن ضاقت صدورهم فنناشدهم الله أن يبتعدوا عن الكلام في الدين. لأن الكلام في الدين إنما هو لأمناء الشريعة لا أمناء المذهبية أو وجه فيها.
وعلى أخينا الشيخ مولود وأتباعه ومن ارتضى قوله أن يترفق في باب الخلاف، وأن يكون هصورا فيما أجمعت الأمة عليه.
للأسف كثير من الشيوخ ينتعشون فيما يسع المسلمين الخلاف في الرأي، وتنتفخ اوداجهم، وتتمعر وجوههم في باب الوسع في الإسلام، ولا تسمع لهم ركزا في باب القواطع الشرعية التي تنتهك بلا خلاف بين الأمة كلها.
فما هذا العبث بالدين!!
اللهم رحماك