
الكثير منا سمع المجاهد الملثم ، الناطق باسم كتائب عز الدين القسام أبو عبيدة ، وذلك عندما يختم بلاغه العسكري بهذه الكلمات الثلاث : ( وإنه لجهاد – نصر – أو استشهاد ) ، في الحقيقة هذه خارطة طريق المعركة بشكل موجز ، والكلمة الأخيرة هي وقود معركة طوفان الأقصى ، و هي سر صمود المقاومة الفلسطينية رغم قوة الضربات ، لأنها ببساطة أسمى أماني كل مجاهد في سبيل الله ، لهذا سيكون الموضوع حول الشهيد و الإستشهاد ، لقد وعد الله الشهيد بالجنة والحور العين والمغفرة ، في الواقع هذه محفزات كبيرة وثمن غال يقبضه الشهيد ، وبلوغ درجة شهيد هي غاية تستحق كل التضحية ، لكن لابد من ثمن يدفع لأن سلعة الله غالية ، والجزاء يكون طبعا بعد القتل و مفارقة الدنيا ، هنا يكمن الإشكال لأن الأمر غيب وفيه مخاطرة بالنفس ، إن نبي الله إبراهيم عليه السلام ، قد طلب من الله مشاهدة إحياء الموتى عيانا ، وذلك من أجل أن يطمئن قلبه وهو المؤمن الصادق الإيمان ، و إبراهيم عليه السلام ملقب بخليل الرحمان ، وهي درجة عالية من التزكية أن تكون خليل رب العزة ، فما بالك بمن هو دونه مرتبة ويقينا ، هذه أسئلة و شكوك تنتاب كل شخص مقبل على الإستشهاد ، وهذا أمر عادي لأن الإنسان يريد أن يطمئن لما بعد الموت ، فلا ريب أن هذا العمل يحدد مصير الإنسان بعد الموت ، وكما يقال : ( الإنسان عدو ما يجهل ) ، وهذا إلى حد ما صحيح لأن القضية هنا تتعلق بالغيب ، إن قصور الجنة وأنهارها والحور العين ونعيم القبر ، فكل هذا غيب لا سبيل لمشاهدته إلا في الآخرة ، والله يؤكد ذلك بقوله تعالى : ( … ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون …) ، وفي أية أخرى ( … ولا تحسبن الذين قتلوا…) ، المهم أن في قوله تعالى : (..لا تشعرون ..) وكذلك (..لا تحسبن ..) إشارة إلى شيء مستتر عنا ، وبذلك يكون الله عز وجل قد نبهنا بلطف وحدثنا عن غيب مخفي عنا ، و نهانا كذلك عن قول أموات وأكد لنا أنهم أحياء عند ربهم يرزقون ، فعندما يؤكد لنا سبحانه وتعالى أنهم أحياء عند ربهم يرزقون ، فهو يعلم مسبقا أننا نرى فقط الظاهر من الأمر كله ، كيف لا وهو اللطيف الخبير بذات الصدور ، لأن الظاهر المشاهد فعلا هو مجرد : (جثت هامدة و دماء و أشلاء متناثرة ) ، لهذا كان الإقدام على العمل الإستشهادي مهيبا و صعبا ، إلا على من وفقه الله لذلك و اصطفاه من دون خلقه ، أنا هنا لا أتحدث عن الألم الشديد عند الإصابة ، وكذا ألم مفارقة الأحبة من زوجة وأبناء ، لا هذا الكل فيه سواسية لأن الجميع إلى زوال ، سواء كان الشخص شهيدا أو ميتا ميتة عادية ، فلابد من ألم السكرات عند خروج الروح ، لكن الصعوبة هي أن يصل المقاوم إلى درجة اليقين بالله ، حيث يعتقد جازما أن وعد الله حق وأن مصيره الجنة ، وأنه بينه وبين الجنة مفارقة هذه الدنيا إلى رضوان الله الأبدي ، عند بلوغه هذه الدرجة من الإيمان والنية الخالصة ، لن تستطيع قوة في الدنيا قهره ودفعه لكي يستسلم ، لهذا السبب بدأ الكثير من الأوروبيين دخول الإسلام ، بعد أن عادوا لدراسة القرآن من جديد لفهم سر هذا الصبر ، والغرب الملحد و المتكبر لن يستطيع فك شفرة اليقين ، لهذا فهم مرتبكون منقسمون و دب في صفهم الرعب ، و يعتقد الصهاينة و الأمريكان ومن والاهم من المنافقين ، أن فقط مزيدا من القتل والتجويع كاف لدفع السنوار ، وكذلك أمثاله من المجاهدين فوق الأرض وتحتها ، إلى إلقاء السلاح وقبول شروط الذل المملاة عليهم ، وأنا على يقين أن المقاومة منتصرة إن شاء الله ، وأن جيش العدو الصهيوني مهزوم و سيولي الدبر ، باختصار هي معركة بين الإيمان والكفر ، ( والله غالب على امره ولكن اكثر الناس لا يعلمون) ، في الختام مسرور المراكشي يقول لكم أهل غزة : حفظكم الله آواكم الله ثبتكم الله نصركم الله ✌🏼
23 / 02 / 2024