
الناظر في أحوال الناس اليوم يحس بمدى الحزن والكآبة اللتان تعلوان الأوجه وتظهران في التصرفات إما بشكل حاد او بشكل وجوم وصمت غير مفهومين عند الخاصة والعامة،فهل الصيام هو السبب ام ان الأمر يرجع إلى ثقافة دينية تعشش في الأفئدة جعلت الناس يظهرون القنوط والتوجس في الأعمال والاقوال أساسها خطابات عديمة الفهم ناقصة الادراك غير مجتهدة ولاتكلف نفسها استجلاء مقاصد الصوم وأسراره؟
فالفرح حاجة نفسية،ومطلب ملح،وغاية مبتغاة وهدف منشود،وكل الناس يسعى إلى فرح قلبه وإزالة همه بما يتاح من الوسائط والوسائل، الفرح لذة تستجلب بادراك محبة المحبوب،والحزن في فقده وفقد رعايته وعنايته،الفرح فوق الرضى لأن الرضى طمأنينة والفرح لذة وبهجة، فكل فرح راض وليس كل راض فرح.
والفرح نوعان مطلق ومقيد،مطلق كماقال فيه الله تعالى:” لاتفرح إن الله لا يحب الفرحين” ومقيد بذكرفضل او نسيانه،فإذا ذكر الانسان فضل الله عليه فرح وهو محمود ، قال الله سبحانه وتعالى: “قل بفضل الله ورحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون” وإذا نسيه اونسي افضال الله عليه كان مذموما،قال تعالى” حتى إذا فرحوا بما اوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون”
والفضل هوالهدى و الرحمة والموعظة وشفاء الصدور وكل أولئك هو الفرح الحقيقي.
والفرح بالله ورسوله وبالايمان والقرآن الكريم والسنة النبوية من أعلى واغلى مقامات الفرح الدالة على صدق الفهم والتوجه.
وشهر رمضان الابرك هو سوق الآخرة يعرض كل هذه الأفضال والمكرمات عرضا مغريا تزيده كلمات رسول الله صلى الله عليه وسلم سؤددا وعلوا،يقول صلى الله عليه وسلم” للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه”
يقول ابن رجب: “أما فرحة الصائم عند فطره،فان النفوس مجبولة على الميل إلى مايلائمها من مطعم اومشرب أو غيرهما،فإذا امتنعت من ذلك في وقت من الأوقات ثم ابيح لها في وقت آخر فرحت بإباحة ما منعت منه”
وأما فرحة المسلم عند لقاء ربه،فيقول إبن رجب: ” ففيما يجده الصائم عند ربه من ثواب الصيام مذخرا”
قال تعالى” وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا”
وقال أيضا” يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا”
فلنخلع معطف الحزن والقنوط،ولنلبس لباس الإيمان والتقوى.
فهذا موسم الفرح موسم الطمأنينة موسم الرضى ،فهذاشهر رمضان شهر الله سبحانه وتعالى، فيه ليلة هي خير من ألف شهر،فبشروا عباد الله ولاتنفروا واغتنموا وافرحوا ووزعوا الفرحة على الأهل و الولد والارحام، قال صلى الله عليه وسلم:” بلوا ارحامكم ولو بالسلام”
رمضان مبارك سعيد
وكل عام وانتم بالف.