رأي

همسة في رمضان : رمضان و الجالية المغربية

محمد كندولة

حكى لي أخ كريم قضى أسبوعا في بلد من بلاد أوروبا ، وقد كره هذه الرحلة، قلت له لم؟ قال : أسبوع وانا بعيد عن بلدي و أسرتي وأهلي قلت له :
سافر تجد عوضا عمن تفارقه **وانصب فان لذيذ العيش في النصب
قال : الأمر غير هذا ، قلت : وما الأمر؟ ،قال : لم اسمع الأذان لمدة سبعة أيام وقد اعتدت سماعه في بلدي في كل وقت و حين ، قلت وكيف حال من يعيش طوال حياته هناك ؟ قال : كان الله في عونهم ،قلت :فليسمع كل من لا يشعر بهذه النعمة ولا يقدر قيمتها .
وفي قصة أخرى طلب مني احد الأقارب يسكن في بلاد المهجر أن أوافيه بورقة تتحدث عن التربية الجنسية من منظور إسلامي ليشارك بها في لقاء تربوي تحسيسي عبر منصة التواصل تنظمه المدرسة التي يدرس فيها أبناؤه، وذلك لمواجهة فلسفة الغرب الداعية للإباحية و العلاقات الرضائية منذ المراهقة ومحمية بالقانون ومتابعة صحيا من طرف الأطباء الجينوكولوكين . فلبيت الطلب.
إن تحديات أسر الجالية في الخارج كثيرة ، تحتاج منا إلى نظرة موضوعية تنبني على دراسات وإحصاءات و معطيات ميدانية وذلك لتكوين تصور كامل حول هذه الفئة من الناس خصوصا إذا علمنا أنها تنقسم إلى ثلاثة أنواع :
1) النوع الأول من هذه الفئة يحافظ على الإسلام و الهوية المغربية ويستحق بذلك التنويه و الاعتزاز و التحفيز لوقوفه الصامد أمام أهوال و مصائب و فتن الجاهلية الغربية.
2) النوع الثاني من هذه الفئة يحافظ على دينه و لم يرتد ، لكنه قطع صلته بالوطن ، وتخلى عن الجنسية المغربية ، لا يزور المغرب إلا للسياحة أو لقضاء بعض المصالح الإدارية ، أو لنقل إجمالا يزور البلد بالبدن لا بالروح.
3) النوع الأخير ، وهم أقلية لحسن الحظ، تخلوا وللأسف عن الدين و الهوية الوطنية ، يلتزمون بدستور البلاد الذي يعيشون فيه وينشدون نشيده الوطني يحللون حلاله و يحرمون حرامه .
إنها وضعية تسائل الجميع أسرا و عائلات ،إذ لا يخلو بيت من بيوت المغاربة إلا و يوجد فرد مهاجر أو أسرا بكاملها .
إنها وضعية تسائل العلماء و الدعاة و الوعاظ و الخطباء وكل الفاعلين الرسميين و المدنيين للقيام بدورهم للتحسيس بهذه الجالية التي تخضع للمسح اللغوي و المسخ الهوياتي الديني و الوطني.
فالأمر يدعوان جميعا للمساهمة في حل مشاكل هذه الفئة من أبناء الوطن وذلك بوضع إستراتيجية للعمل و التواصل لجمع الكلمة و محاربة التفرقة و القضاء على الإحساس بالغربة .
الأمر يدعونا لنشر منهاج للوسطية و الاعتدال لرفع الكلفة و الحرج ، درءا للمفاسد و استجلابا للمصالح ، و ذلك باعتماد فقه الأقليات في بلاد غير المسلمين ، وذلك بتنظيم الندوات فتحا لباب التفكير و الاجتهاد ،بما يستلزم ذلك من تدريب للدعاة و المربين و اختيار للبرامج و المناهج مع محاربة العشوائية و الارتجالية وثقافة الريع و الزبونية .
تقبل الله منا ومنكم الصلاة و الصيام في بلد الأمن و الأمان و الإيمان.

الأربعاء 20 مارس 2024 موافق 09رمضان 1445

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى