رأي

..فدائيو” الجزيرة “

مسرور المراكشي

المقصود هنا هي قناة الجزيرة. القطرية، التي يكفيها فخرا انبهار الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي بمستواها الإعلامي الراقي، وقال موجها كلامه للإعلاميين الفرنسيين : ( يجب أن تكون عندنا قناة مثل الجزيرة، أو قناة CNN الأمريكية)، والرئيس الفرنسي يدعو هنا لتكون القناة ملهمة للإعلام الفرنسي، وهذا اعتراف مهم من رئيس دولة عنصرية تكره العرب، و المعروف عن الفرنسيين عامة التكبر، لهذا اختاروا الديك كشعار لهم..!!، طبعا هذا الثناء من رئيسهم على الجزيرة لم يأتي اعتباطا أو مجاملة، بل عن جدارة و استحقاق، فهناك مجهود جبار قامت به دولة قطر لبلوغ هذه المرتبة المتقدمة، ولا نجانب الصواب إن قلنا أن حرب الإعلام أشد خطورة من غيرها ، لقد تزامن انطلاق معركة طوفان الاقصى المباركة، مع انطلاق الحرب الإعلامية الشرسة و الملتهبة، حيث التضليل و التعتيم و الكذب البروبغندا، مع تزوير الحقائق، وفي قلب هذا الصراع الإعلامي الملتهب تجد الصورة، وفي قلب هذا الحدث تجد قناة الجزيرة، لله در هذه القناة لقد فضحت نفاق الصهاينة خاصة، ونفاق الاوروبيين و الأمريكان عامة، لقد عشنا منذ زمن بعيد على كذبة كبيرة، مفادها أن الغرب يحترم حرية التعبير و الصحافة، حيث تعتبر السلطة الرابعة، وهي أساس حرية التعبير عند القوم، و استعملها الغرب في حربه الإديولوجية مع روسيا و الصين، حيث يزعم الغرب أنه يمثل (العالم الحر)، في مقابل دكتاتورية الشرق الشيوعي، وقام في هذا الإطار بنصب تمثال (الحرية) بولاية نيويورك، قد نعتبر كلامهم عن احترام حرية الصحافة إلى حد ما صحيح، لكن السؤال المطروح هنا هو متى يحترم الغرب حرية الصحافة بالفعل..!؟، مع الأسف الجواب يفضح نفاق الغرب، ويظهر إزدواجية التعامل و المعايير، فعندما يكون الغرب مستفيدا من عمل الصحافة، و مصالحه الإقتصادية و السياسية والثقافية في مأمن، تجده مدافعا عن حرية التعبير بشكل شرس، مادام هجوم الصحافة لا يعنيه و يستهدف معتقدات الشعوب الأخرى، ويصب في مصلحة الغرب الصهيوصليبي، مثلا رسوم مسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، اتهام المقاومه الفلسطينيه بالإرهاب، اتهام حماس بذبح الأطفال و اغتصاب النساء، إلى غير ذلك من التهم الباطلة طبعا، لكن عندما تصبح مصالح هذا الغرب المنافق مهددة بشكل مباشر، هنا يتنكر لحرية التعبير و الصحافة ولكل ما من شأنه كشف الحقيقة، ولسان حاله يقول: ( يلعن أبو الصحافة وحرية التعبير)،ثم يسعى بعد ذلك جاهدا لطمس الحقيقة بكل الوسائل، إن حوالي 50 بالمائة من الصحافيين في العالم، قد تمت تصفيتهم في الحروب بطرق مباشرة أو غير مباشرة، وذلك على يد الجيش الأمريكي وحلفاؤه المتصهينين، وما يقع لمراسلي الجزيرة اليوم في غزة وكل فلسطين، هو تأكيد لهذا الأمر مع الأسف الشديد، لهذا كان عنوان هذا المقال ( فدائيو الجزيرة )، وهم فعلا كذلك فعندما يضع المراسل الخوذة على رأسه، ويلبس الصدرية و يمتشق الكاميرا، ثم يوجه عدسة الكاميرا قصد تصوير هدف ثابت أو متحرك، الذي يحاول العدو جاهدا إخفائه عن أنظار العالم، فتكون بذلك إصابة الهدف بدقة عالية و بشكل مباشر، و هذا يشبه تماما قاذف الياسين105عند تدميره هدف ثابت أو متحرك، إن هذا يعد مراسلا استشهاديا بكل ما تحمل الكلمة من معنى، لأن العدو يعتبره هدفا مشروعا لا فرق بينه وبين من يحمل بندقية، بل تعدى الأمر إلى استهداف حتى عائلة الصحفي، وما مثل المراسل البطل وائل الدحدوح عنا ببعيد، لقد نصح الرسول صلى الله عليه وسلم، المؤمن بأن يصلي صلاة مودع، وعليه فعلى مراسل الجزيرة كذلك تصوير صور مودع، فقد تكون هذه آخر صور يلتقطها أو آخر تقرير يبثه، لقد صادق الكنيست الصهيوني على قانون، أطلق عليه اسم (قانون الجزيرة)، يسمح لنتن ياهو بإغلاق قناة الجزيرة، وهذا وسام شرف على صدر هذه القناة المناضلة، التي دوخت الكيان و فضحته على رؤوس الأشهاد، إن حضور مراسلي الجزيرة في قلب الحدث، وعلى مدار الساعة في بث مباشر لمجازر المدنيين، هذا ضيق الخناق إعلاميا على جيش الاحتلال، و هاهو المجرم نتن ياهو بعد أن ضاق ذرعا بهذه القناة، وعلى رأي سلفه المقبور إسحاق رابين في غزة، أصبح الإرهابي نتن ياهو كذلك يتمنى : ( أن يستيقظ صباحا و يجد البحر قد ابتلع قناة الجزيرة)، صدقوني إن بلوغ القناه هذه المرتبة الرفيعة، كان بعد صبر و سهر و تضحيات و استشهاد العشرات من مراسليها، فهي فخر الإعلام العربي بلا منازع، لكن الإعلام في عالمنا العربي( لاهو في العير ولا في النفير )، تجده متمركزا حول شخص سيادة الرئيس(المبجل)، ويقدم في كل وقت وحين بمناسبة أو بدونها، نشرات إخبارية مملة عن إنجازات فخامته العظمية، ولكم نموذج من صحافة وإعلام أكبر دولة عربية، حيث تجد كم هائل من التطبيل و التزمير لشخص الرئيس، فهناك من قال أنه أعجوبة الزمان و هدية من السماء لمصر، و قالوا عنه كذلك إنه فلته من فلتات الزمان عز نظيره..، إلى غير ذلك من مثل هذه الخزعبلات التي لا يصدقها إلا أحمق، مباشرة عند ضغطك على زر تشغيل إحدى قنوات (أم الدنيا)، يبدأ مسلسل التطبيل : استقبل الرئيس ودع الرئيس ضحك عانق سافر شرب..)، في الحقيقة لا ننتظر الكثير من إعلام الإنقلاب، صحافة الثورة المضادة إعلام الردة، هذه قنوات أقرب لقنوات الصرف الصحي أعزكم الله، منها لقنوات إعلام حقيقي يواكب أحداث العالم بشكل مهني، إنها التفاهة في كل الميادين قنوات : ( إيسح إيدح إيمبو، الولد طالع لبوه)، وصحافة من نوع ( شاهد مشافشي حاجة)، في الأخير مسرور المراكشي يترحم على شهداء الكاميرا، الذين أدوا ثمن كشف المستور من أخبار العدو، قال تعالى: ( مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) (23) وإنه لتصوير فضح كشف أو استشهاد ✊🏼✌🏼
7/04/2024

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى