الهيئة المغربية للعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان ترصد الوضع المزري للعاملين في قطاع الحمامات في غياب قانون مؤطر.
اطلالة بريس

أصدرت الهيئة المغربية للعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، بلاغا رصدت فيه معانات العاملين والمعاملات في قطاع الحمامات، وما يتعرضون إليه من ظلم وهدر للكرامة، بلغ حد احتجاز وعدم تقديم المساعدة لإحدى العاملات التي كانت في حالة خطر داخل الحمام وأثناء قيامها بعملها، كل ذلك في غياب قانون يؤطر هذا القطاع ويحفظ حقوق العاملين به.
نص البلاغ كما توصلت به جريدة اطلالة بريس :
بلاغ إلى الجهات المختصة والرأي العام
تتابع الهيئة المغربية للعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان بقلق شديد، ما تعرضت له السيدة ( ف.س)، حسب ما صرحت به للهيئة في طلب مؤازرتها ، بأنها كانت ضحية العمل في ظروف غير لائقة، وضحية احتجاز وعدم تقديم المساعدة لها من طرف رب عملها بعد سقوطها بمكان اشتغالها، ورفضه بعد ذلك مساعدتها في مصاريف العملية، حيث نتج عن سقوطها كسر مزدوج على مستوى كعب رجلها اليمنى اضطرها إلى إجراء عملية ووضع الحديد حتى تتمكن من المشي على رجليها مرة أخرى.
وحسب ما جاء في طلب مؤازرتها، فإن السيدة (ف. س) كانت تعمل ك ( كسالة) بالحمام التركي المتواجد بتراب عمالة اسباتة، في ظروف جد قاسية، تجلت في فرض صاحب الحمام عليها وعلى باقي العاملات لديه، العمل مدة 24 ساعة متتالية، و النوم داخل الحمام، حيث يبدأن العمل من الساعة التاسعة صباحا وينتهين في حدود الساعة التاسعة صباحا من اليوم الموالي، و أنها بتاريخ 08 فبراير 2024، وفي حدود الساعة الثانية و النصف صباحا، وبعد انتهائها مباشرة رفقة زميلاتها من تنظيف الحمام، تعرضت للسقوط من الدرج مما سبب لها ألما شديد جدا استلزم نقلها إلى أقرب مستشفى، لكن زميلاتها اللواتي حضرن واقعة السقوط وما وقع بعدها أخبرنها بأن صاحب الحمام رفض استدعاء سيارة الإسعاف ومنع خروجها من الحمام، حيث أمر المسؤولة عنهم بإطفاء الأنوار و إقفال الباب من الخارج كما هي العادة، إلى صباح اليوم الموالي على التاسعة صباحا، كما أمر بإحضار احد أقاربها ليقلها، مما اضطرها إلى استقلال سيارة أجرة رفقة زميلات لها، والذهاب إلى مستشفى سيدي عثمان حيث قامت بإجراء صور أشعة على مستوى رجلها اليمنى ليتبين إصابتها بكسر مزودج على مستوى كعب رجلها اليمنى – حسب ما تثبته صورة الأشعة والملف الطبي-، مما اضطرها بتاريخ 11 فبرابر 2024، بمساعدة المحسنين، من إجراء عملية جراحية بمصحة المعاريف،
كل هذا ورب العمل صاحب الحمام المذكور لم يقم بأي شيء اتجاهها ،لا هو أسعفها ولا سمح بنقلها فور سقوطها إلى المستشفى لتلقي العلاج المناسب، كما رفض مساعدتها في مصاريف العلاج بعد أن لجأت إليه مباشرة قبل إجرائها للعملية.
وحسب ما رصدته الهيئة من خلال زيارة ميدانية فإن السيدة ( ف.س) تبقى المعيلة الوحيدة لأبنائها الثلاث القصر، وتعيش وضعا اجتماعيا جد صعب، حيث تقطن رفقة أبنائها الصغار، في بيت غير صالح للسكن، يتكون من غرفة واحدة بدون نوافذ مما يمنع دخول الشمس والهواء، ويضطرها إلى إشعال الضوء ليلا ونهار، كما أن هذه الغرفة مقسمة إلى جزئين بواسطة قطعة قماش( خامية)، حيث يستغل جزء من الغرفة للمعشية والنوم والجزء الباقي يستعمل كمطبخ، كما هو موثق في بعض الصور.
وكما هو معلوم فإن قطاع الحمامات بالمغرب لازال قطاعا عشوائيا غير مؤطر وغير مهيكل، مما يجعل من العاملين فيه عرضة لأسوء أساليب الاستغلال من طرف بعض أرباب الحمامات، الذين يستغلون هذا الفراغ القانوني، والنازلة هاته تؤكد واقع الحال،
حيث أن صاحب الحمام التركي رب عمل السيدة (ف.س ) وحسب تصريحها دائما، استغل هذا الفراغ القانوني، ولم يقدم المساعدة اللائقة لها عندما كانت في حالة خطر بل تمادى إلى احتجازها دون إرادتها، كما ويفرض على العاملات لديه العمل مدة 24 ساعة متواصلة تتخللها فترات استراحة قصيرة من أجل الأكل، وساعات نوم قليلة لا تتعدى الثلاث أو أربع ساعات، و يعرضهم في أحيان كثيرة للسب و الشتم.
و بهذه الأفعال المنسوبة إليه يكون صاحب الحمام التركي، قد خرق العديد من القوانين، وعلى رأسها الفصل 431 من القانون الجنائي، الذي يجرم الممتنع عن تقديم المساعدة لشخص في حالة خطر بالسجن مدة تتراوح ما بين 3 أشهر وخمس سنوات.وهو ما وقع مع السيدة (ف.س )، حسب ما جاء في نص طلبها لمؤازرة الهيئة، و كذلك الفصل 436 و 436-1 من ق.ج فيما يخص الاحتجاز.
وبتعريضه للعاملات لديه “للسب”، يكون حسب المادة 40 من مدونة الشغل قد ارتكب “خطأ جسيما”،وهو الفعل الذي عرفه المشرع ضمن مقتضيات القانون الجنائي من خلال الفصل 443 حيث جاء فيه ” يعد سبا كل تعبير شائن أو عبارة تحقير أو قدح لا تتضمن نسبة أي واقعة معينة”، وعقوبته الحبس لمدة تتراوح بين شهر واحد وستة أشهر، وغرامة تتراوح بين 10 آلاف و50 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
كما أن الحق في الكر امة يعد أحد الحقوق التي كرست بمقتضى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 10 دجنبر 1948 عبر ديباجته و كذلك بمقتضى المادة الأولى منه، ما يجعل لهذا الحق المكانة الهامة ضمن الحقوق التي تٌكفل للإنسان بصفة عامة، وللسيدة( ف.س) بشكل خاص، و يجب حمايتها
كما خرق صاحب الحمام التركي أيضا مقتضيات الفقرة الأولى من المادة 184 من مدونة الشغل التي تقول ” تحدد في النشاطات غير الفلاحية مدة الشغل العادية المقررة للأجراء في 2288 ساعة في السنة أو 44 ساعة في الأسبوع، وخرق مقتضيات الفقرة الثانية من نفس المادة والتي تقول أنه ” يمكن توزيع المدة السنوية الإجمالية للشغل على السنة حسب حاجيات المقاولة شريطة ألا تتجاوز مدة العمل العادية عشر ساعات في اليوم مع مراعاة الاستثناءات المشار إليها في المواد 189 و190 و192.
وأمام هذه الانتهاكات التي تعرضت لها السيدة (ف.س)، و يتعرض لها ما يفوق 200 ألف من العاملين والعاملات بما يمس كرامتهم واستقرارهم الأسري، في قطاع غير مهيكل ولا يخضع إلى أي قانون مؤطر يضمن لهم حقوقهم وبؤطر واجباتهم، مما يشجع بعض أرباب الحمامات على استغلال الفراغ القانوني وممارسة سلوكيات غير قانونية و أخلاقية يجرمها القانون.
والحالة هاته فإن الهيئة المغربية للعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان تطالب:
– النيابة العامة بفتح تحقيق في هذه النازلة من أجل الوقوف على ما جاء في نص طلب مؤازرة السيدة (ف.س) الموجه إلى الهيئة،
– وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة بتحمل مسؤوليتها اتجاه هذا القطاع والعاملين به، والتسريع في إخراج قانون منظم و مؤطر لهذا القطاع الذي يعرف فوضى عارمة،
– أن تتحمل النقابات التي ينضوي تحتها العاملون والأرباب مسؤوليتها، بالوقوف الجاد، من جهة، على ما يعيشه العاملون من مشاكل وانتهاكات وتضييع لحقوقهم والعمل على الحد منها، ومن جهة ثانية، الضغط بكل الوسائل المشروعة والقانونية، لتسريع خروج القانون المنظم للقطاع.