رأي

التآمر على العمران الاسلامي قديم جدا.

محمد كندولة

خلق الله الانسان ، فسواه ، فعدله ، في اي صورة ما شاء ركبه ،ثم كلفه ليقيم منهج الله على الارض ، وذلك امتحان له ، وابتلاء به ، ويسر له جميل السبل للقيام بهذه المهمة ، مهمة الاستخلاف في الارض ، وطريقها الواضح المستقيم ، و معيارها الدال عليه هو الاحسان في العمارة القلبية و الروحية و الوجدانية ، ويلحق بها المارة الشكلية المادية ، التي لا يمكن ات تنفك عن اختها الاولى ، فهما عمارتان تتطلبان فهما اولا ، ومجهودا ثانيا ، واذا كان يبدو ان الانسان المسلم يعتني بالأولى دون الثانية ، فهذا مؤشر على نوع التربية التي تعطاه ، والخطاب الذي يسمعه ، و التوجيه الذي يقدم له ، فكلا العمرانان مهمان ، ودليلنا على ذلك الاستهداف الذي يقع لهما ، و المؤامرة التي تدير لهما منذ بزوغ الدعوة الاولى ، في المرحلة المكية و المدنية ، فكان التشكيك أسلوب الأعداء ،والتجهيل طريق الغرماء ، والذي لا يعرفه الناس هو ما يتعرض له المسجد من تضييق و تحقير واهانة ، فكان استهدافا للحصن الذي يحمي الروح و القلب ، باعتباره اي المسجد هو الوعاء الذي يستر جوهر الايمان ، فاستهدافه ظاهريا او باطنيا هو استهداف للعقيدة ، ولهذا نخلص ان المؤامرة التي يتعرض لها العمران الشكلاني فيه بالتطابق استهداف للعمران الروحي الوجداني ، للإسلام عموما فمن هنا تبدا القصة التي توضح هذا كله فنقول : لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة واستقر بها محفوفا بالأنصار المؤيدين و المهاجرين الصابرين ، كان هناك رجل يدعى أبو عامر الراهب ، من اشراف القوم ، تنصر في الجاهلية ، واتخذ المسيحية دينا له ، كان الناس يحترمونه ويوقرونه ،الا انه لم يستجب لدعوة لرسول الله صلى الله عليه و سلم الذي كان يجالسه ، ويقرأ عليه القران الكريم ، ويناظره قيما يعتقد انه الدين الحق ، لكن الرجل لم يرد الدخول في زمرة الانصار المؤدين ، و ازدادت حميته ، واشتد غضبه حين انتصر رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر الكبرى ، التحق الرجل بالمشركين بمكة يؤلب قريشا على أخذ الثأر ، و الانتقام لموتاها ، فكانت غزوة احد ،التي خرج في بدايتها مبارزا ، وكان من صنائعه حفر عدة حفر بين الصفوف سقط رسول الله صلى الله عليه و سلم في احداها ، فجرح صلى الله عليه و سلم ، وكسرت رباعيته ، وشج رأسه الشريف ، وكان النصر حليف المسلمين في البداية ، لكن انقلب هزيمة بسبب حيلة خالد بن الوليد ، وظن الناس ان الرسول صلى الله عليه و سلم قد مات ، فرح ابو عامر الراهب في البداية ، لكن لما سمع ان النبي مازال حيا ، فر الرجل الى هرقل ملك الروم يستنصره ، فوعده ومناه بتلية طلبه ، فكتب ابو عامر الى جماعة المنافقين في المدينة يمنيهم بالنصر على محمد صلى الله عليه و سلم ،بإيعاز من هرقل ، وطلب منهم اتجاذ معقل يجمعهم ومرصد لاستقباله عند دعوته ، فشرعوا في بناء مسجد مجاور لمسجد قباء ، وطلبوا من رسول الله صلى الله عليه و سلم الاتيان للصلاة فيه ، فرد عليهم انه مسافر الى تبوك ، وعند الرجوع امر بهدمه قبل الدخول الى المدينة ، بعدا اعلمه جبرائيل عليه السلام بأن المسجد مسجد ضرار وكفر ونفاق قال تعالى :” والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين و إرصادا لمن حارب الله و رسوله من قبل ، وليحلفن إن اردنا الا الحسنى ، والله يشهد انهم لكاذبون ، لا تقم فيه ابدا ، لمسجد اسس على التقوي من اول يوم احق ان تقوم فيه ، فيه رجال يحبون ان يتطهروا و الله يحب المطهرين ” التوبة .
فكانت بواعث بناء هذا المسجد الاضرار بالمسلمين ، وتقوية اهل النفاق والكفر ، وابطال الالفة بين المؤمنين ، فكان الامر بالهدم مناسبا .
ونستفيد من هذا الحادث الذي وضحه القران الكريم ما يلي :
1) الكفر ملة واحدة ، والمتآمرون على العمران الاسلامي يتشابهون في الفعل و النوايا.
2) ضرورة الانتباه لأفعال المدلسين الذين يبحثون على اضفاء الشرعية على مخططاتهم في الخراب.
3) عناية الله سبحانه وتعالى الواسعة للمؤمنين الصادقين المفاخرين بعمارتهم الاسلامية .
4) الداء العضال لا يحتاج الا للدواء الفعال ، فهدم مسجد الضرار لم يحتج من النبي صلى الله عليه وسلم طول انتظار .
5) لا لإقامة الصلاة في اي مسجد بني للمباهاة والسمعة او لغرض غير وجه الله او بمال غير طيب .
6) عدم الانخراط في الانشطة التي ظاهرها الاسلام وباطنها الاجرام .
7) يلحق بالمسجد الضرار ، كل اماكن العبادة ذات الغرض التشكيك و الطعن ، والمدارس ذات البرامج السامة الصارفة للصغار و الكبار عن الايمان ، و المنتديات الثقافية القاصدة لخلخة عقائد المسلمين ،و المستشفيات التي تقدم خدمات صحية غرضها التأثير على المرضى الفقراء والمساكين .
قال تعالى : “وان المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا”
محمد كندولة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى