
في سطوة الصوفية الرأسمالية ، ومساعيها في لبرلة العالم،فإن الغرب و هو من الذكاء ما يجعله يحافظ على مصالحه إقليميا وجهويا وعالميا، فإنه لا يدعم إلا الديكتاتوريات المطلية بالديموقراطية، لا الديموقراطيات الناجحة، لذى فالتدبير السياسي يحتاج إلى خيال سياسي واسع، وتأهيل مسبق، لأن الفوز في الانتخابات لا يعني الراحة السياسية، فالنزاع يبقى مستمرا بين الأصلاء في الدولة والوافدين الجدد عليها، إذ لا توازن بين القوى العميقة والجديدة، فالسلطات للأولى، والخضوع للثانية، الحكم بإسم الأولى، والتنفيذ بإسم الثانية، ولهذا فالصدام، والانقسام لا يضر إلا الوافد السياسي المفتون، فيصبح من الواجب الاستعانة بالخبراء ذوي العمق السياسي التدبيري، مع اختيار المآزرين المناسبين للمواقع المناسبة، لأن أفق الدولة ليس هو أفق الحزب والتنظيمات المدنية،ولهذا فأسباب الفشل في العمل السياسي كثيرة منها ما ذكزنا، ومنها كذلك عدم وجود رؤية سياسية عميقة، التي يصاحبها ويلازمها الخوف من الخطأ، مع قلة الخبرة التنفيذية العملية، فالمنتخب الفائز ليس هو الزعيم المنتخب العارف بدواليب الحكم، الخبير بحاجات المواطنين، فمن الغباء السياسي، الاستعانة بالمغضوب عليهم سياسيا ، والضالين عن المنهجيات السياسية، والذين تنقصهم المعلومات الواقعية عن الوطن والمواطنين، فلا يكفي رفع مبدأ نظافة اليد كشعار سياسي ، فدخول قصر الحكومة لا يعني أنك ستحكم، أو أنك وصلت إلى غاياتك، فلابد من الموثوقية، والجرأة والاجتهاد في إطار المعطيات القديمة، ربطا وتوصيلا، دعما وتفصيلا، فيوظف لذلك الأحرار المستوعبين للمعطيات المستجدة، والفاهمين للمعطيات القديمة والعميقة، الذين يبدؤون بترتيب البيت الداخلي سياسيا، ثم الانتقال بعد ذلك إلى ما اقتصادي وديبلوماسي داخلي وخارجي.
في طريق العمل السياسي لابد من أخذ الحيطة والحذر من المتربصين السياسيين، وتجنب التصريحات المضرة بالحزب والدولة ، مع مسايرة الأعداء والخصوم داخليا وخارجيا، مع إتقان ضبط سلوكات من أصبحت لهم صالحيات إتخاذ القرارات في البلديات والجماعات، والوزارات والادارات، فلا ينفع التكبر والتعالي والازدراء، خاصة مع المواطنين والمواطنات الذين ينتظرون من الحكومة الجديدةتحقيق الوعود الانتخابية، والامال المعبر على المنابر و المنصات، بعضها أو جلها، قليلها أو كثيرها، احتراما للرؤى الأساسية للدولة، فلا مجال للرأي الفردي الحالم، والموقف الأناني القاصم، فالاشتغال يجب أن يكون للدولة لا ضدها، وهي العريقة ، العميقة التي خبرت الحكومات والدول المتعاقبة في التسيير والتدبيرعلى مر تاريخها الطويل، هكذا يساهم التنوير في رفع مستوى التدبير لا إسقاطه، ويعين العمق السياسي في استيعاب المؤيدين والمعارضين.