رأي

الدكتور ادريس قصوري: “توظيف سيرة فنان نكرة ليس صدفة ولا مجانا..”

رضا البوكيلي.

تفاعلا مع الإمتحان الإقليمي للقسم السادس ابتدائي، الذي تضمن في مواضيعه سيرة الكوميدي يسار، ما خلف موجة واسعة من الاستهجان في صفوف المهتمين بالشأن التربوي.

كتب الدكتور ادريس قصوري عن الواقعة عبر صفحته بالفيسبوك: “في البلدان التي تجعل التخلف والتفاهة استراتيجية لدوام النظام يقدمون سير التافهين والنكرات نموذجا في الإمتحانات الإشهادية للصغار حتى يدمروا الشعب. أما في البلدان المتقدمة، فيقدمون نماذج العلم والمعرفة من مفكرين وعلماء في مختلف التخصصات. كل عهد ونحن أول التافهين”.

وأضاف المحلل السياسي في منشور آخر: “كل من يظن أن توظيف سيرة “فنان” نكرة مجرد صدفة أو من دون خلفية فهو واهم. فكل شيء مقصود في السياسة وفي الإديولوجية الرسمية”.
مؤكدا على صحة تصوره بشاهد تاريخي، حيث كتب القصوري “لعل اختيار المرحوم الحسن الثاني اسم “بوعبيد” من الاتحاد الدستوري، في ثمانينيات القرن الماضي، ليكون وزيرا أولا في رمشة عين. إذ جمع له أغلبية كاسحة بعد ستة أشهر فقط من تأسيس حزب الإتحاد الدستوري، كان نكاية بعبد الرحيم بوعبيد زعيم الإتحاد الاشتراكي.حيث إيعاز الحسن الثاني لقوى المشهد السياسي بأن لكل جهة بوعبيدها. فإذا كان للاتحاد الاشتراكي والحركة الوطنية زعيمها عبد الرحيم بوعبيد، فللقصر وزيره الأول بوعبيده. ويعد هذا الاختيار توظيفا سياسيا بدرجة أولى من أجل خلط الأسماء وجعل بوعبيد القصر يمحو من الذاكرة بوعبيد اليسار”.
وبين الماضي والحاضر أبرز القصوري أن “هذا الأمر نفسه هو الواقع اليوم. فجهة ما تلعب اللعب ذاته بالميكانزمات السلبية القديمة ذاتها. فهم يتدربون على كل شيء. وتوظيفهم اليوم لاسم أو كلمة “يسار” ليس صدفة ولا مجانا وإنما هو نكاية وسخرية باليسار المغربي. حيث يبعثون رسالة لتأكيد نوع اليسار الذي يريدون وهو يسار تافه ومخرب للذوق ومنخرط في جوقة التفاهة. كما يؤكدون أن لهم يسارهم على طريقتهم الخاصة، فضلا عن رغبة خلط الأوراق بين سيرة اليسار المغربي و سيرة يسار الكوميدي حتى يمحو هذا الأخير الأول ويحل محله في واقع وذاكرة ووعي الشباب المغربي الذي إذا ما سئل غدا عن اليسار، فالاجابة ستكون هي الإحالة على يسار القدوة في التفاهة والتخلف وتابع الحلقة بالزفة”.
وختم الأستاذ الجامعي منشوره “إنه الفعل الرمزي لقتل الرموز الحقيقيين وتدمير الذاكرة ومحو التاريخ وتزوير الهوية واستبدال الانجازات بنقيضها. إنها قمة الأدلجة والتضليل وتزوير وعي الشعوب وتسويد كل شيء جميل فيهم حتى لا يبقى له أثر يذكر”.

وأكد الدكتور قصوري في منشوره الأخير فرضيته: “يقول نجيب محفوظ ساخرا في روايته “زقاق المدق”: ما الحياة إلا أسماء. وهذا ينطبق على كل الدول غير الديمقراطية التي توظف الأسماء بلا شفافية ومن أجل مصالح وأغراض ما. وهو ما ينطبق على توظيف/تسخير سيرة “يسار” لتطابق اسمه مع اليسار. ومن يشكك في ذلك عليه أن يجيب لماذا لم يوظفوا سيرة شخص أو”فنان” آخر؟ ولماذا لم يختاروا عالما أو مفكرا أو مخترعا من المخترعين؟ الجواب واضح. هو تأكيد فرضيتي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى