
في ظل ضغوط الحياة اليومية، تتكسر أحيانًا عجلات الحظ، فتتعطل السيارة وتضطر للبحث عن بديل. هكذا وجدت نفسي أرتاد الطاكسي في مدينة المحمدية، متجولًا بين شوارعها وأزقتها، متفاعلًا مع نبض أهلها، منصتًا لهمومهم وآمالهم.
كان الهواء محملاً بالكلمات الثقيلة، يتردد صداها في أرجاء الطاكسي المكتظ بالركاب. الجميع كان يتحدث بلغة واحدة، لغة استياء من واقع بات يثقل كاهل المحمدية. شوارعها مثخنة بالجراح، حفر عميقة تملأ الطرقات كأنها ندوب على وجه الزمن، تذكر الجميع بأيام كانت المحمدية فيها درة المدن، وها هي الآن تعاني من إهمال لم يعد يحتمل.
الأحياء ترزح تحت وطأة الأزبال المتناثرة، التي تشوه جمال الطبيعة وتخلق بيئة تنفر القلوب قبل الأنوف. كيف يمكن أن تزهر الورود في حدائق تُترك للتلف؟ البارك الذي كان يومًا ملاذًا للأطفال والكبار، صار كئيبًا، يعاني من التجاهل وعدم الرعاية، وكأن المدينة تهمس بحزن: “أين هم المسؤولون؟”
ركاب الطاكسي، الذين جمعتهم الصدفة في هذا الفضاء الضيق، كانوا يتحدثون وكأنهم صوت واحد، يعبرون عن خيبة أملهم وسخطهم. أين تلك الوعود التي سمعوها مرارًا وتكرارًا؟ أين الأيادي التي وعدت أن تنتشل المحمدية من هذا الواقع المرير؟
المحمدية، التي تُسمى مدينة الزهور، لا زهور فيها. باتت تتوسل نظرة اهتمام ويد عون. الأطفال الذين كانوا يركضون في شوارعها بأمان، والكبار الذين كانوا يستظلون بأشجارها، باتوا يتساءلون عن المستقبل المجهول.
اليوم، المسؤولية ليست فقط على عاتق المسؤولين، بل هي واجب كل فرد من أبناء هذه المدينة. علينا أن نرفع أصواتنا، أن نطالب بحقوقنا، أن نسعى لإعادة البسمة إلى وجه المحمدية. ولا يمكن أن يتم ذلك إلا بتضافر الجهود وبإرادة صادقة نحو التغيير.
المحمدية تستحق منا الكثير، تستحق أن تعود كما كانت، أن تشرق من جديد بجمالها وبهائها. فلنكن نحن التغيير الذي نريد، ولنضغط على المسؤولين للقيام بواجباتهم تجاه مدينتنا العزيزة. حان الوقت لنضع حدًا للإهمال ونفتح صفحة جديدة، صفحة أمل وعمل لمستقبل أفضل.