
توصلت “اطلالة بريس” ببيان من التنسيقية المغربية لقدماء المعتقلين الإسلاميين، جاء فيه ما يلي:
بيان توضيحي
سعياً منا لرفع اللبس والغموض المحتمل بخصوص قضيتنا التي نعتبرها عادلة، ومن أجلها تم تأسيس هذه التنسيقية للدفاع عن قضيتنا والتأكيد على التشبث بهويتنا الوطنية، نعلن نحن ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، المنخرطين في “التنسيقية المغربية لقدماء المعتقلين الإسلاميين” أن الغرض من هذا البيان هو التعبير عن موقفنا الجماعي الرامي إلى المطالبة بحقوقنا المشروعة لدى الجهات المختصة ببلادنا، حتى لا نتهم بالتحامل على مؤسسات البلاد الحقوقية والجهات السياسية صاحبة القرار بشأن حقوقنا.
آملين أن يغلب العقل على الانفعال، والعدل على الانتقام، والمصلحة الوطنية على الحسابات السياسوية الضيقة وغير المجدية، خاصة وأننا نعيش في سياقات إقليمية ودولية وضعت فيها دول أمام اختبار للتاريخ وأمام أطماع الطامعين والغلاة من قوى اليمين القومي والديني المتنامي في أوروبا والعالم. قوى صاعدة تبحث عن قضايا لاتخاذها ذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة، وهذا ما لن نرضاه لبلادنا، ونتمنى من ذوي الحكمة والعقول الرشيدة النظر الحصيف، لتغليب كل ما يساهم في جمع لحمة الأمة المغربية بكل مكوناتها، وأن لا تُعطى الفرصة مجاناً لخصومها للصيد في الماء العكر.
كما نذكِّر أن توجهنا إلى مؤسسات البلاد الحقوقية وإلى الجهات السياسية ذات الاختصاص ينسجم مع تقليد وممارسة ومبدأ القانون الدولي، ويتعلق بمبدأ استنفاد الإجراءات الوطنية قبل اللجوء إلى الهيئات الحقوقية العالمية والأممية إذا لم نجد، لا سمح الله، تجاوباً مرضياً وواقعياً يحفظ حقوق وكرامة الجميع، على الأقل يحفظ ماء الوجه.
ونحن إذ نوجه اليوم هذا البيان التوضيحي ونؤكد عليه، فقد سبق لنا أن طرقنا باب مؤسسات حقوقية للتعريف بقضيتنا وعرض مطالبنا المشروعة بدون جدول زمني أو طرح تفاوضي. فإنه لا زال يحذونا الأمل أن هناك فرصة تاريخية وسياسية للاستدراك والتعامل الإيجابي والبناء بهدف تحقيق مطالبنا المشروعة، من حيث اعتبار قضية اعتقالنا وسجننا لسنوات “قضية سياسية”، وأن الاعتقال كان تعسفياً وأن المحاكمات افتقرت لكل شروط المحاكمة العادلة والضمانات الحقوقية التي أوجبتها المعاهدات والمواثيق الأممية ذات الصلة.
وقد تعرضنا خلال اعتقالنا لأبشع صور التعذيب الجسدي والنفسي والاجتماعي والأسري، وكذا الحط من الكرامة الإنسانية التي كان من الواجب صيانتها كما حرمت ذلك كل الشرائع السماوية والاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها شريعة وأحكام ديننا الحنيف.
وبناء على ما سلف ذكره، نؤكد على التشبث بمظلوميتنا وأن سجننا لسنوات كان اعتقالاً سياسياً وتعسفياً من جميع الجوانب. حيث إن القانون الدولي ومعاهدات جنيف والبروتوكولات ذات الصلة وميثاق الأمم المتحدة والقرارات والتوصيات الحقوقية الأوروبية والدولية، كلها أجمعت على حرمة المس بكرامة الإنسان ظلماً وهضماً والحط منها وتعريضه للاختطاف والاعتقال التعسفي والتعذيب. كما أنها ألزمت الحكومات والدول المسؤولة عن مثل هذه الممارسات والتجاوزات القانونية والحقوقية بجبر الضرر وتعويض الضحايا مادياً ومعنوياً، وتوفير عناية طبية خاصة على نفقة الدولة يستفيد منها الضحايا وذويهم في حالة الوفاة داخل أو خارج السجون بسبب ما تعرضوا له من تعذيب وإهمال طبي، وتمكين من غادر السجن من الاندماج في المجتمع والمساهمة في ازدهاره وتطويره كمواطن فاعل في النسيج المهني والخدماتي والاجتماعي.
إننا إذ نثمن التفاعل الإيجابي لبعض الجهات مع قضيتنا ومطالبنا خلال بداية مسيرة تنسيقيتنا، فقد تم على الأقل الاستماع إلينا وتقاسم مآسينا ومعاناتنا اليومية بعد مغادرة السجن ونحن نحمل معنا ذكريات مريرة وإعاقات وأمراض مستديمة طويلة المدى تعشش في الذاكرة ولن تمحى ولن تنسى بسهولة. فإننا بالموازاة مع ذلك نأمل ونرجو أن يعلم الجميع، بما فيهم المؤسسات الحقوقية والجهات السياسية المسؤولة ببلادنا، أننا لا نحمل حقداً ولا ضغينة لأحد، وأننا إذ نتمسك بمطالبنا وحقوقنا المشروعة بنفس الصبر والاحتساب والإصرار على عدالة قضيتنا وسماحة مواقفنا الفكرية والسياسية والدينية خلال مرحلة السجن، فإننا مصممون على الاستمرار بنفس الروح التي واجهنا بها مراحل الاعتقال والتعذيب في غياهب المعتقلات السرية والمؤسسات السجنية الرهيبة إلى أن كتب الله لنا الحرية من جديد لنساهم في بناء وطننا، وصيانة كرامتنا وإنجاح مصالحة حقيقية لا غالب فيها ولا مغلوب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.