
في بداية الموسم التربوي وفي سنة 2006 ، تلقيت دعوة من فرع جمعية الرسالة للتربية والتخييم بجماعة السواكن ،إقليم القصر الكبير ، لإلقاء عرض حول الرؤية التربوية لجمعية الرسالة التي كانت لي فيها مساهمة مهمة ، فلما وصلت إلى البلدة ، وإذا هي المنطقة التي وقعت فيها معركة وادي المخازن وذلك سنة 30 جمادى الثانية لسنة 986 هجرية موافق 03 غشت 1578ميلادية ،والتي تحل بنا هذه الأيام ذكراها الأربعمائة وثلاثة و أربعون ، وكانت بالنسبة لي فرصة لمعرفة المنطقة و التاريخ ،ولاستخلاص العبر و الدروس من هذا الحدث العظيم ، الذي هو معركة وادي المخازن ،او معركة الملوك الثلاث ، والتي شبهها العلامة ابن القاضي في “درة الحجال الى أسماء الرجال” بغزوة بدر الكبرى التي انتصر فيها المسلمون على كفار قريش بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
المعركة لها أهمية كبرى ،لأنها أوقفت المد الصليبي ، ورسمت معالم المغرب المسلم ، فلقد اهتم بها القادة السياسيون والمفكرون وعلى رأسهم الزعيم علال الفاسي رحمه الله لأن دوافعها كانت خطيرة ، كالاستغلال المادي للأراضي و الموانئ وكذا التبشير المسيحي ،وهذا الدافع الأخير الذي هو تمسيح المغرب اتخذ قراره في مؤتم “طرنطا” برئاسة البابا الذي كلف دولة البرتغال للقيام بالمهمة وذلك سنة 1565م أي قبل 13 سنة من المعركة ، باعتبارها دولة قوية برا و بحرا ، وساعدها في ذلك خيانة محمد المتوكل السعدي المعروف ب”المسلوخ” الذي تحالف مع الأوربيين لاسترجاع ملكه الذي خلع منه بسبب فساده وانحرافه ، وكان قد وعد البرتغاليين بتمكينهم من استغلال الشواطئ المغربية بعد ذلك .
إذن فإحياء ذكرى معركة وادي المخازن ، أو معركة بدر المغربية من شأنها تقوية روح الاستقطاب و التكتل ، وخلق أواصر التآلف للانخراط في كل التحديات بطاقة وطنية لتحقيق النهوض والسمو و الرفعة وبهذا يصبح المغرب صخرة يتحطم عليها كل أحلام الطغاة و الخونة.
لقد قاد المنصور السعدي المعركة ضد 120 ألف جندي أوربي حين وفاة عبد المالك السعدي أثناء المعركة ولم يعلن عن ذلك إلا بعد المعركة، حيث انهزم الجيش البرتغالي بقيادة دون سيبستيان ،الملك البرتغالي ، ومات كذلك محمد المتوكل الذي سلخ جلده وملئ تبنا وأرسل الى مراكش للتطواف به كأسوء مصير للخونة الطامعين بزخرف الدنيا .
ويمكن استخلاص دروس كثيرة وعبر مهمة ، يجدر بنا أن نعلمها لأبنائنا في المدارس و الجامعات و الكليات وكذا في الجمعيات و الأندية ومن بينها :
1. الخيانة ، و الاستعانة بالأجنبي مرفوضة ومحرمة ، كما يحرم معها كل الوسائل المؤيدة الى النيل من الوطن.
2. عظمة الشعب المغربي تتجلى في عدم خوفه من الأعداء ، وإن تحالفوا .
3. أهمية التربية الوطنية في استنهاض الهمم و الاستجابة لكل نداءات الركوب والتعبئة لحراسة الوطن ماديا ومعنويا.
4. أهمية الالتفاف بين الشعب والعرش لتحقيق النصر و الهبة و التمكين.
5. وحدة المغرب ووحدة الدين والتشبث بالعرش خطوط حمراء لا يغفر لمن مسها أو اقترب منها.
6. الاسهام في تحرير كل الشعوب المعتدى عليها وفق المواثيق الدولية و الاممية .
7. المعارك ضد الأعداء ماهي إلا جهاد أصغر ، ويبقى الجهاد الأكبر هو جهاد التنمية والبناء و الاعداد المادي و المعنوي للأجيال الصاعدة .
وأخيرا ، ونحن نعيش أجواء ذكرى معركة وادي المخازن التي حلت علينا في الثالث من شهر غشت ، وذكرى ثورة الملك و الشعب ، وذكرى عيد الشباب ، هي فرص لإحياء هذه المعاني في قلوبنا، الشيء الذي سيدفعنا الى العمل المتواصل ، للمساهمة في تطوير مغربنا.
ألقيت عرض الرؤية التربوية لجمعية الرسالة للتربية و التخييم في جو بهيج بالمركز الثقافي بجماعة السواكن ، ولهذا أدعو الإخوة في الفرع و الجهة للاحتفال بهذه الذكرى المباركة، خاصة وأن شعار ها هو” أمر التربية هو كل شيء ..وعليه يبنى كل شيء”
الجمعة 05غشت 2022 موافق 07 محرم 1444