
منذ ما يقرب من عشر سنوات تحدث الشيخ سلمان العودة عن رؤيا منامية لها دلالات كبيرة تجلي بعض ما تعيشه الأمة الإسلامية اليوم من أحداث..
أهمية الرؤيا أنها صادرة عن عالم كبير له مكانته المرموقة في الأمة، ومضمون الرؤيا فيه حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم في المنام لا يتمثل به الشيطان كما في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم (مَن رآني في المنامِ فقد رأى الحقَّ، إنَّ الشَّيطانَ لا يتشبَّهُ بي).
وإذا كان من الجائز أن يلتبس الأمر على من لا يعرف أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم فيأتيه الشيطان في غير صورة النبي صلى الله عليه وسلم ويحدثه كذبا على أنه هو، فإن هذا الأمر لا يمكن أن يلتبس على عالم بوزن الشيخ سلمان العودة الذي يؤكد في الرؤيا أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته، وعلى رأسهم الشيخان أبي بكر وعمر ، وكأنما قد بعثوا من قبورهم فحدثه النبي صلى الله عليه وسلم بأشياء أخبرنا الشيخ سلمان ببعضها واحتفظ ببعضها كم سيأتي..
إن الشيخ سلمان العودة يحفظ من دون شك حديث النبي صلى الله عليه وسلم (إنَّ كَذِبًا عليَّ ليس ككذبٍ على أحدٍ ، فمن كذب عليَّ مُتعمِّدًا ، فلْيتبوَّأْ مقعدَه من النَّارِ) وهو حديث متواتر بمعناه..
وبالتالي نحن إزاء رؤيا حق يخبر بها عالم كبير..
فماذا تمثل هذه الرؤيا لنا اليوم؟
وما هي دلالاتها؟
الرؤيا واضحة لا تحتاج كبير عناء لتأويلها خاصة أن صاحبها رأى تأويلها في نفس المنامة كما يؤكد ذلك فك الله أسره، عندما قال أن الذي ألهمه أن مشاهد الرؤيا تحيل على تحرير فلسطين من الصهاينة، وها نحن نعيش على إيقاع طوفان الأقصى الذي يمثل أشرس معركة يخوضها أبناء فلسطين بقيادة حماس ضد اليهود المحتلين..
ومعلوم أن الوحي انقطع بختم الرسالة بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو القائل: (لم يبق من النبوة إلا المبشرات، قالوا: وما المبشرات؟ قال: الرؤيا الصالحة.) رواه البخاري.
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: (الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة). رواه البخاري ومسلم.
الرؤيا التي حدثنا عنها الشيخ سلمان العودة على قصرها فيها وصف للداء والدواء، كيف ذلك؟!
يحكي الشيخ سلمان كما هو موجود على قناة اليوتوب إلى الآن أنه “رأى النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته كأنما بعثوا من قبورهم” ، وهذه إشارة واضحة على عودة الإسلام بصفائه على سنة النبي صلى الله عليه وسلم ومنهج أصحابه سلف هذه الأمة؛فهي بشارة على قرب ظهور من يجدد للأمة دينها ويعيد لها عزها ومجدها كما نراه اليوم في غزة العزة..
ثم يخبرنا الشيخ سلمان أنه في مكة رفقة النبي صلى الله عليه وسلم إذ طلب منه”النبي صلى الله عليه وسلم أن يوفر لهم بيتا يجتمعون فيه للنظر في ما يهمهم” والنبي صلى الله عليه وسلم بمكة، يذكرنا هذا الفصل من الرؤيا ببداية الدعوة حيث الاجتماعات السرية بدار الأرقم بن الأرقم..
فما طلبه النبي صلى الله عليه وسلم من الشيخ سلمان أن يوفره له ولأصحابه ليكون منطلقا لهم لنشر دعوتهم، فكان جواب الشيخ سلمان للنبي صلى الله عليه وسلم “هناك اشتراطات أمنية”؛يشبه ما كان عليه الحال في بداية هذا الدين ذلك (أن رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم لَبِثَ عَشْرَ سِنينَ يَتْبَعُ الحاجَّ في مَنازِلِهم في المَوسِمِ وبِمِجَنَّةَ وبعُكاظَ، وبمَنازِلِهم بمِنًى يقولُ: مَن يُؤْويني؟ مَن يَنصُرُني؟ حتى أُبَلِّغَ رِسالاتِ ربِّي وله الجَنَّةُ؟ فلا يَجِدُ أحَدًا يَنصُرُهُ ويُؤْويه، حتى إنَّ الرَّجُلَ يَرْحَلُ مِن مُضَرَ، أو مِن اليَمَنِ، إلى ذي رَحِمِه، فيَأْتيه قَومُه، فيَقولون: احْذَرْ غُلامَ قُرَيشٍ لا يَفتِنُكَ، ويَمشي بَينَ رِحالِهم يَدعوهم إلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ يُشيرون إليه بالأصابِعِ، حتى بَعَثَنا اللهُ عَزَّ وجَلَّ له مِن يَثرِبَ، فيَأتيه الرَّجُلُ فيُؤمِنُ به، فيُقرِئه القُرآنَ، فيَنقَلِبُ إلى أهلِهِ، فيُسلِمون بإسْلامِه، حتى لم يَبقَ دارٌ مِن دُورِ يَثرِبَ إلَّا فيها رَهْطٌ مِن المُسلِمين يُظهِرون الإسلامَ..)
العبرة من هذا الفصل من الرؤيا أن هذا الدين العظيم يحتاج اليوم ؛ كما هو حاله أمس؛ لمن يؤويه لأنه عاد غريبا كما بدأ..!
فهل تكون غزة العزة هي الوطن الذي منه سيشع نور الإسلام من جديد فيلقي ببركته على البشرية التي تعاني في قبضة الإمبريالية المتوحشة والتي بلغت أوج توحشها في مظاهر القضاء على الأسرة وتبديل خلق الله من ذكر وأنثى..!
كما أن العقبة الكأداء التي يواجهها هذا الدين تتمثل في “الاشتراطات الأمنية” أو ما يصطلح عليه اليوم بالدولة العميقة في الوطن العربي والتي حولت الربيع العربي لخريف مدمر..!
يبقى أهم ما في الرؤيا وهي تلك الأسئلة التي يطرحها الشيخ سلمان العودة على النبي صلى الله عليه وسلم ويسمع أجوبتها فيستأذن من المصطفى صلى الله عليه وسلم أن يخبر بها الأمة لعلها تجتمع بها كلمتها، فيطلب منه النبي صلى الله عليه وسلم أن يتريث حتى يتلوها عليه ليصحح ما قد يكون شابها من أخطاء..
لقد تم اعتقال الشيخ قبل أن يعلمنا بالأسئلة ولا بأجوبة النبي صلى الله عليه وسلم عنها..
لكنها بحسب الشيخ سلمان تعين على وحدة الصف واجتماع الكلمة، والوحدة مقصد من أهم مقاصد الإسلام، واحتفاظ الشيخ سلمان بهذا الجزء من الرؤيا دون بثه من فقه الرجل لأن الرسول صلى الله عليه وسلم طلب منه عدم نشرها قبل أن يراجعها سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.
مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23) لِّيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (24) وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا ۚ وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا (25) وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا (26) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَئُوهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا