
كلمة إرحل من أربعة أحرف فقط، خفيفة على اللسان تقيلة على الطغاة، و هي بطاقة حمراء ترفع في وجه كل المفسدين، لن نخوض في مستنقع السياسة العفن، لكن لن نبتعد عنه كثيرا لنحط الرحال في مستنقع أخر، إنه الميدان الرياضي الذي لا يقل قذارة و وساخة عنه، بل هناك من يقول : ( أن الفساد الرياضي، ليس إلا جزء صغير من الفساد السياسي الكبير، وهو من مشتقاته الأصيلة وماركة مسجلة باسمه)، الحديث عن المشاركة الكارثية في أولامبياد باريس 2024، حوالي 60 رياضيا و رياضية شاركوا فيها، و تنافسوا في 19 رياضة بين فردية و جماعية، لم يحصل المغرب إلا على ميداليتين يتيمتين ذهبية و ابرونزية، من المسؤول عن هذا السقوط الكارثي..؟ طبعا لم تكن هناك محاسبة أو متابعة ولا إقالة أو استقالة أو عقوبة، النتيجة بقاء المفسدين معشعشين في مناصبهم، وبقي الفساد مسيطر على مرافق الإدارة و بكل روح رياضية، إذن لم يرحلوا ولن يرحلوا، طبعا في انتظار تحقيق مشاركات كارثية أخرى مستقبلا، لنترك رياضة ألعاب القوى وباقي الرياضات، و نتوجه صوب الرياضة الأكثر شعبية في المغرب، و نتخذها معيارا لتطبيق الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة، إن
هذه اللعبة شغلت الرأي العام المحلي والدولي، و استأثرت باهتمام الصغير قبل الكبير، برغم كل الأحداث المأساوية التي يمر منها العالم اليوم، هناك حرب الإبادة الجماعية في غزة وحرب في أوكرانيا، وأزمات اقتصادية خانقة جفاف و تصحر وزلازل، كل هذا لم يمنع المستديرة الساحرة من تصدر المشهد الإعلامي، لقد تكلم عنها المثقف والأمي ثم السياسي المعارض و الموالي، فهناك من اعتبر عشق الكرة شيء عادي لا بأس به، وفي المقابل هناك
من اعتبر هذا العشق ظاهرة مرضية، المهم أن الناس في هذا الزمان فرقتهم السياسة والثقافة، و جمعتهم الكرة في الملاعب أو أمام الشاشات، لقد كشفت مجموعة (بين سبورت) القطرية عن معدلات قياسية في نسب المشاهدة، وذلك خلال مونديال قطر 2022 حيث بلغت نسبة المشاهدة 5,4 مليار، وفي كلاسيكو الدوري الاسباني بين ريال مدريد و برشلونة، تبلغ نسبة المتابعة ملياري مشاهد عبر العالم، ناهيك عن الملايين من متابعي الدوريات المحلية في كل القارات، مما يؤكد سطوة كرة القدم على العقول و القلوب، إذن قل عنها ما شئت ملهاة سياسية و مخدر للشعوب، تحريف وعي الشعوب عن التغير الحقيقي، أو تأخير موعد الثورة على المفسدين والطغاة، كل هذا لا يمنع من احتلالها قلوب الملايين عبر العالم، وبلدي المغرب لا يشكل استثناء في هذا الميدان، لقد دأب مسؤوليه على التصريح و بكل فخر على أنه بلد( الكرة) بامتياز ولله الحمد..!!، وهذا صحيح إلى حد ما لقد خصصت لها ميزانيات ضخمة من المال العام، و سيزداد حجم هذا الإنفاق على الكرة باقتراب موعد مونديال2030، المهم لن أتحدث عن تضارب أولويات الشعب المغربي، واهتمامات المسؤولين الكبار في الحكومة فكل في واد، لقد تم مؤخراً إبرام عقد شراكة بين جامعة الكرة و مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، سيتم بموجبه تطوير اللعبة ليكون المغرب نموذجا يحتذى به في هذا الميدان، قيل عن هذه الشراكة بين الجامعة و المكتب الشريف أنها (ثورة)، تستثمر في العنصر البشري وفي البنية التحتية جميل أليس كذلك..!!، لقد بح صوت المناضلين لتطوير وإصلاح المنظومة التعليمية والصحية، ودعم القدرة الشرائية المتهالكة للمواطن، وحماية المستهلك من جشع التجار والسماسرة والمضاربين، لكن كل ذلك كان مجرد صيحة في واد، المهم دعكم من هذا كله ولنتحدث عن الكرة لاشيء غير الكرة، لقد جاء في ديباجة لإتفاق بين المكتب الشريف و الجامعة، التأكيد على تطبيق الحكامة الجيدة، مع ربط المسؤولية بالمحاسبة، لكن مع الأسف هذا شعار رفعته تقريبا كل الحكومات، لكنه بقي حبرا على ورق و لتوضيح الأمر نأخذ المدرب الوطني نموذجا، وليد الركراكي، المهم لو كانت هناك محاسبة حقيقة و حكامة جيدة، كما يزعم المسؤولين لكان وليد اليوم مقالا و خارج تدريب أسود الأطلس، وذلك منذ الإقصاء المذل في كأس إفريقيا للأمم بساحل العاج، حيث لم نتجاوز دور الثمن يا حسرة، وهذه فضيحة مدوية بعد أن احتل المغرب المرتبة الرابعة عالميا، ومع ذلك خرجنا من دور الثمن بشكل فيه الكثير من الإهانة، بعد الهزيمة أمام جنوب إفريقيا بهدفين لصفر، فأين الحكامة الجيدة إذن والمحاسبة عن هذا الخروج المبكر والمذل، لم يحدث شيء يذكر في هذا الإتجاه ولم تحرك الجامعة ساكنا، بل على العكس من ذلك تركنا وليد يسرح ويمرح و يصرح بلغة فيها شيء من الطرافة، حتى بلغ به الأمر حد مضايقة المدرب الوطني المقتدر طارق السكيتوي، في سابقة خطيرة لم تحدث من قبل في المغرب، حيث أصبح يعطي تعليمات للاعبين جنبا إلى جنب مع مدرب المنتخب الأولمبي، وهذا فيه الكثير من الغرور والإعجاب بالنفس بل التسلط، لقد دون بعض المختصين في ميدان كرة القدم، أن ذلك التصرف الأرعن شوش على اللاعبين وفقدوا معه التركيز في المبارة، و كان ذلك من بين أسباب الهزيمة القاسية أمام إسبانيا وضياع الذهب الأولمبي، لكن شهادة لله ثم للتاريخ كان وليد مستعدا لمغادرة تدريب الأسود، لقد صرح أنه سيقدم استقالته إذا لم يصل للمربع الذهبي، لكن الجامعة أو أصحاب الحكامة الجيدة تشبتوا به و رفضوا استقالته، والسبب هو نصيحة أبوتريكة بعدم التفريط في وليد الركراكي، العودة إلى مونديال قطر وبالضبط لقاء نصف النهائي مع فرنسا، في الحقيقة كانت فرنسا جد متخوفة من مواجهة أسود الأطلس، وهذا سبب قدوم الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، لأن الطبيعي هو حضور الرئيس في لقاء النهاية، أما حضوره في لقاء نصف النهائي أمر غريب، لكن السبب هو عندما أصبحت معنويات الفريق الفرنسي متدنية، وبدأ الشك يتسرب لنفوس اللاعبين الفرنسيين، هنا جاء الرئيس من أجل رفع معنويات فريقه المرتبك، لكن المضحك أن وليد كان أشد ارتباكا منه وفاقد الثقة، لقد غير اسلوب لعب الفريق الوطني ودخل بخمسة لاعبين في الدفاع، وهذا الأسلوب لم يعتاد عليه الفريق الوطني، فكانت الكارثة حيث سجل علينا الفريق الفرنسي مبكرا، ثم عاد وليد بعد 21 دقيقة من اللعب إلى الأسلوب المعتاد 334، وهذا ارتباك واضح وضعف في التكتيك كما قام بتغيرات كانت غير موفقة، لقد افتقد المنتخب الوطني رأس حربة عنده طراوة بدنية، فبعد الوصول أمام مرمى فرنسا نعجز عن التسجيل، لأننا نفتقد امثال المهاجم القناص سفيان رحيمي، هداف الأولمبياد و بطولة آسيا و الدوري الإماراتي، لقد ضاعت فرصة الوصول لنهائي المونديال في قطر، بسبب تعنت وليد وعدم استدعائه سفيان رحيمي الذي كان مطلبا شعبيا، لقد قال وليد بعد الهزيمة أمام فرنسا سنستفيد من هذا الدرس، (و أنا اول من يستفيد منه) مع الأسف لم يستفد شيء يذكر، فكان الإقصاء المذل في كأس إفريقيا للأمم بساحل العاج، إذن أضاع على المغرب الوصول لنهائي كأس العالم، ولم يتجاوز حتى دور الثمن في كأس إفريقيا، مع العلم أن الجميع كان يرشحه للفوز بهذا الكأس، نصيحة لله من مسرور المراكشي للجامعة : ( يجب إقالة وليد الركراكي اليوم قبل الغد، وإلا ضاع كأس إفريقيا مجددا، ولن تكون المشاركة في كأس العالم موفقة ….)، لم يعد عند وليد ما يعطيه رغم كثرة اللاعبين الجيدين، حتى (النية) أصبحت عند المدرب الوطني طارق السكيتيوي، بعد إدخاله سفيان رحيمي ففاز بالميدالية الأولمبية، بل حتى المدرب الأرجنتيني هيرنان كريسبو (دار النية)، حيث أدخل سفيان رحيمي ففاز ببطولة كأس آسيا، إذن الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة، هذا يستوجب إقالة وليد الركراكي على الفور، بعد أن راكم عدة أخطاء كارثية وأصيب بالغرور، شخصيا أفضل المدرب الوطني المقتدر طارق السكتيوي، وهذا الأخير يصلح لكأس إفريقيا المنظم بالمغرب2025، و أفضل المدرب حسين عموتة لمونديال 2026، وإذا لم تتم إقالة وليد فليست هناك حكامة جيدة ولا محاسبة ولا يحزنون… هذا رأي مسرور المراكشي في الكرة والرياضة و المدرب …
29 / 08 / 2024