
مع حلول كل مناسبة دينية مثل ذكرى المولد النبوي الشريف، نجد بعض الإخوة غفر الله لهم ولنا يسارعون إلى إثارة الخلافات التي باتت وكأنها موسم متجدد للتوتر والنقاش الحاد. هذا الأمر لا يقتصر على المولد فقط، بل يمتد إلى مواسم أخرى كزكاة الفطر، وتوحيد الصيام، وغيرها من القضايا التي كان يجب أن تكون مناسبات للتأمل والتآزر.
إن المثير للاستغراب هو أن هذا الاختلاف في المسائل الفقهية المتعددة لم يكن في يوم من الأيام سبباً في التشكيك في إيمان أو إخلاص الآخر بين العلماء والفقهاء. بل كان وسيلة لإثراء الفكر وتقديم خيارات متعددة تسهل على الناس أمور دينهم. فمنذ عهد الصحابة الأجلاء، كان هناك اختلاف في الاجتهادات والآراء، لكن هذا لم يمنعهم من احترام بعضهم البعض والاحتفاظ بعلاقات مبنية على الأخوة والمحبة.والقاعدة الذهبية شاهدة على ذلك ( رايي صواب يحتمل الخطا وراي غيري خطأ يحتمل الصواب ).
يبدو أن بعضنا اليوم فقد هذه البوصلة؛ فالاختلاف الذي هو أمر طبيعي ومقبول تحول إلى خلاف يمزق النسيج الاجتماعي والديني. أصبحنا نرى في بعضنا خصوماً في المسائل الفقهية، ونستخدم الأقلام والألسنة كأدوات للطعن والجرح، متناسين أن سلفنا الصالح كانوا يختلفون بأدب وبدون أن ينتقصوا من مكانة الآخر.
آن الأوان أن نرتقي بأنفسنا وأن نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا البعض فيما اختلفنا فيه ،ينبغي أن نوجه طاقاتنا الفكرية والنقدية لمن يستحقونها فعلاً، وعلى رأسهم أعداء الأمة. فبدلاً من التشاحن الداخلي، يجب أن نوجه أقلامنا وألسنتنا نحو الصهاينة ومن يقفون معهم، ممن يعملون ليلاً ونهاراً على تفتيت أمتنا وسرقة مقدساتنا.