رأي

الهجرة الجماعية من الفنيدق: انفجار صبر الشعب المغربي في مواجهة الأزمة

بقلم كمال عصامي

شهدت مدينة الفنيدق مؤخرًا هجرة جماعية لم يسبق لها مثيل، وقد عشنا جميعا هذه الكارثة   حيث شملت فئات المجتمع كافةً: الشباب، النساء، الأطفال، وحتى العائلات بأكملها. هذا الهروب الجماعي يعكس مدى اليأس والإحباط الذي يعيشه المغاربة في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة. لم يعد الأمر يتعلق فقط بالبحث عن حياة أفضل، بل أصبح تعبيرًا عن صبر الشعب الذي نفد أمام الواقع المرير الذي فرض عليه.

لا يتوقف الأمر عند الشباب الباحثين عن فرص عمل، بل امتد ليشمل الأطفال الذين اضطروا لمغادرة وطنهم. هؤلاء الأطفال يعانون من تداعيات الأزمة بشكل مباشر، يعيشون أزمات آبائهم ويستيقظون كل يوم على صرخات الألم الناتجة عن قلة الحاجة. لقد أصبحوا شهودًا صغارًا على المعاناة اليومية، يعيشون في ظل الفقر والضغوط النفسية، مما ساهم في تفاقم ظاهرة الاكتئاب التي لم تعد مقتصرة على الكبار فحسب، بل بدأت تنتشر بين الصغار أيضًا.

في ظل هذا الوضع، لم يعد من الغريب أن نشهد ارتفاع معدلات الطلاق، حيث أثرت الضغوط الاقتصادية بشكل مباشر على استقرار الأسر. العديد من العائلات باتت عاجزة عن مواجهة أعباء الحياة، ما أدى إلى تفككها. هذه الأزمة الاجتماعية تتفاقم في ظل غياب الحلول الحكومية، حيث يبدو أن صرخات الشعب لا تصل إلى مسامع من يعيشون في أماكن الرفاهية، بعيدًا عن واقع الفقراء ومعاناتهم.

الهجرة الجماعية ليست سوى رد فعل على الانفجار الداخلي الذي ولّده الصبر المتواصل. تصريحات المهاجرين تعبر عن مرارة الواقع وفقدان الأمل في التغيير. يتحدثون عن الارتفاع الجنوني في الأسعار، وعن غياب أي بوادر لتحسين الوضع. إنهم يغادرون ليس فقط بحثًا عن الرزق، بل هروبًا من واقع أصبح غير قابل للعيش.

السؤال الذي يطرح نفسه: متى ستدرك الحكومة حجم الكارثة؟ الشعب المغربي، المعروف بصبره وتحمله، أعلن عن نفاد صبره من خلال هذه الهجرة الجماعية. لم تعد المسكنات المؤقتة تكفي، فالأزمة تحتاج إلى حلول جذرية وعاجلة. الشعب يريد حياة كريمة، يريد حكومة تستمع إليه وتستجيب لمطالبه.

ان الهجرة الجماعية من الفنيدق هي جرس إنذار للحكومة وللمجتمع بأسره. الوضع أصبح لا يحتمل المزيد من التجاهل، والحلول يجب أن تبدأ الآن. الشعب المغربي يستحق حياة أفضل، وأطفاله يستحقون مستقبلًا بعيدًا عن الاكتئاب والمعاناة  فالى متى يا حكومة اخنوش …؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى