رأي

حكم من تنقص من النبي صلى الله عليه وسلم أو استهزأ بكلامه

بقلم أحمد الشقيري الديني

كلما ابتعد الزمان عن مرحلة النبوة أو الخلافة الراشدة كلما ضعف العلم بمقام النبوة وما يجوز في حق مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما لا يجوز..
ولهذا لا يستغرب أن نسمع ونقرأ في كتابات وخطابات المعاصرين تنقصا لجناب مولانا رسول الله صلى الله عليه إما تهكما واستهزاء بكلامه أو تطاولا على مقامه قد يبلغ حد التكذيب لرسالته ونسبة القرآن له اختراعا ونظما بدل نسبته لقائله وهو رب العالمين..
وعلى مر التاريخ كان العلماء يتصدون لأمثال هؤلاء المنتقصين لجناب النبوة ويردون كيدهم ويفندون حججهم ويحذرون من خبثهم ويصدرون الفتاوى في شأنهم..
ولعل الحافظ المغربي القاضي عياض رحمه الله من هؤلاء الذابين عن حرمة مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول في الشفا: اعلم وفقنا الله وإياك أن جميع من سب النبي صلى الله عليه وسلم أو عابه أو ألحق به نقصا في نفسه أو نسبه أو دينه أو خصلة من خصاله أو عرض به أو شبهه بشيء على طريق السب له أو الإزراء عليه أو التصغير لشأنه أو الغض منه والعيب له فهو ساب له، والحكم فيه حكم الساب يقتل كما نبينه، ولا نستثني فصلا من فصول هذا الباب على هذا المقصد، ولا يمترى فيه تصريحا كان أو تلويحا، وكذلك من لعنه أو دعا عليه أو تمنى مضرة له أو نسب إليه ما لا يليق بمنصبه على طريق الذم أو عبث في جهته العزيزة بسخف من الكلام وهجر ومنكر من القول وزور، أو عيره بشيء مما جرى من البلاء والمحنة عليه أو غمصه ببعض العوارض البشرية الجائزة والمعهودة لديه، وهذا كله إجماع من العلماء وأئمة الفتوى من لدن الصحابة رضوان الله عليهم إلى هلم جرا. اهـ.
ثم قال رحمه الله في بيان ما لا يدخل في سب النبي صلى الله عليه وسلم ولا تنقصه، وهو الوجه السابع: أن يذكر ما يجوز على النبي صلى الله عليه وسلم أو يختلف في جوازه عليه وما يطرأ من الأمور البشرية به ويمكن إضافتها إليه، أو يذكر ما امتحن به وصبر في ذات الله على شدته من مقاساة أعدائه وأذاهم له ومعرفة ابتداء حاله وسيرته، وما لقيه من بؤس زمنه ومر عليه من معاياة عيشته، كل ذلك على طريق الرواية ومذاكرة العلم ومعرفة ما صحت منه العصمة للأنبياء وما يجوز عليهم، فهذا فن خارج عن هذه الفنون الستة إذ ليس فيه غمص ولا نقص ولا إزراء ولا استخفاف لا في ظاهر اللفظ ولا في مقصد اللافظ، لكن يجب أن يكون الكلام فيه مع أهل العلم وفهماء طلبة الدين ممن يفهم مقاصده ويحققون فوائده ويجنب ذلك من عساه لا يفقه أو يخشى به فتنته. اهـ.
نحن في زمن سرعة انتشار الخبر وتداوله على أوسع نطاق عبر وسائط التواصل الاجتماعي، وكم من خبر مكذوب عن نبينا صلى الله عليه وسلم يغزو هذه الفضاءات فيتلقفه العامة ظنا منهم أنه من كلام النبوة وهم لا يميزون بين الضعيف والصحيح فيضلون..!
وكم من زلة لسان لعالم أو مسؤول يتداولها نشطاء الفيس بوك وتويتر وغيرها ويستشهدون بها في غياب أي توجيه ممن له علم بصحتها أو فسادها..
فوجب على المرء أن يزن كلامه قبل الإدلاء به خصوصاً إن تعلق بجناب مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه مبلغ عن ربه..

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ ۚ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (107) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۖ وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ (108) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّىٰ يَحْكُمَ اللَّهُ ۚ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (109)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى