رأي

مقتل حسن نصر الله

الدكتور احمد كافي

في كل محطة من المحطات التي تختلف فيها الأنظار وهي أمور طبيعية. أرى أن هذا الطبيعي يصل حد التراشق، وادعاء كل طرف امتلاك الحقيقة في مواطن إبداء الرأي!!!
ثم أجدني تتنازعني الأنامل أن اكتب شيئا، فإذا النفس التي بين جنبي توبخني وتقول لي: لن يزيد دلو كتابتك على أن تصطف هنا أو هناك. وإذن، لم تفعل على أن اخترت الاصطفاف، والأصل في الكلام المسدد أن يخفف من الحدة عند التنازع، ويقارب بين الشقق إن كان التقارب ممكنا، لا أن يزيد في مزيد صب نار الاختلاف على شرارات الحطب، وزيادة الملح على الجروح.
العجب المتبع المطاع:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثم اتذكر قوله صلى الله عليه وسلم: إذا رأيتَ شُحّاً مُطاعاً، وهوىً متبَعاً، ودنيا مؤثرة، وإعجابَ كل ذي رأي برأيه، فدع عنك أمرَ العامة، وعليكَ بخاصة نفسك”، فأتوقف عن الحديث لا عن عجز او عدم اتضاح الصورة، ولكن عن مقصد من الكتابة لم يتحرر عندي إسهامها في الخير.
ما انا متيقن منه:
ـــــــــــــــــــــــــــ
1- إن الرجل قتله أشرار الأرض المجرمون المدعمون من طرف الصليبيين الحاقدين.
2-وإن هذا التسعير للحروب والسفك للدماء هي طبيعة اليهود: كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الارض فسادا”().
وإذا كان هذا خبر صادق من ربنا عز وجل عن طبيعة رهط اليهود، فإنه امر لأهل الإسلام بمواجهة الذين يتزعمون الحروب ويسعون في الارض بالفساد.
3-إن الناس وإن كانوا أعداء ليسوا في مرتبة واحدة. فمن الأعداء من هم بعداء عنا بعدا عظيما، ومنهم الأعداء الاقرباء لنا. وهناك أعداء فضلاء، وأعداء أشرار. قال تعالى وهو يحدثنا عن اليهود والنصارى:” ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم”، ثم ينتقل سبحانه وتعالى لبيان الأقرب من الأبعد منهما..ط::” ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى”().
من الخلاف إلى التراشق:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثم يتحول اختلاف النظر عند البعض إلى الاتهام والتراشق، فيصبح الموضوع الأصلي الذي هو الاجتماع على مناهضة اليهود واعوانهم، سيفا مقلوبا في اتجاه المخالفين معنا في الرؤية، يخالفوننا ونخالفهم، وعلى اي حال كان الاختلاف فهم من أهل القبلة الذين يرجن الخير لها، ويعتقدون أن رايهم هو الراجح.
أبو حامد الغزالي:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لما أن وجد نفسه أمام المجرمين و المخالفين قال قواته الشهيرة:” ولا أتنهض ذاباً عن مذهب مخصوص، بل أجعل الجميع إلباً واحداً عليهم، فإن سائر الفرق ربما خالفونا في التفصيل، وهؤلاء يتعرضون لأصول الدين، فلنتظاهر عليهم، فعند الشدائد تذهب الأحقاد”( ).
متى نستفيد؟
ــــــــــــــــــــــ
لماذا لا نستفيد من دروس الماضي؟ لقد مرت علينا في هذه العشرية جملة من الأحداث اختلف الناس فيها حول شخصيات تعرضت للموت أو القتل، بين قائل بالترحم عليه وأنه شهيد، وبين منكر ذلك ومعتبر إياه غير شهيد.
فهل حسم الخلاف؟ ولماذا الإصرار على التوحد في الرأي؟ أليس الخلاف مقتضيا التيسير ورفع الحرج عن الاختيارات حتى ولو كنت على غير اعتبار أحدنا لها؟ من الذي يملك الحقيقة من هؤلاء فيتقدم ليعلمنا؟ وأين هو أدب الخلاف عند الخلاف؟
كل تلك الدروس النظرية التي نجمع عليها تذروها الرياح وتعصف بها الأهواء عند أمثال هذه المحطات.
ألا يسعنا أن نتفق على ما اتفقنا عليه من حق كل صاحب رأي أن يدلي برايه. وهذا الإقرار يلزم عنه اعتبار نتيجته التي يؤول إليها رضينا أو لم نرتض هذا الأَوْل. فليس يليق ان نتفق على حق أصحاب النظر في الرأي، ثم نطعنهم عند إبداء رأيهم، لانهم لم يقولوا ما اختلط ببشاشة قلوبنا.
على هؤلاء الشتامين المتعصبين من اليوم أن يعلنوا أنهم يكفرون بالخلاف ولا يؤمنون بوجوده وتعدده. فلا حق لهم بعد اليوم أن يتحدثوا عنه أو عن آدابه، فقد ديس بنعالهم ووطئ بمناسمهم.
لا تسبوا الأموات:
ـــــــــــــــــــــــــــــ

وقد تأكد عند أهل الإسلام أنه إن كان الحديث عن الأموات بلعنهم أو سبهم أو جرحهم …أو غير ذلك من تعبيرات القدح، فذلك مما لا يجوز لغير مصلحة شرعية. فإن كان في الحديث مفسدة فالنهي متؤكد. عن عائِشةَ رَضِيَ اللَّه عنها قالتْ: قالَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ: لا تَسُبُّوا الأمواتَ، فَإنَّهُمْ قَدْ أفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّموا رواه البخاري.
علمها عند ربي في كتاب:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فقد سأل الفرعون نبي الله موسى عليه السلام عن الأموات الذين هلكوا، أين مكانهم في الجنة أو النار؟ وكان جوابه عليه الصلاة والسلام عن سؤاله:” قال فما بال القرون الأولى؟ قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى”(طه:52).
فأحال أمرهم على أعدل العادلين، وكلام الناس وتقويماتهم لا تؤثر في حكم الله إيجابا أو سلبا.
ولله في خلقه من أهل قبلتنا شؤؤؤؤؤووون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى