رأي

منع المنقبات من استكمال دراستهن: بين الاجتهاد الفقهي والواقع المعاصر

بقلم كمال عصامي

أثارت قضية منع الطالبات المنقبات من استكمال دراستهن جدلاً واسعاً في الأوساط الاجتماعية والإعلامية. يتباين موقف العلماء بشأن النقاب، إذ يرى جمهور العلماء، ومنهم الشيخ الألباني، أن اللباس الشرعي يجب أن لا يصف ولا يشف، وأن يظهر من المرأة وجهها وكفيها فقط. وقد ذهب إلى هذا الرأي عدد من الأئمة والعلماء، فيما يرى آخرون بوجوب تغطية الوجه بالكامل.

إلا أن الخلاف الفقهي حول النقاب، سواء كان وجوباً أو استحباباً، ينبغي ألا يكون سبباً لإثارة النزاعات أو فرض العقوبات على الطالبات المنقبات، خاصة في مجال حيوي كطلب العلم. ففي ظل تنامي ظاهرة العري في المجتمعات بشكل ملفت، يظهر بوضوح أن الإشكالية الحقيقية لا تكمن في النقاب أو كشف الوجه، بل في الانتشار الواسع للملابس الكاشفة والمفاتن العارية التي أصبحت ظاهرة متزايدة.

يجدر بنا أن نتذكر أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يختار الأيسر في الأمور كلما خُيّر بين أمرين، ما دام لا يخالف الشرع. من هذا المنطلق، يُفضل أن تأخذ النساء المسلمات باللباس الشرعي المعترف به لدى غالبية العلماء، ولو كنّ مقتنعات بآراء أكثر تشدداً، لتجنب الخلاف والمشاكل في هذا الموضوع الذي اختلف فيه العلماء. فطلب العلم في هذا الزمان أصبح ضرورة قصوى، ولا يمكن تجاهل أهمية الشهادات في تمكين المرأة من أداء دورها في المجتمع.

من المهم أن نتعامل مع هذه المسائل دون تعصب، وأن نسعى لإيجاد حلول وسطية تحترم اجتهادات العلماء المختلفة، مع الحفاظ على حقوق المرأة في التعليم والتعلم. إن التعصب في قضايا خلافية لا يخدم المصلحة العامة، خاصة في ظل وجود أولويات أخرى أكثر إلحاحاً، كالتصدي للظواهر المجتمعية السلبية التي تهدد القيم والأخلاق.

فالضرورة تقدر بقدرها، وفي هذا الزمن أصبح التعليم أمراً لا غنى عنه، والشواهد التعليمية باتت مفتاحاً للعديد من الفرص التي تُمكن المرأة من المشاركة الفاعلة في المجتمع. ينبغي علينا إذاً أن نتجاوز الخلافات الثانوية ونركز على مواجهة القضايا الجوهرية، بما يحقق مصلحة الفرد والمجتمع على حد سواء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى