رأي

الدكتور سلمان بونعمان يكتب :وترجل فارس القضية ومهندس الطوفان

جسد السنوار نموذجا فريدا في تاريخ المقاومة الفلسطينية وحركات التحرر الوطنية، إذ جمع في مساره بين عدة أنماط فهو: “القائد المجاهد/ المؤمن بالتحرير” و”المرابط الزاهد” و”مهندس الطوفان” و”المقاوم الطوفاني المشتبك”، فمنذ سنوات سجنه وهو يفكر خارج الصندوق ويقرأ العقل الإسرائيلي بدقة ويدرس طبيعة شخصية المحتل ونفسيته وآليات اشتغاله، ولم يتوقف بعد خروجه من السجن، عن استعداده لمواجهة الاحتلال وتحرير الأرض وتطوير فعل المقاومة، كما لم يتخل عن منهجه وأسلوبه ومبادئه التي تربى عليها وآمن بها ونشأ في ظلالها. وهكذا كان قدوة في التخطيط والتنفيذ والتضحية إلى جانب رجال الطوفان، يتقدم الصفوف ويتنقل بين المواقع ويخطط للمعارك ويُلهم مجتمع الطوفان، ويصمد مع المرابطين مقبلا غير مدبرٍ، ممتلئا باليقين والإيمان والعزة ومؤمنا بنصر الله ووعده.
السنوار بصمة فارقة تنضاف إلى قافلة الشهداء والعظماء والمجاهدين في تاريخ الأمة وفلسطين، وسيسجل المؤرخون -ولو بعد حين- أنه أول من وضع القضية الفلسطينية على طريق حرب التحرير الطوفانية التي قد تدوم سنوات طويلة، وسيذكر التاريخ ويسجل اسمه كأول من فكر في نموذج المقاومة الاستباقية والمبادرة الطوفانية على الكيان قبل أن ينال من الأرض والعرض والشرف.
شكل استشهاده ملحمة إيمانية وظاهرة إنسانية من البطولة والشجاعة والتحدي والإقدام على المواجهة ذكرتنا بزمن الصحابة رضوان الله عليهم وعصر السلف الصالح، وكانت “عصا السنوار” وفعل “الرمي” تعبيرا رمزيا عن حديث الفسيلة وشق التمرة، جامعا بذلك بين مقام الإحسان والتقوى، ومصرا على المقاومة إلى آخر رمق ولو بعصا يرمي بها عدوه، لعل فعل “إلقاء” العصا يحدث انفلاقا بين الحق والباطل، وانتصارا جديدا على الطغيان كما فعلت عصا موسى عليه السلام، ويذكر الأمة بضرورة الحفاظ على قيمة المقاومة وجذوتها.
سيسكن “يحيى” في قلوب مئات الملايين من أمة الإسلام وأحرار العالم، وسيخلد بطلا وطنيا وإسلاميا وعالميا في ذاكرة الأجيال والأحرار عبر التاريخ، وسيبقى رمزا لأخلاق الفرسان وأيقونة للتضحية والبذل في سبيل تحرير الوطن والأقصى والأمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى