
جاء أحد طلبة العلم إلى أحد الدعاة فقال له: أنت تذهب إلى القبوريين لتدعوهم إلى الله، ولكنك لا تنكر عليهم ما يعملونه من شِركيات حول القبر، فقال له: أرني يا طالب العلم كيف يكون إنكار المنكر، فقال له طالب العلم تعال معي، فأخذه إلى الضريح، وبدأ ينكر على مرتاديه بشكل مباشر شبه عنيف فيه نوع من الفظاظة والغلظة، فأخذوه وانهالوا عليه بالضربات المتتالية، فلما أفلت منهم بصعوبة، وتم تهدئة الوضع من قِبل بعض العقلاء منهم مخافة التسبب في جرم قتله…تقدم هذا الداعي إلى طالب العلم بعدما هدأ من روعه، وقال له: انظر إلى طريقتي أنا في دعوتهم إلى اجتناب هذا الشرك الظلم العظيم، واسْمع خطابي لهم، فتقدم نحوهم وسلم عليهم، وشكر صنيعهم على احتفائهم بوليهم صاحب البركة، وأخذ يبين لهم سيرة هذا الولي المدفون في الضريح، وكيف كانت قوة علاقته بربه، وكيف كان يقضي حاجاته بصلاة الحاجة والدعاء والتضرع إلى الله، وكيف أن الناس كانوا يقصدونه تترا عند الحاجة ليعلمهم بأن قضاء حوائجهم تتأتى بالدعاء والصلاة، والاعتصام بحبل الواحد القهار، فتأثر الناس بكلامه العذب تأثرا عظيما، فأخذهم ذلك الداعي والواعظ الكيس إلى المسجد، وعلمهم الطريقة الصحيحة في دعاء ربهم وخالقهم، فتعجب طالب العلم من حكمته البليغة في دعوته بالتي أحسن لأهل البدع.. ذلك أن رسولنا الحليم الكريم لم يقل في الحديث المشتهر تداولا بين الناس في تغيير المنكر: * فلينكره”، وإنما قال: * فليغيره *؛ وحينما يكون عندنا نية التغيير نبدأ في البحث عن الأسلوب الأمثل للتغيير، فالإنكار المباشر يقوم به فقط المستعجلون للنتائج بينما الطريقة المثلى للتغيير تكون بالرحمة على الناس، والافتقار الى الله، والتفكر والدعاء يفتح الله للداعي أبواب الحكمة.