
شهد حزب النهضة والفضيلة توتراً داخلياً كبيراً خلال الأيام الأخيرة، إثر صدور بيان عن الأمانة العامة للحزب يعلن عن طرد عدد من القياديين البارزين في الحزب. وجاء في البيان الذي أصدرته الأمانة العامة للحزب بتاريخ 20 أكتوبر 2024، أن الاجتماع الذي عُقد برئاسة السيدة حفيظة مقساوي، أسفر عن اتخاذ قرارات تأديبية هامة تشمل طرد عدة أعضاء على خلفية “مخالفات تنظيمية وتشهير بالحزب عبر وسائل الإعلام”، ومن بين المطرودين عز الدين الخير، سعيد ميشور، ومحمد الطلوع الأمراني.
محتوى البيان الأول: قرارات صارمة ضد أعضاء بارزين
وفقاً للبيان الصادر عن الأمانة العامة، فقد تم تدارس الملفات المتعلقة بعدد من الأعضاء واتخاذ قرار بالطرد النهائي بحقهم بعد ثبوت تورطهم في أنشطة وصفها البيان بـ”الهدامة” ضد الحزب، من بينها “التشهير بالحزب والإساءة إلى سمعته في المواقع الإلكترونية”، وأكد البيان أن الحزب ماضٍ في مسيرته الإصلاحية تحت قيادة الملك محمد السادس، مشدداً على دعمه للوحدة الترابية للمغرب.
البيان التكذيبي: اتهامات بالتزوير
بعد صدور البيان الأول، خرج بيان تكذيبي تحت امضاء عزالدين الخير المفوض بالتسيير، يشكك في شرعية القرارات التي أُعلن عنها. وأوضح البيان التكذيبي أن الأفراد الذين أصدروا البيان السابق “ليسوا مؤهلين” لإصدار قرارات باسم الحزب، وأن الاجتماع الذي أفضى إلى طرد الأعضاء جرى في شقة خاصة بالرباط، وليس ضمن مؤسسات الحزب الرسمية. وأكد البيان التكذيبي أن الأمانة العامة سبق أن اتخذت قراراً بطرد اثنين من الأعضاء الذين وردت أسماؤهم في البيان الأول، وهما حفيظة مقساوي والمختار البوكري، بينما اتهم البيان الأول باستخدام “رأسية مزورة” وختم “مسروق أو مزور”.
وأعلن الحزب في البيان التكذيبي عزمه التقدم بشكاية قضائية ضد الأشخاص المتورطين في إصدار البيان الأول وكل من ساعدهم أو شارك في هذه العملية، مشدداً على التزام الحزب بالمسار الديمقراطي. وأشار البيان أيضاً إلى أن الحزب يعتزم عقد مؤتمر استثنائي لاختيار أمين عام جديد بشكل ديمقراطي وشفاف.
الخلافات الداخلية: أزمة في القيادة أم مناورة سياسية؟
يطرح الصراع الدائر داخل حزب النهضة والفضيلة تساؤلات حول مدى تماسك القيادة الحزبية وقدرتها على إدارة الاختلافات الداخلية. فمن جهة، يشير البيان الأول إلى وجود رغبة في الحفاظ على وحدة الحزب ومعالجة التجاوزات التنظيمية، بينما يعتبر البيان التكذيبي أن الخطوات التي اتخذها بعض أعضاء الحزب غير شرعية وتهدف إلى فرض أجندات شخصية.
وفي ظل هذه التناقضات، يبقى السؤال قائماً حول مدى تأثير هذه الخلافات على مستقبل الحزب، وهل سيتمكن الحزب من تجاوز هذه الأزمة عبر آليات ديمقراطية أم أن الصراع سيزداد حدة؟ كما تظل الشرعية القانونية للأمانة العامة التي أصدرت البيان الأول محل جدل، ما قد يدفع باتجاه اللجوء إلى القضاء لحسم المسألة.
المؤتمر الاستثنائي: محاولة للخروج من الأزمة؟
في ظل هذه التطورات، يعوّل حزب النهضة والفضيلة على المؤتمر الاستثنائي المرتقب كفرصة لحسم الخلافات الداخلية، حيث من المتوقع أن يُختار أمين عام جديد. ويبقى المؤتمر محطة حاسمة قد تحدد مصير الحزب ومسيرته المستقبلية، خاصة في ظل التجاذبات الحالية. هذا و تبقى هذه الخلافات مرآة للتحديات التي تواجهها الأحزاب السياسية المغربية، حيث تصطدم الإرادة الديمقراطية أحياناً بصراعات داخلية قد تؤدي إلى إضعاف الحزب وتقويض أهدافه. لكن قدرة حزب النهضة والفضيلة على تجاوز هذه الأزمة ستتضح أكثر خلال الأسابيع القادمة، مع اقتراب موعد المؤتمر الاستثنائي.