
28 أكتوبر 2024
مقدمة:
واجهني أحمد ويحمان بكلام جارح مجانب للصواب و بكلمات تحمل في طياتها حقدا و كأنني عدوه، في ما يتعلق برأيي حول ما أراه الأفضل لمساندة فلسطين و فضح الصهاينة قتلة الأطفال و النساء و مرتكبي جريمة الإبادة الجماعية في غزة أمام أنظار العالم. و لذلك وجب التوضيح:
أ/ السياق العام:
1- لما صرح رضوان الرمضاني : “كلنا هسرائليون” ، عبرت مباشرة و تلقائيا رفضي لما تفوه به من كلام هيتشكوكي خاطىء مخطىء، و كررت ذلك كثيرا، بل و طلبت منه التصحيح عبر بعض المقالات أو التدوينات و بصراحة لاذعة في بعض الأحيان، ولكن بأدب طمعا في جعله يتراجع عن مقولته الشهيرة المؤسفة تلك، و ليس لافتعال تراشق بالكلام و الكلام المضاد الذي لا يجدي نفعا أبدا. فهذه هي طريقتي في التعامل مع من يخالفني الرأي خاصة في الأمور الهامة، و ربما هذه طريقة لا تروق لأحمد ويحمان الذي ربما يفضل المواجهة فقط من أجل المواجهة و هذا نهج يسد الطريق أمام تحقيق أدنى نتائج مرضية كمن يدور في حلقة مفرغة.
2- أحمد ويحمان يصدق “حسن نصر الله” و لا يصدق وزير الخارجية ناصر بوريطة في قضية علاقة إيران و الحزب الشيعي في لبنان ب”البوليزاريو”. و عزيز هناوي يستشهد في تدويناته، ضدا عن منطقه، بكل ما تقوله شامة درشول كأن كلامها حجة مطلقة، و هي التي كانت تعمل كمستخدمة في “مكتب الاتصال الإسرائيلي”، ثم يقول بأن على وزير الخارجية ناصر بوريطة أن يقدم حجة في ما يتعلق بعلاقة إيران و “حزب الله” ب”البوليزاريو”.
3- الوزير السابق مصطفى الخلفي، بوزنه و ثقله كقيادي في حزب شعبي، تفوق آنذاك في الإنتخابات بفضل مساندته لقضية فلسطين من جهة و التزامه بمحاربة الرشوة من جهة أخرى، ألا و هو حزب العدالة و التنمية الذي ينتمي إليه أيضا عزيز هناوي، دافع عن إفادات وزير الخارجية ناصر بوريطة بطريقة مقنعة قل نظيرها، في ما يتعلق بتدريب إيران و حزب “نصر الله” “للبوليزاريو”، و عزيز هناوي، القيادي في حزب العدالة و التنمية، يقول بأن كان ذلك فقط في إطار مهامه كوزير ناطق باسم الحكومة…! فهل صفة وزير ينتمي للعدالة و التنمية تنفي الصدق في الكلام، و إلا لما لم يقدم الوزير مصطفى الخلفي استقالته في حينه بدل قول ما لا يعتقده (و هذا مستبعد) ؟ و لماذا يجتهد عزيز هناوي عبر تدويناته في صناعة “عذر” للوزير السابق مصطفى الخلفي صديقه في الحزب، و يرفض تصديق وزير الخارجية ناصر بوريطة ؟ فلماذا إذا ينتفض عزيز هناوي و أحمد ويحمان لما أحذر – مجرد تحذير- من مغبة استغلال القضية الفلسطينية لأغراض حزبية ضيقة بغض النظر عن نية هذا و ذاك…؟
4- عبد الإله بنكيران يقول : “الذين يتكلمون في موضوع السنة و الشيعة لا يفهمون شيئا إذا كانوا صادقين و إذا لم يكونوا مدفوعين مأجورين… و أنا أعرف أن على الأقل من بينهم واحد رجل صادق ولكنه رجل مجذوب الله يرد بنا و به…. “.
5- الكل تقريبا، و من ضمنهم عبد ربه، يساندون المرصد لمناهضة التطبيع و جمعيات مساندة فلسطين، و الجميع يتغاضى عن بعض التناقضات من أجل فلسطين، و تأتي مسيرة 6 أكتوبر التاريخية الناجحة المبهرة لتغيض الصهاينة المجرمين قتلة الأطفال و مرتكبي الإبادة الجماعية، و لقد عبرت بدوري و في نفس اليوم عن ذلك.
6- ثم ترتفع بعض الأصوات منددة برفع صورة الزعيم الشيعي في مسيرة 6 أكتوبر. فأتقدم برأي ينصح بعدم إثارة أسباب التفرقة كيفما كانت نصرة لغزة-فلسطين، و قلت بأن إذا كان لابد من رفع صورة، فالأجذر أن ترفع صورة محمد الدرة صحبة أبيه جمال الدرة، و بعدها انتقل أحمد ويحمان إلى أكادير للتنديد بسحب إسم “محمد الدرة” من واجهة معهد الفنون…
7- ينتفض عزيز هناوي من جهة، ثم ويحمان من جهة أخرى ضدي إلى حد اتهامي بتبني المقولة المشؤومة أو “سردية” :”كلنا هيصرائليون” لصاحبها رضوان الرمضاني، دون مراعاة لا لماضي و لا لحاضر و لا لمضارع، دونما تقبل رأي آخر سديد يساند فلسطين بقوة و حكمة و ينصح بعدم إثارة نعرة الشيعة احتراما لقضية الصحراء المغربية من جهة، و بغية توحيد صفوف مساندة فلسطين بصدق من جهة أخرى.
ب/ شرح الرأي بوضوح:
1- الرأي ضد ما يقوله رضوان الرمضاني و من معه لأننا كلنا مغاربة نساند فلسطين بكل الطرق المتاحة قانونا، بالحناجر و القلم الحر المستقل و بقوة، و هذا كل ما نملكه كمواطنين على كل حال، لإقناع العالم بعدالة القضية الفلسطينية و لفضح الوجه البشع للصهاينة الذين يقترفون جريمة الإبادة الجماعية في غزة-فلسطين.
2- إذا كان مباحا لأحمد ويحمان و عزيز هناوي أن يرفعا صورة زعيم شيعي قتله الصهاينة غدرا، أو أن يقحما الشيعة في قضية مساندة المغاربة لغزة-فلسطين، أو أن يروجا ل”محور المقاومة” بزعامة إيران، فلماذا يستكثران علي التذكير بمغربية الصحراء المغربية في القضية و لو أثناء المعركة القائمة حاليا، علما أن الحرب ممتدة منذ 1948، و إلا لماذا لا يؤجلان موقفهما المساند لإيران الشيعية و “حزب الله” الشيعي تفاديا للتفرقة و حتى تكون المساندة المغربية تامة، علما أنهما في هذه المعركة يشاركان في قيادة المساندة الشعبية المواطنة فقط، لأن لا موقع رسمي لهما في الدولة أو في الحكومة؟
3- ما كتبه أحمد وايحمان في حقي باطل و مؤلم جدا لاعتبارات عديدة… ما كتبه باستخفاف يدخل في إطار التلبيس غير الصحي بتاتا، -و لا أريد أن أصف هذا الأمر بدهاء أو عبقرية إتقان الكذب حفاظا على شعرة معاوية و حفاظا على وحدة الصف-، أو أنه يدخل في إطار أنانية عجيبة غريبة و عبد ربه صاحب رواية في “الجزيرة العجيبة الغريبة…”. و في ما يلي بعض عبارات أحمد ويحمان الجارحة:
” القول كما قلت أنت بالمساندة بالقلب و اللسان…و العجيب أن هذا هو موقف العواصم السنية كلها…
و الغريب هو بلوغ أمرك إلى ترديد نفس سردية كلنا إسرائليون بشأن النزاع لشيطنة المقاومة، ليس حزب الله فقط، و إنما حتى حماس باستدعاء قضية وحدتنا الترابية ..و بالافتراء..الافتراء…”
هذا الفهم الخاطىء الذي بلغ حد إذاية المقاومة الفلسطينية في عز المذابح الصهيونية”
4- و جوابا على اتهامات أحمد ويحمان الباطلة: إن ما قال بأنه فقط رأي، بطلب مني، تخللته اتهامات خطيرة جدا في حقي و بطريقة عنيفة و كأنه يتواجه مع جيش “تساحل” في غزة جنبا لجنب مع المقاومين الأشاوس في الميدان، و كان هذا ردي في حينه بكل هدوء:
“أولا، منطق معي أو ضدي منطق غير بناء.. و لدينا في التاريخ ما يفيد ذلك خاصة عند بعض اليساريين …
أخي، أنا لم أقل “يجب” الإكتفاء بالقلب و اللسان هكذا بل قلت بأن هذا كل ما نملك كمواطنين (كمواطنين) و الفرق شاسع جدا أليس كذلك؟ و لذلك لا داعي لزرع أسباب التفرقة كرفع صور الشيعة .. و أ الله يا ودي أ السي أحمد كيف تقول بهذه السهولة الهجومية بأنني أردد سردية “كلنا كذا…” و أنت لا شك قرأت ما كتبت بل أيضا ما قلت في هذا الشأن..يا لطيف! و كيف يبلغ بك الأمر أن تتهمني ب إذاية المقاومة الفلسطينية و أنت تعرف و تعلم عكس ذلك ؟ هل يجب أن أعيد نشر ما كتبت و ما دونت و ما قلت للمرة الألف لتقتنع أم أنك تعتمد منطق “معي أو ضدي” الذي ينفع فقط في زرع التفرقة و هذا ما يريده الصهاينة… لا لا.. رأيك غير صائب ولكنه مفيد لي لأنني علمت طريقة تفكيرك التي أرى أنها في غير مصلحة المقاومة في فلسطين. و أما إذا كانت المشكلة تتعلق بما قلته عن حزب العدالة و التنمية فلك أن تشرح و مرحبا. و معذرة على الصراحة.”
ت/ الإستنتاج:
إذا و بكل وضوح، رأيي أن طريقة أحمد ويحمان لمساندة القضية الفلسطينية قد تضر و لا تنفع لأن التشدد ينفع في ساحة المعارك الفعلية في الميدان، في حين أن التشدد في الفكر غير نافع لأنه يفرق الصفوف و لا يجمعها. و أما البطولة في هذه القضية فلا تكون على حساب المقاومين في الميدان لأن لا بطولة سوى للمقاومين في غزة، و أما نحن كمواطنين مغاربة و بحكم الواقع فنساند فقط و لا نتغنى بأية بطولة، نساند بكل صدق و لا نركب على قضية فلسطين لأغراض انتخابية أو حزبية أو لمساعدة أصدقائنا المتحزبين و ما إلى ذلك… و لا يكفي أن نكون أذكياء بل يجب أن لا نكون أنانيين لأن الأنانية تحول الذكاء إلى ما لا ينفع أبدا لا القضية و لا البلاد و العباد…
نعم، لقد قلت في تحليل لمسألة ما بأن حزب العدالة و التنمية كانت لديه شعبية كبيرة، فتفوق في الإنتخابات بفضل مساندته لفلسطين من جهة و تقديم وعود بمحاربة الرشوة و الفساد من جهة أخرى، ولكن لما ترأس الحكومة وقع على التطبيع كما لم يفعل شيئا يذكر في ما يتعلق بإصلاح الإدارة و محاربة الرشوة، و لذلك فقد شعبيته و جزء مهم من مصداقيته، و قلت بأن الآن و هو في المعارضة وجب عليه تجنب استعمال قضية فلسطين لاسترجاع مصداقيته، لأنني لا أرى مصلحة في رفع صورة زعيم شيعي في المغرب في مسيرة عامة لنصرة فلسطين و المقاومة في غزة. و قلت أن علينا مساندة المقاومة في غزة، و أما إن كان حزب شيعي يحارب الصهاينة من جهته فجميل ولكن لا شأن لنا به، فلا لتمجيده لأن لا هو و لا إيران، رئيسته، يساندان وحدتنا الترابية، و حتى لا ينتشر التشيع في البلد السني. هذا رأيي و أنا حر فيه.
كانت عبارة “المتصهينين” تصف فئة معينة قليلة تعبر بصراحة عن اصطفافها في الجهة الأخرى، فكانت الأمور واضحة إلى أن أصبح أحمد ويحمان يتهم كل من خالفه الرأي، أو من اقترح و نصح تفاديا للتفرقة، ب”التصهين”، إما مباشرة أو بطرق ملتوية، و بذلك فهو يقوم بعملية تمييع ضارة مضرة، و صراحة لا أعرف ما الذي يدفعه لذلك…أحمد ويحمان مجرد مواطن بسيط و لو كان مثقفا، و أما إن أراد فعلا أن يقنع الدولة، التي لها معطيات لا نتوفر عليها كمواطنين بسطاء، بضرورة إنهاء التطبيع، وهذا ما تمنيته و عبرت عنه مرارا و تكرارا نهارا جهارا، فنهجه يصب في عكس المراد كما لو كان يخشى أن يكون إنهاء التطبيع الرسمي، الذي وقعه حزب العدالة و التنمية، سيعلن إنهاء المرصد لمقاومة التطبيع الذي يرأسه…
و أما عن التحذير من تغلغل الصهاينة في البلد الحبيب، فربما قد سبقته لذلك و منذ سنين عديدة، كما أنني استحسنت ما قدمه من معلومات أخرى مفيدة في هذا الشأن. فما سبب استعماله إذا للكلام الغليظ الجارح في حقي؟ ألم يتعلم أحمد ويحمان من عبد الإله بنكيران بعد فن الكلام دونما استعمال للكلام المؤذي مجانا و بلا فائدة…؟ فلقد تكلم عبد الإله بنكيران في آخر لقاء جماهيري له عن الشيعة و السنة، و رغم كوني لا أتفق معه في هذا الموضوع لن أعقب على طرحه لأنه تكلم بأسلوب حضاري في موضوع شائك، و أيضا احتراما لتجربتة السياسية و احتراما لرأيه.
يونس فنيش