رأي

كلام نفيس في ذم المهلكات الأربع الموجبات خلودا في جهنم لواحدة منها على كرسي اللظى المتصف بها عليها يتربع.

من توقيع الشيخ المقرئ عبد اللطيف بوعلام

لقد قالوا وصدقوا، ومن حديث الله وقَصصه ساقوا باختلاف بينهم في النظم المؤدي للمعاني المحذَّر من الاتصاف بواحدة منها:
أربعة مُهلِكة للعبد ^ أنا ولي ومعي وعندي
أربعة مهلكة للعبد ^ أنا ونحن ثم لي وعندي
أربعة قالوا مهلكة للعبد
أنا ولي ومع الظلة وعندي
وخارجه من القرآن جمعا لتلكم المهالك الكبرى باختصار:


1_ ( الأنانية الفردية والجماعية تفضيلا في العِرق، واستقواء بالمال والقوة الجسمانية ماثلة في قوله تعالى حكاية عن الشيطان اللعين بسورتي الأعراف وص: * قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين *، فأتاه الرد على عصيانه وعدم امتثاله لأمر ربه في السجود لآدم عليه السلام: * قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين *. * قال فاخرج منها فإنك رجيم *، وقوم الملكة بلقيس في تحديهم: * نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد، والأمر إليك، فانظري ماذا تأمرين *. ومعارضة القوم نبيهم في اقتراحه لتولي طالوت عليهم ملكا: * قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال* . إلى درجة أن قوم عاد عمالقة البلاد الذين جابوا الصخر بالواد قالوا في تحديهم لنبيهم هود وتباعه المستضعفين وللعباد: *…: من أشد منا قوة؟! أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون * .* وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذَّبين *… إلخ.
2)_ الافتخار بالملك الذي لا يدوم، واحتقار وازدراء الآخرين متجسد في قول فرعون الذي ادعى الألوهية العليا، فكان جزاؤه جهنم خالدا فيها معلوما مصيره في الكتاب المبين بسورة الزخرف يُتلى حكمه إلى يوم الدين: * … قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون…. أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين… فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين*.
3)_ ومع الظلة يعني الاستقواء بالمعية تعاونا على الشرك والكيد والشر كقول أحدهم أنا مع فلان، وأنا مع الحزب العلاني، لا تقصر من جهدك، فلن يمسني سوء كائنة جمعا لتلك السحابة التي ظنها قوم شعيب الكافرين المكذبين المخسرين للموازين واقية وحامية لهم من الحر بسورة الشعراء الفصل المبين: * فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم *.
4 ) _ العندية وعدم الاعتراف بصاحب العطية: * قال إنما أوتيته على علم عندي أو لم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون * واردة كنموذج للكنوز القارونية التي خسف الله بها وبمالكها المستكبر مجلجلة في الأرض إلى يوم القيامة معروضة تفاصيلها بسورة القصص من قوله تعالى: إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيتاه من الكنوز ما إن مفاتحه لتوء بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين…. إلى قول المتحسرين على أملاكه الزائلة: * وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الظالمون *.
ذلك لنخلص في النهاية إلى أن الافتخار والتفاخر بالأنانية والتكبر بالتكاثر في الأموال والمتملكات دون إرجاعها حمدا وعطاء من رب العزة، والحزبية استقواء وعجرفة على الآخرين لاستعبادهم وغمط حقوقهم. كلها خصال مذمومة عند الخلق، فبالأحرى الخالق الذي الكبرياء والعلو رداؤه، فمن نازعه فيه قصمه بالصاد بمعنى أهلكه، والناس سواسي كأسنان المشط، وأكرمهم عنده أتقاهم، فلنتجب هذا الاستعلاء على الفقراء، ونساعد الضعفاء عسى أن يرفعنا العلي القدير عنده مقاما محمودا.
أرجو من الله أن أكون موفقا في تفسير المحذرات الأربع التي كثر التعامل بها في المجتمع، فهذا منتهى فهمي لها، ولله مبلغ العلم والمَجمع. وفقكم الله لما يحبه ويرضاه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى