رأي

فرنسا اللص ” الوديع “

مسرور المراكشي :

قام الرئيس الفرنسي ( ايمانويل ماكرون) بزيارة دولة للمغرب، وكان في استقباله ملك البلاد حفظه الله، و كان استقبالا يليق برئيس دولة صديقة، لقد فرش له السجاد الأحمر، وتم عزف النشيد الوطني لكل دولة، ثم حشر له الناس ظهرا على جنبات الطريق كما هي العادة، وذلك من أجل تحية الضيف وإظهار كرم المغاربة، وجمع له البرلمان بشقيه ليلقي فيه خطابا، حيث يمكنه أن يقول ما يشاء طبعا دون حسيب ولا رقيب، تطبيقا لقاعدة : ( إذا لم تستح فافعل ماشئت)، والجميع يعلم أن هذا الرئيس الفرنسي يغلبه الحياء..!!، خلاصة لقد كانت زيارة جد مهمة تحدث عنها الجميع سواء المعارض أو المساند، لكن المثير للشك و الريبة هو الصحوة المفاجئة لضمير هذا المستعمر، وهرولته نحو بلادنا وهو يمد يديه طالبا الصفح والغفران، بمنطق ( عفى الله عما سلف) أوكما يقول المغاربة : ( احنا أولاد اليوم)، طبعا لن يطالب أحد بمحاسبة فرنسا عن جريمة احتلال المغرب، أو حتى مجرد اعتذارها عن سفك الدماء وقتل المغاربة ظلما و عدوانا، ناهيك عن نهب ثروات البلاد و تمزيق الوحدة الوطنية والترابية، حيث أصبح الأخ يرفع السلاح في وجه أخيه، و لقد أفسدت كذلك العلاقة بين الجيران وتم ضرب اتحاد المغرب العربي، كل هذا جعله( مسيو إيمانويل) وراء ظهره وكأنه لم يكن، فحتى اعترافه المتأخر بسيادة المغرب على الصحراء (الغربية) كما يزعم، جاء بعد أن أخذ ورقة و قلم ثم قام بعملية حسابية للخسائر و الأرباح، حيث وجد أن إغضاب الجزائر أسهل كلفة من فقدان المغرب، لأن هذا الأخير نسج علاقات اقتصادية قوية مع أغلب الدول الإفريقية، وهذا ما تحتاجه فرنسا في الوقت الحالي، حيث أصبحت منبوذة و مطاردة وغير مرحب بها في كل الغرب الإفريقي تقريبا. وبما أن المستعمر عامة و الفرنسي خاصة لا يعطي شيئا مجانيا أبدا، فهو يعطيك باليمنى و يأخذ منك ما أعطاك باليسرى، وقد لا يعطيك في الغالب أي شيء و مع ذلك يأخذ منك باليمنى و اليسرى معا، لهذا أضع توقيع المغرب على 22 إتفاقية في هذا السياق، والله وحده هو من يعلم بمضمونها و محتواها، طبعا و الراسخون في علم الصفقات، لكن ومع ذلك يمكننا أن نتنبأ بما جاء في هذه الاتفاقيات، طبعا يجب أن نفهم نفسية ( المسيو ) أولا وذلك بعد استقراء الأحداث والتاريخ، وتفحص أرشيف العلاقات الدبلوماسية والرسائل المتبادلة،ثم العودة إلى تجربتنا مع هذا المستعمر الفرنسي، وبعد تنفيذ هذه الإجراءات مسرور المراكشي يقول لكم : ( إن المغرب ملزم إذن بدفع ثمن هذا السخاء الفرنسي الحاتمي)، أولا – هناك الإعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء ( الغربية) في إطار الحكم الذاتي، ثانيا – الشراكة الإستثنائية ( رابح رابح)، أظن أن المقابل هو فتح السوق المغربي بلا قيود للإستثمارات الفرنسية، ثم تمكين فرنسا من العودة مجددا إلى تلك الأسواق التي فقدتها في افريقيا، وتسهيل غزو فرنسا إقتصاديا لدول إفريقيا عبر بوابة المغرب، حيث أن هذا الأخير يتوفر على ترسانة كبيرة من رجال الأعمال ذوي خبرة، و وكالات بنكية متمرسة وشركات فاعلة تنشط في إفريقيا، كل هذه الإمكانات يمكن أن تستفيد منها فرنسا سواء بطرق مباشرة أو غير مباشرة، كما يمكن للكيان الصهيوني أيضا أخذ نصيبه من الكعكة، وذلك عبر اختراق الشركات الفرنسية بطرق ملتوية، إنهم خبراء في تزوير وإخفاء بلد المنشأ وتغير الرقم التسلسلي للمنتجات ( code-barres)، باختصار عندما يتعلق الأمر بالمال و الذهب فتش عن بني صهيون، لكن الطريف والمضحك المبكي في زيارة هذا الرئيس الفرنسي، هو تذكيره المغاربة بأن استقلالهم كان ناقصا منذ البداية، هذا ما قاله مسيو إيمانويل ماكرون بعظمة لسانه، وذلك في خطابه الموجه للشعب المغربي من داخل قبة البرلمان، في الحقيقة إنه زلزال سياسي قابله البلهاء بتصفيق حاد و بليد، لقد قال إن فرنسا ستتعامل مستقبلا مع المغرب بشكل مغاير تماما، تقصد بذلك المساواة والندية في إطار شراكة استثنائية ( رابح رابح)، طبعا في إطار احترام السيادة الوطنية للدولة، هذا يعني أن فرنسا تعترف بعد 70 سنة تقريبا، بأنها كانت تعامل المغرب بنفس استعماري، أي غياب الندية والمساواة حيث كانت الصفقات بمنطق (رابح خاسر)، طبعا المغاربة هم الخاسرون و ماما فرنسا هي الرابحة دائما، باختصار كانت تعتبر المغرب مجرد مستعمرة تابعة، ومورد لليد العاملة الرخيصة ومنجم وسوق استهلاك، واليوم تريد فرنسا تصحيح هذا الوضع المختل، وتعديل كفتي الميزان وتعطي المغرب حق ممارسة الندية والمساواة، وحديث الرئيس الفرنسي عن المستقبل الوردي، لأن الماضي كان فيه المغرب مغبون محروم من المعاملة بالمساواة، رائع ممتاز أظن أننا قد حصلنا أخيرا على استقلال جديد، في رأيي أن يوم 29 أكتوبر هو يوم إعلان فرنسا عن الطبعة الثانية من استقلال المغرب، في رأيي هي طبعة منقحة ومزيدة و على الحكومة اعتبارها عيد وطني، كما أطالب الحكومة في إطار الشفافية بنشر كل الصفقات والإتفاقيات والمعاهدات، التي وقعت مع فرنسا طيلة 70 سنة بما فيها اتفاقية ( إيكس ليبان )، ليعلم الشعب المغربي حجم الضرر الذي لحقه وكذا حجم الأموال المنهوبة، لهذا اعتبر فرنسا المسؤول الأول عن تأخر البلاد، طبعا بمساهمة رجال أعمال موالين لها باعوا أنفسهم مقابل اليورو، حتى أصبح الشباب المغربي يلقي بنفسه في البحر طلبا لتحسين وضعه المعيشي، وفي انتظار زيارة رئيس فرنسي آخر، ليعلن عن الطبعة الثالثة من الإستقلال، ها هو مسرور المراكشي يقول لكم دمتم في رعاية الله وحفظه..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى