ثقافة وفن

كتاب بدون عنوان

بقلم: لبنى القسيل

صفحات بيضاء تتطاير من يديك
كلما حاولت نقش الحكاية، ضاع الحبر
بين سطور غير مرئية، كأنك لم تكن

أوراقها صفراء، ترتجف من هسيس ريحٍ غريب
بينما أبحث عن دفء الكلمات، تصدمني صفحة أخرى
باردةٌ، كتلك النظرة التي خلفتها في زاوية النسيان

أقلب في طيات لا نهاية لها، وكأن كل فصل
هو فراق جديد، وعهدٌ لم يُكتَب بعد
وجدران من صمتٍ، تُشيد حول ألمي

حين أسأل الذاكرة عنك، تتهرب
تُسرّب بعض الصور، مَشاهد بلا عنوان
ثم تختفي، كطيفٍ يعبر في عجل

كم أحببت أن أوقّع نهاية مشرقة
لكن الكتاب مقفل، والغلاف موصد
وبقيت أنا هنا، أقرأ الماضي بلا أمل

أعود للصفحات تائهةً في متاهة الحبر الاسود
أبحث عن بداية، أبحث عن كلمة
لكن الحكاية كلها صارت ثقلًا على القلب

كلما طويت صفحةً، وجدتك ضائعًا بين السطور
كأثر دمعٍ قديم، وجرحٍ لم يلتئم بعد
وكأنك حفرت في كل سطر وعدًا ودفنته

حين تعبتُ من البحث بين الفصول، رفعت بصري
لأراكَ ظلًا بعيدًا على هامش الذكريات
تكتب نهاية لا عنوان لها، وترحل بلا أثر

ورغم أن الكتاب بين يدي، مثقل بأشباح الوعود
تبقى الحكاية مشوشة، ناقصة، ككلمة لم تكتمل
وكلما حاولت أن أضع نقطة النهاية،،
أجدني أعود لنفس السطر

فأغلقت الكتاب ووضعتَه على رف الذكريات البعيدة
عل الغبار يكسوه، وتختبئ حروفه شيئًا فشيئًا
لكن بين الحين والآخر، يدقُّ الحنين بابي

يجرّني إليه، فأعيد فتح الصفحات القديمة
وكأنني أبحث في الفراغ عنك، عن ضوءٍ غاب للأبد
لأجدك سرابًا يختبئ في بياض الأوراق

هكذا تبقى القصة كحلمٍ مبتور
لا عناوين، لا نهايات، فقط أشباح كلمات
تتردد في الذاكرة، ولا تلبث أن تذوب

أعود وأترك الكتاب، ينوء بثقله في الصمت
لكنك، وإن كنت منسيًّا بين صفحاته
تبقى جرحًا لم يُكمل قصته،..

فكلما حاولتُ أن أتركه وأمضي، أسمع صوتًا خفيًا
كنداءٍ من بين طيّات الورق، يهمس: “لا ترحلي”
لكنني أعرف جيدًا أن لا شيء هناك سوى الفراغ

أعود لأقف أمامه، مأخوذة بغموضه
كأنني أسيرةٌ لحكاية لا تريد أن تُروى
كتابٌ مغلقٌ، يضم بين طياته سراب حبٍّ زائل

فهل سيبقى هناك، شاهدًا صامتًا
على وعدٍ لم يوفَ، وعلى مشاعرٍ مُطفأة
أم سيذوبُ كظلال المساء، يختفي بلا أثر؟

ويبقى الكتاب، بلا عنوان، بلا نهاية
كما كنّا نحن… حكايةً مبعثرة، لا اسم لها

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى