
بعد اطلاعي على شكوى الوزير احمد التوفيق التي بثها الى الله واراد ان يسمعها الاستاذ عبد الإله بنكيران، لا بد من التنويه اولا بما تنطوي عليه الشكوى من مرامي تهدف الى التراجع عن التصريحات التي تجاوزت اثارة الجدل الى اثارة المخاوف على الدولة قبل ان تكون مخاف على الدين وذلك عندما نعت بنفسه تصريحاته حول “اننا علمانيون” بانها “عجلى”.
وقد احسن عندما اغتنم الفرصة لتبرئة الدولة من العلمانية، رغم عدم توضيحه بالمقصود من “نا” وهو يتحدث باسم الحكومة وفي قبة البرلمان، وما ان كان يتحدث عن زاوية طالما انه لا يتحدث باسم حزب يتنمي في الجوهر الى النظام العلمي المقتبس من الغرب .
لكنني في الوقت ذاته اعبر عن أسفي وانا ارى وزيرا يقوم بالهروب الى الامام عوض ان يدلي بتوضيح بسيط يعبر فيه ان تصريحاته فهمت على غير المقصود منها، بحكم السياقات العجلى او انها فهمت على خلاف المراد منها كماىيفهم كل مسؤول حكومي اثارت تصريحاته جدلا في المجتمع .
كان يمكن للمخطئ ان يعبر بالامتنان والشكر لكل من نبهه ولو بالمعارضة والنقد طالما ان التفكير النقدي والمعارضة البرلمانية والسياسية هي ايضا مقتبسة من النظام العلماني الغربي، لكن السقوط في المماحكة والملاججة انما هو تقهقر الى اسوء ما الت اليه مزيا تراثنا في المناظرات العلمية التي تحولها الى مجادلات كلامية، وهو ما يعبر في العمق عن عجز وضعف ليس في الحجة والمنطق ولكن ايضا في الاعتراف بالخطاء والاوبة عنها والمفاصلة عن بعض افات الانانية وهي العزة بالاثم وهي في مقام اخر تعبير غير قليل من للرغبة في المصادرة لحق حزب سياسي معارض في اداء واجباته اتجاه المسؤولين الحكوميين واتجاه السياسات العمومية نقدا وتقويما.
وعندما نقول العجز والضعف فلصعوبة الحكم على مضامين هذه الشكوى بالجهل خاصة وانها تنسب كل مزية عصرانية او ديموقراطية او مدنية الى النظام العلماني الغربي وتجرد تبعا لذلك ثراثنا الفكري والمعرفي من كل هذه المزايا، ناسيا ان ما تحصله البشرية سواء في عالم القيم والمثل او في مجال الانجازات المادية او اللامادية او في عالم والمعاني والافكار، اننا هو حاصل تلاقح علمي وتثاقف فكري وتراكم معرفي تسهم فيه جميع الشعوب وكل الحضارات المتعاقبة، وان أفضال الحضارة الاسلامية على الحضارة الغربية كفضل الشمس على سائر الكواكب، ويكفي الامة وعلمائها انها كانت جسرا ياعد الغرب على تجديد صلته بتراثه الفلسفي والفكري الى جانب تتلمذه لمدة طويلة على علماء الاسلام في حواضر المدن الاسلامية مشرقا ومغربا وفي مختلف صنوف المعرفة وحقول الفكر الابداع .
وفي الختام اعتقد ان الاستاذ عبد الاله بنكيران قد مارس دوره في حمل الوزير على الانتباه الى تداعيات تصريحاته غير الموفقة واظن ان صدر بنكيران يتسع لما جاء في هذه الرسالة من تعبيرات غير موفقة نظير الفائدة العملية من هذه الشكوى وهي التراجع على تصريحات عجلى وتبرئة الدولة من اقرارات غير مسؤولة صدرت باسم الحكومة ومن موقع وزارة سيادية،
وهنا ولا املك امام هذه التصريحات المتتالية لهذا الوزير المشتكي الى الله والمشتكى منه من قبل الشعب، سوى ان اتوجه بدوري الى الباري عز وجل بهذا الدعاء ف”اللهم انا نعوذك بك من عجز الثقة وجلد الفاجر” .