
إن الألفية الميلادية الثالثة بدأت بإيقاع سياسي مرتفع و ساخن، وهي لم تكمل بعد عقدها الثالث إلا أن حصيلة ماو قع فيها من أحداث، يكاد يشيب لها الولدان والإبادة الجماعية في فلسطين مثال حي على ذلك، حيث كانت هناك اضطرابات و ثورات وحروب أتت على الأخضر و اليابس، ولازالت الشعوب العربية تعاني من تداعياتها إلى اليوم، لقد تم تدمير العراق و احتلاله بمساعدة الأشقاء و الجيران..!! ثم إعدام القائد صدام حسين بأيدي الأمريكان و بقفزات شيعية دون استحياء، واليوم الشيعة في جنوب البلاد يترحمون على زمن صدام بصوت مرتفع، كما تم إعدام الثائر معمر القذافي وتقسيم ليبيا، وهو نفس مصير اليمن بعد إعدام علي عبدالله صالح و تمزيق وحدة البلاد، وفي مصر أتت الثورة المضادة مع الأسف بحكم العسكر من جديد، حيث تم إعدام أول رئيس مدني منتخب بشكل ديمقراطي، محمد مرسي واليوم هناك شبه إجماع حتى من أشد المعارضين لحكم الإخوان، على أنهم كانوا ضحية خداع كبير من نظام العسكر، و أنهم قد ندموا على التفريط في مكاسب ثورة 25 يناير 2011، كما أن الثورة المضادة مزقت السودان بدعمها التمرد، و أوقفت كذلك زخم ثورة التونسيين بسجن رموز التغيير، وفي سوريا لازال الصراع مشتعلا بين النظام والمعارضة المسلحة، ولنا عودة في هذا المقال إلى هذا الصراع الشديد التعقيد، لقد صرح الرئيس الأمريكي المتهور دونالد ترامب، وكأن المنطقة تحتاج إلى المزيد من التصعيد، حيث قال مهددا حماس : ( إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل 20 يناير، سأحول الشرق الأوسط إلى جحيم) إنتهى كلام الأحمق، وهل يا سيادة الرئيس كانت المنطقة جنة النعيم ليتحولها إلى جحيم، فعلا شر البلية ما يضحك كما يقول العرب،
لكن رغم كل هذا الدمار الكبير والدماء نرى بصيص أمل يلوح في الأفق، إنها الثورة الفلسطينية المظفرة ياسادة، لأول مرة ينهزم جيش الاحتلال أمام فصائل المقاومة بقيادة القسام، فلا هي جيوش عربية تنفق عليها الملايين من الدولارات، ولا هو جيش الردع العربي أو كل هذه المسميات الفارغة، إنهم يا كرام مجرد فصائل المقاومة المسلحة المحاصرة في غزة، هجموا على جيش الاحتلال في فجر يوم السابع من أكتوبر، وعلى أقوى فرقة فيه من حيث التدريب و التسليح
مكلفة بمراقبة القطاع و المسماة ب ( فرقة غزة)، لقد كان هجوما عنيفا فاجأ جيش الاحتلال حيث قتل وجرح الكثير من جنوده، وتم أسر كبار الضباط وفر باقي الجنود تاركين سلاحهم وراء ظهورهم، ولازالت غزة صامدة رغم الحصار والدمار، و الحاضنة الشعبية لم تتردد للحظة واحدة في دعم المقاومة المسلحة، والسر كما جاء في عنوان المقال هو رهان المقاومة على الشعب، وهي رسالة غير مشفرة لكل من يدعم الطغاة على حساب الشعوب، إن الطاغية لن ينفعه دعم الأجانب فهو إلى زوال مهما طال الزمن، البقاء للشعوب إنها قدر الله في أرضه : ( إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر..)، لهذا تشكل المقاومة المسلحة في غزة نقطة ضوء في ظلام الإحباط العربي، لقد كانت الثورة الإسلامية في إيران أعظم ثورات القرن الماضي، عمل مرشد الثورة آنذاك الخميني على تصدير الثورة مع البترول، وبعد إسقاط الطاغية شاه إيران عمل على إسقاط باقي الطغاة، وكنت وأنا تلميذ معجبا بهذه الثورة التي تساند المستضعفين، وتقدم لهم كل أنواع الدعم من أجل إزاحة كل مستبد كي تعانق الشعوب فجر الحرية، في سنة 2011 وعند اندلاع ثورة الربيع الديموقراطي، كنت واثقا بأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية وعلى نهج الخميني مفجر ثورة الشعوب المستضعفة، ستنظم إلى صف الجماهير الثائرة ولن تتخلى عنها و ستقف بجانبها، لكن فيما بعد اكتشفت كم كنت ساذجا حالما، ممتطيا صهوة حصان العاطفة الجامح، أركض وراء سراب الوهم والثورة و باقي الشعارات الأخرى الفارغة، لقد اختارت إيران الإنضمام إلى جانب مصالحها الطائفية الضيقة، على حساب الجماهير السورية المطالبة بالحرية والكرامة، حيث أرسلت الحرس الجمهوري و تدخل جيش المهدي و عصائب الحق…، ثم جاء المدد من حزب الله صاحب الخبرة القتالية الجيدة، كل هذا إكراما لطاغية سوريا بشار، وسالت من أجله دماء الثوار السوريين ( الإرهابين) المطالبين بالحرية، مما فسح المجال لتدويل الصراع واختلاط الحابل بالنابل، في رأيي لو كان الحوار بين السوريين وحدهم أي المنتفضين والنظام، كل يقدم تنازلات ولو كانت مؤلمة لكان أفضل من الذهاب إلى حرب أهلية، ولتم حقن دماء الشعب السوري وإنقاذ الممتلكات والأرواح، إن مشكلة الحاكم العربي بغض النظر عن حبه و تمسكه بالكرسي، هي بطئ في ردة فعله على أي حراك شعبي، فهو لا يتصرف في الوقت المناسب، وإذا تصرف لا يكون تصرفه بالشكل المناسب مع الأسف، شرارة الثورة السورية بدأت في مدرسة بدرعا البلد، عندما كتب الطفل معاوية الصياصنة على جدران مدرسته، عبارة ( أجاك الدور يا دكتور ) وتم اعتقاله مع رفاقه و تعرضوا لعذاب رهيب، طبعا كانوا متأثرين بثورات الربيع العربي، ثم انطلقت المظاهرات وهي تردد أغاني بلبل الثورة، إبراهيم قاشوش ( يا الله إرحل يا بشار) والذي ذبح بعد ذلك، وتم تفريق المظاهرات باستعمال الرصاص الحي، لتبدأ مرحلة جديدة من الإحتجاجات مع الأسف، لا تحمل هذه المرة الأعلام واللافتات بل ثوار يحملون لكلاشينكوف، ليتم بعد ذلك تمزيق سوريا والوطن العربي،
لقد أتاحت معركة طوفان الأقصى فرصة تاريخية، لحزب الله خاصة ومحور المقاومة عامة للتصالح مع الشعوب، حيث استعاد حزب الله شعبيته و بريقه وكذا محور المقاومة، والتي تضررت بسبب تدخلهم في الصراع السوري السوري، وبدأ ترميم صورة محور المقاومة كجبهة متقدمة في الصراع مع العدو، لكن اليوم ومع الأسف الشديد بدأنا نسمع عن استعداد إيران، وذلك من أجل التدخل في الصراع السوري من جديد، و نفس الأمر قالته الفصائل الشيعية في العراق و كذلك حزب الله اللبناني، فهل سنسمع قريبا العقيد اليمني يحيى سريع الناطق الرسمي وهو يصرح : ( لقد گصفنا بحمد الله و گوته الجيش الحر)، أقول و بكل صراحة لهذا المحور الذي تقوده إيران، إنكم ستخسرون الرصيد الكفاحي الذي اكتسبتموه في المعركة مع الصهاينة، وأن الجيش الحر لن يعدم المتطوعين من كل مكان، وستكون حرب استنزاف و الرابح فيها هم أعداء الأمة، راهنوا على الشعوب فالطاغية بشار إلى زوال لكن الشعوب باقية، مسرور المراكشي يقول لكم نصيحة لوجه الله : يا أهل المحور حافظوا على نظافة بنادق المقاومة، إن الجيش الحر تعرفه أرض سوريا وهو يعرفها، تماما كحزب الله في الجنوب و كذا المقاومة في غزة، الأرض تقاتل مع أبنائها فلا تورطوا أنفسكم في صراع سوري سوري، وليذهب الطاغية بشار إلى الجحيم، يمكن أن تكون بعد ذلك حياة السوريين أفضل من دونه، إلى الأمام يا جيش سوريا الحر نصر أو استشهاد، هذا رأيي في هذا الصراع قد يختلف معي البعض وقد يتفق وهذا شيء طبيعي، لا أبحث عن الإجماع ولو كان ممكنا لحصل عليه خير البشر، محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، ما أنا إلا مسرور المراكشي أصيب و أخطىء وأكل القديد إن وجدته، وأنا على يقين أن الشعوب ستنتصر في نهاية المطاف، الرهان على الشعوب هذا نهج العقلاء ذوي الألباب✊🏼