
في حديث السفينة المشهور عند الناس، يمكن استخلاص فائدتين مهمتين ،الأولى أهمية الإيجابية في حياة الناس، والثانية خطورة السلبية في سلوكاتهم الإجتماعية و السياسية والاقتصادية، ولنبدأ بالثانية ، السلبية: وهي مصطلح يُشير إلى معاني متعددة منها التفاؤل بالجوانب السلبية في الحياة ، بكثرة الشك والتشكيك، مع التركيز على رؤية الجوانب السيئة في المواقف، الشيء الذي ينتج سلوكا سلبيا في صورة الهدم والخرق والإغراق، كما يصورالحديث النبوي الشريف، فينتج عن ذلك قلق وخوف و شعور باليأس والإحباط، ونكران الذات ، والشك في سلوك الآخرين مصطحبين في ذلك، اكتئابا مزمنا وقلقا دائما، فينعدم التفاعل بالأخذ والرد مع الآخرين، مع الإكثار من النقد والتشكيك.
لينتهي المسار الى الصراع والعداء، و الانعزال الاجتماعي.
فمن صور الخرق والاختراق ، تدهور الصحة النفسية.وتقليل الثقة بالنفس وفي الآخرين ، فتدمر العلاقات الاجتماعية،
و تفشل في تحقيق الأهداف بزيادة التوتر والقلق.
فبالإيجابية وهي الفائدة الثانية المستخلصة من حديث السفينة، ينصلح أمر السلبيين ، ومعناها: الاعتقاد بالجوانب الإيجابية في الحياة، و التفاؤل والمثابرة ، و القدرة على رؤية الجوانب الحسنة في المواقف الصعبة مع إعتماد السلوك الإيجابي والبناء في التعامل مع الآخرين الذين يركبون نفس السفينة، ويعيشون في نفس المجتمع البشري، ويعلمون لنفس المشروع ،مشروع النجاة والفلاح والفوز، والسعادة في الدنيا والآخرة ، لكن بشروط مهمة منها التفاؤل النفسي، و الثقة بالنفس ، و القدرة على التعامل مع الضغوطات ،و الصبر والتحمل. فيعم التفاعل الإيجابي مع الآخرين والدعم والتشجيع والتحفيز، فتبنى بالتعاون والعمل الجماعي، علاقات إيجابية مثمرة تزيد من تعاضد المجتمع وتلاحم الأفراد فيه. فصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يقول لنا معلما:” مَثَلُ المُدْهِنِ في حُدُودِ اللَّهِ، وَالوَاقِعِ فِيهَا، مَثَلُ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا سَفِينَةً، فَصَارَ بَعْضُهُمْ في أَسْفَلِهَا وَصَارَ بَعْضُهُمْ في أَعْلَاهَا، فَكانَ الذي في أَسْفَلِهَا يَمُرُّونَ بالمَاءِ علَى الَّذِينَ في أَعْلَاهَا، فَتَأَذَّوْا به، فأخَذَ فَأْسًا فَجَعَلَ يَنْقُرُ أَسْفَلَ السَّفِينَةِ، فأتَوْهُ فَقالوا: ما لَكَ، قالَ: تَأَذَّيْتُمْ بي وَلَا بُدَّ لي مِنَ المَاءِ، فإنْ أَخَذُوا علَى يَدَيْهِ أَنْجَوْهُ وَنَجَّوْا أَنْفُسَهُمْ، وإنْ تَرَكُوهُ أَهْلَكُوهُ وَأَهْلَكُوا أَنْفُسَهُمْ.” البخاري.
تحياتي