رأي

الفرص الدعوية في الحياة المدرسية.

محمد كندولة

المسلم من سلم الناس من لسانه ويده، والشباب مرحلة القوة والحيوية الدافعة، مرحلة الفتوة في عمر الإنسان ، ولهذا فالشباب كانوا دائما حملة الرسالات، لأن الله أراد ذلك، فحدثنا عن نماذج من الشباب ، فقال في أصحاب موسى عليه السلام:”فَمَاۤ ءَامَنَ لِمُوسَىٰۤ إِلَّا ذُرِّیَّةࣱ مِّن قَوۡمِهِۦ”
وقال في أهل الكهف:”نَّحۡنُ نَقُصُّ عَلَیۡكَ نَبَأَهُم بِٱلۡحَقِّۚ إِنَّهُمۡ فِتۡیَةٌ ءَامَنُوا۟ بِرَبِّهِمۡ وَزِدۡنَـٰهُمۡ هُدࣰى” وقال في سيدنا ابراهيم:” قَالُوا۟ سَمِعۡنَا فَتࣰى یَذۡكُرُهُمۡ یُقَالُ لَهُۥۤ إِبۡرَ ٰ⁠هِیمُ” والمعنى ذاته نجده في قصة يوسف واسماعيل الذبيح عليهما السلام. واغلب الصحابة رضوان الله عليهم آمنوا برسول الله عليه الصلاة والسلام وهم دون الأربعين وفوق عشر سنين.
وهكذا كان الشباب العابدون من السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله ،لأنهم نشأوا في عبادة الله.
والمراد بنشاة الشباب في عبادة الله، أن فطرتهم بقيت سليمة لم تدنسها المعصية ،ولم تفسدها الأهواء والشهوات، حتى افنى شبابه ونشاطه في عبادة الله.وسر دخوله ضمن الأصناف السبعة، أن الشباب مظنة غلبة الشهوة عليه لما فيه من قوة وقدرة على الباعثة على متابعةالهوى، فإن لازم العبادة مع ذلك، كان هذا دليلا على المجاهدة، وغلبةالتقوى ،واستحق أن يكافأ بالدخول ضمن الأصناف المذكورة. قال صلى الله عليه وسلم:” عن عقبة بن عامر:إنَّ اللهَ لَيعجَبُ إلى الشابِّ ليست له صَبْوَةٌ”
وقال صلى الله عليه وسلم:”عن أبي أمامة: ما مِن ناشئٍ ينشَأُ في العبادةِ حتّى يُدرِكَه الموتُ إلّا أعطاه اللهُ أجرَ تسعةٍ وتسعينَ صِدِّيقًا” الطبراني.
هذا عن الشباب ومركزيته في الحياة فماذا إذا ارتبط بالدعوة إلى الله؟
سؤال نجيب عليه بعد الحديث عن الدعوة كواجب ديني.
يقول صلى الله عليه وسلم:”عن حذيفة بن اليمان:”والذي نفسي بيدِه لتَأمرُنَّ بالمعروفِ ولتَنهوُنَّ عن المنكرِ أوليُوشِكَنَّ اللهُ أن يَبعثَ عليكمْ عقابًا منهُ فتدعونهُ فلا يَستجيبُ لكمْ”
وسمي المعروف معروفا لأن الفطر السليمة تعرفه، وسمي المنكر منكرا لأنها تنكره وتنفر منه.
وللامر بالمعروف والنهي عن المنكر فوائد:
1 – السلامة من العقاب الإلهي والظفر برضوان الله تعالى وجنته، يقول سبحانه وتعالى:”فَلَمَّا نَسُوا۟ مَا ذُكِّرُوا۟ بِهِۦ فَتَحۡنَا عَلَیۡهِمۡ أَبۡوَ ٰ⁠بَ كُلِّ شَیۡءٍ حَتَّىٰۤ إِذَا فَرِحُوا۟ بِمَاۤ أُوتُوۤا۟ أَخَذۡنَـٰهُم بَغۡتَةࣰ فَإِذَا هُم مُّبۡلِسُونَ.” [الأنعام ٤٤
2 – حماية الأرض من الفساد والشر.قال تَعَالَى:”وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَـٰتُ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ یَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَیَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَیُقِیمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَیُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَیُطِیعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۤۚ أُو۟لَـٰۤئكَ سَیَرۡحَمُهُمُ ٱللَّهُۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِیزٌ حَكِیمࣱ﴾ [التوبة ٧١].
3 -إقامة الحجة على المصرين والمعاندين، قال تعالى:” ﴿رُّسُلࣰا مُّبَشِّرِینَ وَمُنذِرِینَ لِئَلَّا یَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةُۢ بَعۡدَ ٱلرُّسُلِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِیزًا حَكِیمࣰا﴾ [النساء ١٦٥]”
4- تنبيه الغافلين، وانتشال الغارقين من الناس، فإن الإنسان خلق يوم خلق فطرة بيضاء نقية،لديها استعداد للشر و استعداد للخير، قال تعالي:” وَنَفۡسࣲ وَمَا سَوَّاهَا،فَأَلۡهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقۡوَاهَا ،قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّاهَا ، وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّاهَا .الشمس .
5 – تكوين رأي عام مسلم يحرس الآداب.قال تعالى:”وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِیمࣲ ” [القلم ١-٤]
6- إثارة وبعث الإحساس بالاخوة والتعاون على البر والتقوى، واهتمام المسلمين بعضهم ببعض، قال تعالى:”وَتَعَاوَنُوا۟ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُوا۟ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَ ٰ⁠نِۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِیدُ ٱلۡعِقَاب”
إذن فالدعوة مطلوب شرعا وعقلا ، وأن يتحملها الشباب بما امتازوا به من خصال أمر لامندوحة منه.
أما عواقب التقصير في القيام بواجب الدعوة فكثيرة ووخيمة على الفرد والمجتمع. هذا هو الموضوع المقبل .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى