رأي

حقا انتصرت غزة

الدكتور محمد عوام باحث متخصص في أصول الفقه ومقاصد الشريعة

حقا انتصرت غزة لأن الله تعالى وعد المؤمنين بالنصر، فقال عز وجل: “وكان حقا علينا نصر المؤمنين” فهذا وعد من الله تعالى. وللنصر أشكال ومظاهر شتى، منه أن العدو ظل يتخبط، وكل مرة يغير من تدابيره، ويرسم خططه ويعلن عن أهدافه، ولا شيئا من ذلك تحقق على أرض الواقع، الشيء الوحيد الذي تفنن فيه هو الإبادة والدمار، لكنه فشل في كسر إرادة المقااومة والحاضنة الشعبية. فالشعوب والمقاومون لا يهزمون بقوة السلاح وإنما بكسر الإرادات، وتفتيت العزائم.
لقد انتصرت غزة على محور الشر والصهينة الذي ظل مصطفا بجانب العدو، يردد مقولاته، ويطعن في رجال المقاااومة ويسخر منهم، وها هم اليوم يرون رأي العين، إن كانت لهم أعين يبصرون بها، اندحار الكيان ورضوخه لشروط المقاومة، خارجا خاوي الوفاظ، غير أنه بالرغم من هذا كله سينعق هؤلاء، كعادتهم، ويتنكرون لكل شيء، لأن قلوبهم طمست، وعقولهم كلت، حتى لا يروا للمقاومة أي فضيلة، ولا يذكرون لها أي مجد، ولو نطق أسادهم الصهاينة بذلك.
لقد انتصرت غزة على محور التطبيع، وكشفت خباياه وفضحته، ذلك أنه لم يكن يوميا بجانب المقدسات، ولم يتخذ موقفا مشرفا أمام كل ما حصل من مجازر ودمار وإبادة، وإنما ظل وفيا للصهيونية، فباع شرفه للأنذال، وكرامته للأوغاد، في الوقت الذي كان على هذا المحور أن يفك ارتباطه وينهي صلته بهذا الاحتلال البغيض، لكن مع الأسف الفاجرة لا يهمها ما يقال فيها، مادام هناك من يدفع لها على حساب شرفها، غير أن الحقيقة التي لا يرتضيها حتى الفواجر أن تقدم نفسها بدون مقابل، ومتى كان العدو الصهيوني يدفع لمطبعيه.
هكذا فضحت غزة العزة محور التطبيع، بل أوقفت قطاره عن المضي في طريقه

لقد انتصرت غزة حين عرت عن همجية هذا العدو الصهيوني الهمجي الفاشي النازي، فأزاحت عنه اللثام، وكشفت عن وجهه الحقيقي للعالم، فتعاطف مع غزة شعوب العالم، ولعمري إنها لمرحلة جديدة، لها ما بعدها في استراتيجية الصراع مع هذا العدو، إذ سيكتشف العالم أكثر مدى همجية هذا الكيان، ومدى استنزافه لخيرات أوطانهم، واستغلاله لبلدانهم اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، مما ينبئ عن اندحار مستقبل هذا الكيان اللقيط في العالم، فضلا عن اختفائه وانتهائه.
فمنذ سنوات والصهاينة يستغلون الدول الغربية، من كل النواحي، فجاء طوفان الأقصى ليقول للعالم قد آن الأوان لإيقاف هذا الاستغلال.
لقد انتصرت غزة بقيادتها الرشيدة، وسياستها الحكيمة، وأبطالها البررة، وشعبها الوفي، فسطرت بذلك دروسا، ورسمت منهجا، لمن أراد أن يتحرر ويتبدل ويتغير، فهل سيستفيد حكام المسلمين عامة والعرب خاصة من هذا النور الغزاوي أم سيظل هؤلاء الحكام مقيدين ومكبلين من قبل الغرب؟.
إن لم تستفيدوا من غزة فاعلموا أن الموت أرحم بكم من الحياة، والقبر أسلم لكم من حياة الذل والهوان فوق الأرض.
هذه هي غزة، وسيكشف لنا التاريخ مزيدا وكثيرا من معدنها الصافي النفيس، رحم الله أولئك القادة العظام، والأبطال الأشاوس، رحمة واسعة، المنعمون في جنان الخلد، وبارك في قادة الميدان والشعب الغزاوي والفلسطيني عامة، وخاب وخسر المبطلون والخونة والعملاء المجرمون، “ولينصر الله من ينصره إن الله لقوي عزيز”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى