بقية الحديث … لازلنا وفي عصر التكنولوجيا والمعلوميات المتقدمة والوسائل المتطورة التي أصبحت تعتمد عليها الإدارات والعديد من الأنشطة والهيئات الرسمية المعتمدة من طرف الدولة وسلطاتها الترابية والمحلية في حلتها الجديدة والعصرية والحديثة ، التي اصبحت تكتسيها من ضبط وانضباط متلازمين مع القانون المنظم لكل جهة وميدان على حدة مع ، تبيان المباح منه والمسموح به قانونا ، وحسبما يفصله الدستور المغربي الجديد الذي يعتبر السلطة التشريعية العليا التي تنظم الدولة ومؤسساتها بتعليمات سامية من ملك البلاد ، الساهر الأول على اتباع بنوده وفصوله ومحتوياته ، والضامن لقوته القانونية باعتبار جلالته أعلى سلطة في البلاد ، التي تعتبر صاحبة الكلمة الفصل ويعود إليها القرار الأول والأخير في اتخاذ أي أمر يخص تسيير الدولة المغربية الشريفة ، لازلنا نتخبط في العشوائيات التي تعبث بمصير البلاد والعباد في مجالات متعددة ، وخاصة المجالات المصيرية والحساسة ، التي لها ما لها من أهمية بالغة في التأثير على مجريات الواقع واحداثه إما سلبا أو إيجابا ، لما تمتلكه من قوة في التوجيه نحو الاحسن ، الذي تثوق إليه الشعوب التي تعقد أملها على التقدم والازدهار والرفاهية ، في ظل الوعي والإحساس بالمسؤولية وضمان مكتسبات العيش في حرية وكرامة وأمن وامان ، أو نحو الاسوأ الذي يجعل كل هذه المكتسبات والاماني الوردية تتحطم كقصر الرمال الذي يمكن في أي لحظة وحين ، من تعرضه لأدنى متغير كالرياح او المياه وغيرها من عوامل الهدم ، ان تجعله في خبر كان وتطوي صفحات تاريخه وتمسح آثاره من الوجود …
وهذا ما يمكن إسقاطه على ما يسمى بالسلطة الرابعة التي تعتبر سلطة من السلط التي تعتمد عليها الدولة إلى جانب السلط الأخرى في تأسيس مشهد متكامل ومتعاون وفعال ، بحكم ما لها من قدرة على التوجيه والتصحيح والإصلاح ، في إطار ما عليها من واجبات تقوم بها تجاه الوطن والمواطنين ، وما يضمن صلاحيتها في بناء مجتمع سوي وواع بمسؤوليته في ممارسة حياته ووظائفه ومهامه ، كعنصر نافع وإيجابي يسعى إلى جلب الخير لبلاده ونظرائه وخدمة الصالح العام والاقتداء بالمواقف الحسنة في القيام بالواجب كمواطن صالح ، داخل مجتمع متكامل ومتعاون يقبل بالتنوع في الفكر والمواقف ويستسيغ الانفتاح على الآخر دون الرضوخ والاستصغار والتفريط في المبادئ والهوية المغربية ، خاصة وان هناك وسائل للاعلام والتواصل ، على تنوع أصنافها ، تعمل على اختراق البيوت والمجتمعات والأسر وغيرها من المؤسسات بشتى اشكالها ، والتي أصبحت بدورها تستغل في تمرير أفكار هدامة وغير شريفة وإيديولوجيات مبنية على نسف الأسس الأخلاقية وضرب المعتقدات وإثارة الفتنة وخلق الفوضى وتكريس الاستغلال وفض اللحمة الوطنية والانسانية …
وللأسف الشديد أننا أصبحنا نعيش بين الفينة والأخرى ، في خضم تجاذبات ثقافية وسياسية تعمل على خلق المواقف السلبية سالفة الذكر ، في مجال السلطةالرابعة التي تظهر وكانها تغط في سباتها العميق ، وكأنها تفتعل هذه المواقف ، او تغض الطرف عليها ، في كلا الحالتين ، الأمر الذي لا يسقط عليها تهمة المشاركة في هذه الجريمة الشنعاء في حق الوطن والمواطنين بصفة عامة ، وفي حق المناضلين العاملين بقطاع الصحافة على الخصوص ، ليتحول إلى قطاع سخافة وتضليل بامتياز ، ولا من يحرك ساكنا في الأمر الذي يعتبر مصيريا وحساسا ويمكن ان يؤدي إلى ضرر بالسلطة الرابعة ويقوم بدور معاكس للاهدافة التي خلقت لأجلها ، فيظل غياب المراقبة الجادة والصارمة وربط المسؤولية بالمحاسبة … وكمثال بسيط على ذلك ، وكمنتوج جديد لازال ” في ميكتو ” ما تم تداوله مؤخراً بشأن إصدار مولاي الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض ورئيس النيابة العامة، لمذكرة تدعو إلى إجراء تحريات دقيقة حول أشخاص يزعمون انتماءهم لمهنة الصحافة دون توفرهم على الشروط القانونية اللازمة.
هذه الإشاعات التي انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي كانتشار النار في الهشيم ، والتي زعمت أيضاً أن وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، أصدر مراسلة في الثاني من شهر يناير الجاري إلى الوكيل العام للملك، يدعوه فيها إلى تطبيق القانون ضد كل من ينتحل صفة الصحافة دون امتلاكه بطاقة مهنية صادرة عن المجلس الوطني للصحافة.
و بعد التحقق من التصريحات المنسوبة لهذه الإشاعة، تبين أن النص الذي جاء فيه أن “الصحفي هو من يحمل بطاقة مهنية صادرة عن مؤسسة المجلس الوطني للصحافة، وكل من يزاول هذه المهنة بطرق مشبوهة يعد منتحلاً للصفة ويجب أن يُعاقب وفق القانون”ليس بجديد ، وإنما يعود في الواقع إلى تصريح سابق أدلى به سنة 2022 عبد الله البقالي رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية.
كما تضمنت الإشاعات أيضا مزاعم أن مراسلة وزير العدل تم تعميمها على مؤسسات أمنية ووزارات مختلفة، وهو ما أكدت مصادر موثوقة على أنه غير صحيح، داعية إلى ضرورة التحقق من المعلومات قبل نشرها لتجنب تضليل الرأي العام.
وعلى سبيل التذكير لا غير ، كان لابد من طرح بعض التوضيحات حول الأمر في المؤسسات الإعلامية، إذ يعتمد تفويض إصدار بطاقات واعتمادات المراسلين على القوانين المحلية وسياسات المؤسسة بشكل عام كالتالي :
– على المستوى القانوني:
إذا كانت المؤسسة الإعلامية مرخصة رسميًا وتعمل وفق قوانين البلد، فعادة ما يكون إصدار بطاقات المراسلين من اختصاص المؤسسة، ولكن ينبغي أن يكون متوافقًا مع الجهات الرسمية مثل وزارات الإعلام أو الهيئات التنظيمية.
في بعض الدول، تحتاج بطاقات المراسلين إلى موافقة الجهات الرسمية لضمان اعتمادها بشكل قانوني.
– داخل المؤسسة:
إذا كان مدير النشر مُفوَّضًا رسميًا من الإدارة العليا أو لديه الصلاحيات لإدارة أمور المراسلين، فيجوز له إصدار البطاقات.
يُفضل أن تكون هذه الإجراءات موثقة بشكل رسمي داخل المؤسسة لتجنب أي نزاعات.
– الاعتبارات المهنية:
إصدار البطاقات يجب أن يكون بناءً على معايير واضحة، مثل التأكد من مؤهلات المراسل ومصداقيته.
يُفضل أن تكون البطاقة صادرة باسم المؤسسة وتحمل شعارها وتوقيع المسؤول المعتمد
لذا، إذا كان مدير النشر يمتلك صلاحية رسمية من المؤسسة، يجوز له ذلك، ولكن من الضروري الالتزام بالقوانين المحلية والإجراءات الداخلية للمؤسسة .
كما يبدو أن جهات معينةقد تكون تسعى إلى تكريس مخططات خسيسة لها لتوريط جهات معينة اخرى في التواطؤ معها في تبني أطروحاتها اللعينة التي لا تخدم مصلحة البلاد والعباد ، وإنما ستكون عامل فساد وإفساد للمنظومة الصحفية والإعلامية صاحبة الجلالة والمهابة السلطة الرابعة التي يرون فيها منظارا فاضحا لبؤر الفساد وضوءا ساطعا مسلطا على ظلاله والأماكن المظلمة من عتماته التي تقضى فيها الحوائج ، وما ادراك ما الحوائج ، من تحت الطاولات والأقبية وغيرها مما هو غير مصنف … وهلم جرا …
لقد استقبلت جيوش العاملين بهذا المجال المتعب فعلا ، الخبر اللامسؤول الصادر عن جهات أقل منه مسؤولية ، بشيء من الريبة والاستنكار لما جعلهم يدخلون في وضع الحيرة و يفقدون الأمل في ممارسة مهنة أحبوها بصدق ، وتفانوا في القيام بها بكل حب وجدية ونضال واستماتة ، لملاحقة الأخبار ، التي تبدو أحيانا كثيرة ، كالسراب والحلم الذي لا يتحقق نظرا لعدة عوامل وإكراهات يعرفها المجال انطلاقا من التضييق عليه وشح المصادر والمحسوبية المتبعة في ذلك ، مما جعل هؤلاء المناضلين يركبون الصعاب ويتسلحون بالعزيمة القوية للمغامرة في سبيل تحقيق امتلاك معلومة من وراء ذاك السراب” المنجوج “من الواقع الأليم والمتاعب المختلقة والعثرات المفتعلة والمقصودة التي تواجههم في اكثر الاحيان ، بسبب الابواب الموصدة والعراقيل المانعة والمتكالبة على مجهوداتهم الكبيرة التي يقومون بها ويضحون براحتهم في سبيل تنوير الرأي العام .
ولنقل أن الأمر جاد ولا غبار عليه ، فهل فكر اصحابه ما يمكن أن يصدر عنه من مساوئ تفوق زبد البحر أثناء تطلاطم امواج البحر على صخور الشاطئ ؟ ومدى تأثير ذلك على وعي المواطنين وعقليتهم التي سيكتسحها الكساد والصدأ ، لما سينتج عنه من تعتيم على الخبر والتلاعب في مكوناته وتجريده من المصداقية والفاعلية والتأثير الإيجابي ، ليصب كل ذلك في تدني مستوى الوعي العام وفتور قوة السلطة الرابعة واستحواذ العقول الضيقة على مجريات الامور ، حينما نفكر في كبح جماح جيش عرمرم من العاملين بمجال الصحافة باعتماد بطاقة لازالت تحتاج إلى المزيد من المهنية الفعلية والتي يعد حاملوها بالآلاف القليلة فقط ولا تتعداها ، لتقوم بتغطية شاملة لبلد واسع كالمملكة المغربية الشريفة والإنجازات التنموية العملاقة التي أطلقها ملك البلاد في شتى الميادين ، خاصة ونحن مقبلون على استضافة العديد من التظاهرات الرياضة الكبرى وعلى رأسها كأس افريقيا للأمم وكأس العالم لسنة 2030 ، ناهيك علن التظاهرات والملتقيات السياسية والاقتصادية الاقليمية والدولية وما سيصاحبها من استقطابات صناعية وسياحية كبرى وغيرها ، في أفق مغرب عهد جديد ، مغرب التحديات الذي يثوق إلى الريادة الدولية …
فإلى متى ستبقى السلطة الرابعة مجالا غير مهيكل ومطية للمصالح الفئوية ومسرحا للعبث والعشوائية والفوضوية ؟
فاتقوا الله في وطنكم الذي من دونه لا قيمة لكم ولا وزن ولا هبة ولا حبة خردل حتى … وعاش المغرب ولا عاش من خانه … وللحديث بقية …