
علق الأستاذ عبد الصمد بلكبير على تدوينتي هذه بقوله:”كلام لا معنى له عسكريا”، وأنا لم أستغرب من تعليقه، حيث من خلال تتبعي لبعض تدويناته ألفيته يصطف فيها ضد المقاومة، لاعتبارات أيديولوجية، حجبت عنه الإنصاف ودقة النظر.
وتعليقي على التعليق مع شيء من التهذيب أقيده فيما يلي:
أولا: أن كبار قادة العدو الصهيوني والمحللون العسكريون يؤكدون هزيمة العدو، إذ لم يحقق أهدافه التي طالما تبجح بتنفيذها وتحقيقها، منها القضاء على القدرات العسكرية لحماس وإنهاء حكمها في قطاع غزة، وتحرير الرهائن عن طريق القوة العسكرية، أليست في ميزان التحليل العسكري هزيمة؟ إذا لم تكن هذه هزيمة استراتيجية فما هي الهزيمة عندك أستاذ عبد الصمد؟.
ثانيا: الذي غاب عن ذ بلكبير أن المقاومة عندما استعدت وقررت إقامة طوفان الأقصى، لم تضع في حسبانها ما يمتلكه العدو من عتاد متطور وتكنلوجيا حربية فريدة، ودعم ومساندة غربية أمريكية لا محدودة، وتخاذل وخذلان عربي مكشوف، وإنما استعدت وتوكلت على الله، وهنا يكمن السر، فالمسلمون عبر تاريخهم يقاتلون طبعا بإعداد القوة والخطط، ولكن يقاتلون أيضا بإيمانهم ويقينهم في الله تعالى، فهو ناصرهم ومؤيدهم، والمقاومة في بنائها العسكري لا تغفل البناء العقدي والإيماني، وتفصيل هذا تجده مسطرا في القرآن الكريم، وعمليا في غزوات النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه، ومن يفرط في هذا المبدأ فلن يفلح. هذه عقيدتنا وهذه مبادئنا.
ثالثا: قادة المقااومة لم يكونوا في الفنادق كما زعم المرجفون، ولا مختبئين وراء الرهائن، كما روج الأفاكون والكذابون، وإنما كانوا في قلب المعمعة، يواجهون العدو بكل شجاعة وصلابة، لذلك قلنا: إن المسلم المقاووم حقا لا يعرف الهزيمة البتة، لأنه إما أن ينتصر في المعركة، وإما أن ينال الشهادة، وكلاهما نصر على العدو. هذا الميزان لا يدركه من لم يتشرب قلبه الإيمان، ويعرف ما أعده الله للشهداء في الجنان.
رابعا: الذي تجاهله بلكبير، ولم يقر بهزيمة العدو فيه أيضا، هو انتصار المقاومة في الجانب الأخلاقي تمثل ذلك في تعاملها مع الأسرى برقي حضاري، وحس إنساني عال جدا، كل ذلك نابع من روح الإسلام ومقاصده النبيلة، فأين العدو من ذلك؟ لا مجال للمقارنة بينهما، بل من الظلم البين عقد مقارنة بين الصهااينة المجرمين والمقاومين المتحضرين. أليس هذا انتصارا في مجال القيم والأخلاق؟ أم أن ذ بلكبير قد أصابته غشاوة على بصره، فغطت على بصيرته حتى جعلته لا يدرك الحقائق.
خامسا: أريد أن أختم بقولي: إن الانتصار لا يتحقق إلا بالانتصار على الذات، والذات إذا أصابها العمى الأيديولوجي، فأنى لها أن تبصر وتدرك الحقائق، وإذا غابت عنها الرؤية المعرفية القرآنية الإيمانية، فلا جرم أنها تظل تتخبط في حيرتها، فتنقلب عندها التصورات والموازين، فترى كل إجرام للعدو انتصارا، وكل رد فعل للمقااومة انهزاما، فإذن علينا إصلاح منطلق التفكير، ومبدأ التعقل، ولا ينصلح ذلك إلا بالإيمان الراسخ والعقيدة القوية الثابتة والعمل الصالح. فأصلح الله أحوالنا جميعا، حتى ننتصر على أعداء أمتنا، وأعداء الإنسانية.