عبد الإله.. تاجر السردين الذي هز عرش المضاربين وكشف الحقيقة الصادمة للأسعار!
مصطفى فائج صحافي

في الآونة الأخيرة، أثار الشاب المراكشي “عبد الإله”، تاجر السمك، ضجة كبيرة على منصات التواصل الاجتماعي من خلال تسليطه الضوء على سلسلة من المشاكل التي تعتري سوق بيع الأسماك، وخاصة سمك السردين. اشتهر عبد الإله ببيعه السردين بأسعار زهيدة تتراوح بين 5 و7 دراهم للكيلوغرام، مما كشف عن الفجوة الكبيرة بين سعر البيع في المرسى، الذي لا يتجاوز 3 دراهم، وسعره عند المستهلك النهائي الذي يصل إلى 30 درهمًا.
هذا التفاوت السعري الكبير أثار تساؤلات عديدة حول دور الوسطاء والمضاربين في رفع الأسعار، مما يثقل كاهل المواطنين في ظل الارتفاع المستمر في أسعار المواد الأساسية. يبدو أن مبادرة عبد الإله لم تلقَ استحسانًا من قبل هؤلاء المضاربين، حيث تعرض لانتقادات ومحاولات للتضييق على نشاطه.
من الناحية القانونية، يخضع تنظيم المنافسة وتحديد الأسعار في المغرب لمجموعة من القوانين والتشريعات. يُعتبر مجلس المنافسة الهيئة المسؤولة عن ضمان احترام قواعد المنافسة الحرة والنزيهة. يهدف المجلس إلى مكافحة الممارسات المنافية للمنافسة، مثل الاحتكار والتلاعب بالأسعار. ومع ذلك، فإن دوره لا يشمل تحديد الأسعار، بل يركز على مراقبة توفر السلع وجودتها، والتأكد من عدم وجود ممارسات احتكارية تضر بالمستهلك.
تُعدّ حرية تحديد الأسعار مبدأً أساسيًا في الاقتصاد المغربي، حيث يُسمح للفاعلين الاقتصاديين بتحديد أسعار منتجاتهم وخدماتهم بناءً على العرض والطلب. إلا أن هذا المبدأ يخضع لرقابة صارمة من قبل السلطات المختصة لضمان عدم استغلال المستهلكين. في هذا السياق، يُحظر على الشركات الاتفاق على تحديد الأسعار أو تقاسم الأسواق، حيث تُعتبر هذه الممارسات منافية لقواعد المنافسة.
بالإضافة إلى ذلك، تنص القوانين المغربية على معاقبة الممارسات التجارية غير الشريفة، مثل التضليل والغش. يُعتبر التلاعب في جودة المنتجات أو كميتها، أو تقديم معلومات مغلوطة للمستهلك، مخالفات تستوجب العقاب. تهدف هذه القوانين إلى حماية المستهلك وضمان شفافية المعاملات التجارية.
في حالة عبد الإله، يبدو أنه يسعى إلى تقديم منتج بجودة جيدة وبسعر معقول، مما يتيح للمستهلكين الحصول على السردين بأسعار تتناسب مع قدرتهم الشرائية. هذا التوجه قد يساهم في كسر الاحتكار والحد من سيطرة الوسطاء على سوق الأسماك. ومع ذلك، فإن نجاح مثل هذه المبادرات يتطلب دعمًا من الجهات المعنية، وتوعية المستهلكين بحقوقهم، وتشجيع المنافسة الشريفة.
من الجدير بالذكر أن ارتفاع أسعار الأسماك، وخاصة السردين، لا يعود فقط إلى دور الوسطاء والمضاربين. هناك عوامل أخرى تساهم في تحديد الأسعار، مثل تكاليف الصيد، والنقل، والتخزين، بالإضافة إلى العرض والطلب. ومع ذلك، فإن تقليص دور الوسطاء غير الضروريين قد يساهم في خفض الأسعار وتحقيق توازن أفضل في السوق.
وهكذا تُظهر تجربة عبد الإله أهمية المبادرات الفردية في تسليط الضوء على الاختلالات الموجودة في الأسواق. من خلال التزامه بتقديم منتج عالي الجودة وبسعر معقول، يُسهم في تعزيز المنافسة الشريفة وحماية المستهلك. يبقى على الجهات المعنية تعزيز الأطر القانونية والرقابية لضمان شفافية المعاملات التجارية، والحد من الممارسات الاحتكارية التي تضر بالاقتصاد الوطني وبقدرة المواطنين الشرائية.