ثقافة وفن

همسة شعرية : سنوات قلم الرصاص

محمد كندولة

من كان وراء ما جرى؟
وكيف جرى الذي جرى؟
من كان يحرك الحبال وراء الستارة؟
ويلهو بالكراكيز؟
ويوزع الأدوار ؟
وينسج الأخبار؟
من كان يصحح نصوص المسرحية؟
ويتابع الخيالات؟
وظلال الشخوص؟
من كان يعادي النور على الركح؟
ويلبس الفضاء برداء الظلمة تارة؟
وبأسمال العتمة تارة؟
من انتهك حرمتي ، وقيد حريتي؟
وحرمني من حقي في الحياة،
وأعلن موتة زهرة القندول؟
وحكم على القمر بالأفول؟
من تعسف على مزاجي، وخلع عني سربالي، وأسقط تاجي؟
وشوش على عقلي،
وانتهر طيور البساتين
من مؤازتي.. أنا المسكين؟
حولتم نزوع الماء عن المشاركة
وأعلنتموها معركة،
ضد الإخصاب ، والاخضرار،
بسقي جنائن جسدي العطشى،
للفعل والخيال،
فتوقفت الأحلام
وانحت الأعلام،
وازدانت الأرض بالشهداء،
عكرتم خاطري،
وسار في التيه ناظري،
فقامت قيامتي
واتفق الحال والبال على الرحيل،
في رحلة أبدية.
حين اختفت الأنوار
وذبلت الأشجار
وغضب آله الجمال..
شققتم طريق البداهة..
وسرتم في زقاقات البلاهة..
لا تقولون لي: ذاك الذي كان..
أو كذلك كان..
فما كان لا ينبغي أن يكون الذي كان لما كان..
أنا قلم الرصاص..
بل أنا الرصاص..انتهكتم جسدي..
ومشيتم على كرامتي..بكثرة الإبراء ..
فأنا أتقن القراءة..
وأدون تأوهاتي بالكتابة..
وأمسح أخطائي.
ولذلك تعلمت كثيرا..
وأبدعت كثيرا.. في زمن الحنق ..
وشموخ الطلاسم..
بتعاليم القرطيس..
فحكيت الحكايات عني وعن الوطن..
وعن الطفل والحجارة
وعن الجار والجارة..
حتى أصبحت علامة في الرواية..
وحضيت بالرعاية والعناية..
فأصبحت لي ذاكرة..
وللركب قاطرة..
أسأل وأبحث عن الجواب..
عن طفولتي وعن رهان كهولتي..
وتقول لي كذلك كان..
فما كان ينبغي أن يكون لما كان..
انقلابات في الصباح..على الذات..
والليل تعدل الاختيارات..
فلا إنصاف..ولا مصالحة..
فما زلتم بالمبراة تبزون جسدي..
وتنتهكون خشبي..
فلا حقوق لي عندكم..
فلا تقولوا ذاك الذي جرى..
فما كان الذي جرى كان ينبغي أن يجري..
تكررت خيالاتي كل يوم..
فأعيد صور ذلك الذي جرى كل ليلة..
فاسأل نفسي هل كنت مخطئا..
لما عانقت الزهور..وعافست الخضرة..والمياه والعطور..
نسيت أنها لم تكن كذلك..
ان هي إلا أشواك..وحصى الأحذية..
ومسامير صدئة..مؤلمة
سألت ذاتي وممحاتي..
هل انتهى الحصار.. وفتحت حدودنا مع الجار..ام ما زالت الانتهاكات مستمرة ..
فاشهد أني قلم الرصاص..خشبي مظلوم..
وقلبي مكلوم..
فقررت أن أغير اسمي..
فأنا اليوم قلم حديد..
سآتيكم بالجديد..
وسأجمع الداني والبعيد..
وأنا منذ اليوم حر..
وبذلك سعيد..

الأحد 09 فبراير 2025
10 شعبان 1446

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى