كلمات .. في البيان والمصيدة *انتباه ! ليس لطنجة وحدها، ولكن للأخطر .. ما بعد طنجة !*
أحمد ويحمان : ناشط حقوقي مناهض للاختراق الصهيوني .

يبدو أن بيان السكرتارية المحلية للجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع – فرع طنجة – لم يكن مجرد موقف متسرع، بل يمكن اعتباره، على نحو ما، سقوطًا في فخ أجندة الاختراق والتخريب الصهيونيين، التي تعمل على زرع التفرقة بين القوى الحية المناهضة للتطبيع. لقد كان هذا البيان، ويجب الاعتراف بذلك، إنجازًا للصهاينة ووكلائهم ولجماعة “كلنا إسرائيليون”، حيث أسدى خدمة كبيرة لجماعة التطبيع، لكنه، رغم ضرره البليغ، ليس سوى بداية لضربة أشمل تستهدف وحدة الصف الوطني المناهض للاختراق الصهيوني.
من هنا أهمية التحرك الفوري لتطويق آثاره، لا بل، ولما لا ؟ ، الرد عليه بما يلزم من التحدي وقلب نتائجه عليهم .
1 – *طنجة: الهدف الاستراتيجي للصهاينة والمطبعين.. ولكن الأخطر ما بعدها !*
لم تكن طنجة مستهدفة صدفة، فهي المدينة التي شهدت مسيرات حاشدة جعلتها رمزًا وقدوة لما ينبغي أن يكون عليه الإسناد في استحقاقات طوفان الأقصى على مستوى الأمة، في وقت ساد فيه الفتور في عدد من الساحات. وهذه الرمزية القوية أزعجت الصهاينة وأعوانهم، فكان لا بد من محاولة إضعافها وضرب مصداقيتها. وإذا كان المطبعون والصهاينة يسعون إلى هذا الهدف بكل الوسائل، فإن العجيب هو أن يأتي هذا البيان ليحقق لهم ما عجزوا عنه، عبر خلق حالة من الانقسام داخل الصف المناهض للتطبيع، مما يهدد بتفجير وحدة مناهضة الاختراق الصهيوني على المستوى الوطني، بل الاخطر من ذلك هو توجيه الجهد كله، ليس لمواجهة الاختراق وأجندة ” كلنا إسرائيليون “، وإنما للاحتراب البيني حتى يخف الضغط عليهم بحرف الصراع للتناقضات الثانوية بدل تركيزه عليهم كتناقض رئيسي .
2 – *إدانة التطبيع والمطبعين: لا مساومة ولا ازدواجية*
“التطبيع خيانة”، هذا قرار الشعب المغربي الذي بُحت حناجره في المسيرات والوقفات . ومن أقدم عليه يتحمل مسؤوليته كاملة. وفي هذا السياق، فإن سعد الدين العثماني، الذي وقع اتفاقية العار مع كيان الاحتلال والإبادة الجماعية، هو مسؤول عن هذه الجريمة السياسية. ومسؤولية حزب العدالة والتنمية قائمة في مستوى ضرورة الإعلان صراحةً تبرؤه من هذا التوقيع ومن صاحب هذا التوقيع، ما لم يقدم نقدا ذاتيا عن ذلك، واتخاذ موقف أكثر وضوحا بحسم أمره: إما أن يكون، كما كان دوما، في صف مناهضة التطبيع، وإلا فعليه أن يتحمل تبعات موقفه المتردد أمام التاريخ.
3 *لا لمعاداة الحلفاء في المعركة*
في مقابل واجب حزب العدالة والتنمية الوضوح التام في الموقف من توقيع أمينهم العام السابق وتبرؤه منه، وجب على الجميع؛ جميع الأطراف والمكونات عدم إضاعة البوصلة، بالحساب الإيديولوجي الضيق .
من هنا، فإن أي انخراط في السجال الناجم عن البيان، من أي موقع كان، هو استمرار في خدمة الأجندة الصهيونية. ومن الخطأ الفادح معاداة القواعد الواسعة للحزب، التي تنتمي إلى مختلف شرائح المجتمع المغربي، وتحمل هم القضية الفلسطينية في وجدانها. هؤلاء ليسوا مسؤولين عن جريرة العثماني وبعض قياديي الحزب المتواطئين بالصمت ” الكاره”؟!، بل إنهم جزء من نسيج المقاومة الشعبية ضد التطبيع، لا بل إنهم في طليعة المعركة فرسان لا ينافسهم، وبالتالي لا ينبغي أن يزايد عليهم أحد . فالمطلوب ليس هو كسبهم إلى صف المواجهة، فهم من يقودون جبهات في هذه المواجهة، وليس المطلوب دعوتهم للضغط على قيادتهم من أجل موقف واضح وتحميلهم مسؤولية المطالبة بنقد ذاتي للحزب يقطع الطريق على كل أشكال التطبيع والتبرير له، فهم لا يفتؤون يقومون بهذا الواجب أحسن قيام، ولكن المطلوب هو عدم التعرض لهم، ظلما، هذا هو المطلوب .. وغير هذا، أي الاستمرار في ظلم المناضلين، فهو في النهاية، يندرج في جلد الذات وما يشعر “المعتدون “.
4 – *المبادرة المغربية للدعم والنصرة: دعوة للوحدة والتماسك*
في ظل هذه التحديات، تبقى المبادرة المغربية للدعم والنصرة واحدة من أهم التنظيمات المواجهة للاختراق الصهيوني. وهي تعمل على توحيد الجهود بدلاً من تشتيتها، وهي التي تدرك أن المعركة ليست مع فصيل بعينه، بل مع المشروع الصهيوني وأذرعه المختلفة. ومن هنا تأتي دعوتُها، *الراقية في الفهم والالتزام* ، مناضلاتها ومناضليها والمتعاطفات والمتعاطفين معها إلى الاستجابة لمسيرة الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع، تعزيزا للجبهة الشعبية المناهضة للتطبيع، وتحصينها ضد كل محاولات الاختراق أو التصدع الداخلي. وهي أيضا تنظيم لا يتبع لحزب العدالة والتنمية، وإن كان أطرها وقيادييها مناضلين في هذا الحزب الرافضين والمناهضين، في القنوات الحزبية، للتطبيع ولمن وقع عليه . ثم إن قيادة هذا المكون الحي في صف مناهضة التطبيع كثيرا ما تتم دعوتها واستقبالها، وهو عين الحكمة، من قيادات في قيادة الجبهة وطنيا في مناسبات مختلفة .
5 – *البوصلة واضحة: العدو هو الصهيوني وأعوانه*
إنه لمن المؤسف أن نضطر للعودة للمسلمات في مثل هذه الظروف والسياقات .فالقضية الفلسطينية تمر، كما يعيش الجميع، بمرحلة مصيرية، والشعب الفلسطيني يواجه إبادة جماعية. لا مجال فيها للخطأ في تحديد العدو: إنه الكيان الصهيوني، وأدواته، وكل من يبرر جرائمه أو يتعاون معه. أما الأولوية، فهي تعزيز الوحدة الوطنية في مواجهة التطبيع، وليس خلق معارك جانبية يستفيد منها العدو.
لقد كانت القضية الفلسطينية على الدوام عنوانًا للوحدة الوطنية في المغرب، وكانت دائماً فوق الحسابات السياسية الضيقة. من هنا، فإن أي موقف يُضعف الجبهة الداخلية للمقاومة هو، في نهاية المطاف، خدمة مجانية للصهاينة وأعوانهم. والمطلوب اليوم هو التصدي لكل محاولات زرع الفتنة والانقسام، والتمسك بالبوصلة الصحيحة: العدو هو الكيان الصهيوني، والمعركة هي معركة وحدة وصمود حتى التحرير.
*آخر الكلام*
[ قلب المعادلة نحو الوحدة ]
إن البيان، غير الموفق، الصادر من طنجة، هو على نحو ما، مخاتلة من العدو وانطلت على بعضنا لجر البعض المقابل إلى ردود الفعل لكي تضيع القضية !
ونعتقد أن الرد، وفاء لأرواح الشهداء، وحتى نكون في مستوى التحدي، ينبغي أن يكون عبر قلب محاولة تفجير صف مناهضة التطبيع، وذلك بتدشين العمل على توحيده رسميًا بالدعوة إلى اجتماع لوضع خطة لذلك. ولتتحمل كل الأطراف مسؤوليتها:
+ حزب العدالة والتنمية، بكل مكوناته، بإعلان واضح ومسؤول عن تبرؤه من التوقيع الجبان على اتفاقية العار مع كيان الاحتلال والإبادة الجماعية، وكذلك من العثماني ما لم يقدم النقد الذاتي لجريرته التي أقدم عليها ضداً على إرادة الشعب المغربي.
+ باقي مكونات صف مقاومة التطبيع والاختراق الصهيوني، عبر تصويب النار نحو العدو الحقيقي وليس توجيه البوصلة في الاتجاه الخطأ، وتجنب أي سلوك يخدم أجندة العدو عبر تشتيت الجهود والاحتراب الداخلي.
إن الرد الحقيقي على اختراق طنجة لا يكون بالغرق في الخلافات الداخلية، بل بالعمل على وحدة الصف الوطني، لأن معركتنا واحدة: مناهضة المشروع الصهيوني وأذرعه، هناك حتى تحرير فلسطين، وهنا حتى إسقاط التطبيع وحماية بلادنا من التآمر والخطر الصهيونيين .
ولله الأمر من قبل ومن بعد .
————————-
×