“الدكتور أحمد الريسوني لـ ‘إطلالة بريس’: ‘الهاكا’ من حماية التعبير إلى قمع الآراء المخالفة”
إطلالة بريس

في اتصال خصّ به “إطلالة بريس”، عبّر الدكتور أحمد الريسوني، الرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، عن استغرابه الشديد من القرار التحذيري الذي أصدرته الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا) ضد برنامج توعوي ديني تبثه إذاعة “شدى إف إم”.
واعتبر الدكتور الريسوني أن هذا القرار “يتسم بروح الاستبداد والقمع، ويفوح منه رائحة الترهيب، أو بالأحرى رائحة الإرهاب الفكري”، مضيفاً أن “الهاكا، التي تموّل من أموال الشعب، كان المنتظر منها أن تكون حامية لحرية الفكر والتعبير، لا أن تتحول إلى هيئة أحادية الفكر، سلطوية الروح”، وفق تعبيره.
وأكد الريسوني في تصريحه لـ”إطلالة بريس” أن من حق المغاربة أن يناقشوا قضايا مجتمعية حساسة، كقضية الاختلاط التام في التعليم، وألا يُمنعوا من مجرد إبداء آرائهم بدعوى مخالفتها للتوجهات الحداثية المفروضة.
إليكم تصريح الدكتور أحمد الريسوني كاملاً:
القرار التحذيري الذي اتخذته الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا)، ضد برنامج للتوعية الدينية تقدمه الإذاعة الخاصة «شدى إف إم»، يتسم بروح الاستبداد والقمع، وتفوح منه رائحة الترهيب، أو بالأحرى رائحة الإرهاب الفكري..
كنا ننتظر من هذه الهيئة التي تحثو من أموال الشعب، أن تكون مشجعة وحامية لحرية الفكر والتعبير، وليس العكس. الهاكا للأسف هيئة أحادية الفكر سلطوية الروح.
هل يستطيع السادة “الهاكويون” أن يحددوا لنا بالضبط ماهي العبارات المسيئة إلى المرأة ومكانتها وكرامتها، التي قالها منشط البرنامج؟
ولفرض أن كلام الرجل فيه نظر، أو فيه وجهة نظر لا تعجبهم، اليس بيدهم كل وسائل الإعلام ليردوا عليه بأفكاركم ومذهبيتهم التقدمية الحداثية؟ وكيف ستكون حرية التفكير والتعبير، إذا لم تكن هكذا؟ وكيف ستكون الديموقراطية إذا لم تكن هكذا؟ وكيف تكون التعددية إذا لم تكن هكذا؟
ألا يعلم هؤلاء أن المغرب رفض في بداية استقلاله نظام الحزب الوحيد، ومنهجية الرأي الوحيد؟
أليس من حق المغاربة جميعا أن يناقشوا قضية هذا الاختلاط التام في التعليم، الذي فرضته الأقلية على عموم الشعب المغربي، من غير أي سند: لا علمي، ولا تربوي، ولا ديمقراطي.
ويعلم الجميع أن هذا الاختلاط العشوائي المنفلت، المفروض في جميع الأقسام والمرافق والأنشطة التعليمية، هو كارثة يعاني منها التعليم ويئن تحت وطأتها، وخاصة في الثانويات والمعاهد والجامعات.. يعاني منه الأساتذة، والإدارات، والآباء والأمهات، وحتى المصالح الأمنية..
ألا يحق للناس حتى التعليق ولفت الانتباه وإبداء رأيهم العابر، في قضية تهمهم وتهم كل أبنائهم وبناتهم، ومستقبل بلدهم؟
حينما فرض هذا الاختلاط قسرا وقهرا، كان لسان حال القائمين عليه يقول للناس: نحن نفعل ما نشاء، وأنتم قولوا ما شئتم..
أما اليوم فالتيار الهاكوي الحداثوي يقول لنا بصريح العبارة: نحن نفعل ما نشاء، وأنتم قولوا – فقط – ما نشاء.