وطني

المؤتمر و بنكيران..

يونس فنيش

2025/4/5

مؤتمر حزب العدالة و التنمية على الأبواب، و معلوم أن شؤون هذا الحزب تلفت الأنظار نظرا لقوته الفعلية في الساحة السياسية التي قد تفوق قوة أحزاب الأغلبية مجتمعة، و ذلك لأن الديمقراطية، بصفة عامة و عبر العالم، لا تضمن فوز الأحزاب الأكثر شعبية بل فقط المتمكنة من بعض تقنيات التعامل مع الإنتخابات أو من ذاك الوقود الضروري لتشغيل الآلة الإنتخابية لصالحها.

إزاحة بنكيران يعني التخلي عن قوة الحزب الضاربة سياسيا، و أما الإبقاء عليه في الزعامة فهذا قد يؤكد فراغ الحزب من منافس له و هذا يحيل إلى فشل الحزب في تكوين أطر شابة قادرة على رفع التحديات.
و أما فسح المجال لغيره مع إحداث هيئة استشارية أو مجلس للحكماء لبقاء بنكيران كدينامو لتحريك السياسة، كما تفضل الكاتب و الباحث سعيد الغماز -في مقال له في الموضوع نشر في جريدة إطلالة بريس-، فهذا ما قد يجعل زعيم الحزب الرسمي باهتا بمجرد خروج بنكيران لإبداء رأي أو توجيه ما، و بطبيعة الحال دون استبعاد احتمال تراجع بنكيران و تركه لسياسة الحزب في ركود غير صحي لسبب أو لآخر.

المهم أن مصلحة الأحزاب بصفة عامة لا تعكس بالضرورة مصلحة عامة الناس، و المدعوون للتصويت على الزعيم المقبل لحزب العدالة و التنمية أمام موقف صعب، فإما أن تكون أصواتهم مكافأة لعبد الإله بنكيران الذي صنع ذات يوم مجد حزبهم أو أن ينتخبوا بديلا له لم يتقدم ببرنامج أو بأسلوب علمي جديد مقنع، فهل سيكون تصويتا من أجل تغيير لا يعتمد على المنطق بل على التشبيب فقط، علما أن المرشحين المحتملين يتوفرون على قدرات تقنية و قدرة على جمع المعطيات و المعلومات في شتى المجالات، ولكن لا نعرف لهم قدرات سياسية غير عادية أو تصور خاص و هو الذي يميز الزعيم السياسي بصفة عامة، إذا استثنينا ربما مصطفى الرميد الذي يقال أنه غادر الحزب?

صحيح أن الأنانية و الرغبة في تقلد المناصب هي المتحكمة في أعضاء الأحزاب السياسية و هذا حال الديمقراطية، ولكن التغيير من دون بديل أفضل قد لا يخدم مصلحة حزب العدالة و التنمية في الفترة المقبلة لأن قوة زعيم الحزب السياسي تتجلى، حسب الجو السياسي العام و السائد في بلدنا الحبيب، فقط في قدراته اللسانية و سرعة بديهته و معرفته بتطلعات مجتمعه و إتقانه لفن إقناع عامة الناس و ليس في إنتاجاته الفكرية المبتكرة، مثلا.

و في ظل العزوف السياسي، لا شك و أن حزب العدالة و التنمية يعلم أن خوض الإنتخابات أمر صعب لأنه يعول عادة على عامة الناس البسطاء، و أغلبهم إن كانوا يعبرون عن آرائهم فهم لا يعبرون عن أصواتهم داخل صناديق الإقتراع، هذا يعني أن حزب المصباح يحتاج إلى زعيم يستطيع إقناع الناس بجدوى المشاركة في الإنتخابات رغم اليأس العام الذي يسود في كثير من الأوساط الشعبية و في الطبقة المتوسطة، و هذا بالضبط و منطقيا ما على كل مترشح لزعامة حزب العدالة و التنمية أن يقنع به الناخبين في مؤتمرهم الوطني المقبل. و الله أعلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى