
ـ الدايم الله يا حمادي :
قبل أن أدلي بشهادتي في حق الدكتور العثماني، وأرجو أن تكون شهادة لله ثم للتاريخ، ومما يساعد على التجرد والإخلاص فيها، هو غياب الحافز المادي خاصة ونحن في عصر طغت فيه المادة، و كما يقول المغاربة : ( الݣرمومة ـ اللعاقة ـ المرقة..)، والسبب هنا واضح فكل المناصب التي شغلها في الماضي أصبحت وراء ظهره اليوم، أقصد التي كان فيها تعويض مالي و جاه وسلطة، فالرجل كان رئيسا للحكومة سابقا، وكان وزيرا للخارجية سابقا ونائبا برلمانيا سابقا، و رئيس حزب المصباح و عضوا في أمانته العامة سابقا، نعم الدايم الله كل شيء أصبح في عداد كلمة “سابقا”..!!، ولسان حال من لازال اليوم في مناصب أصحاب المعالي والسمو والسعادة..!! يقول : ( أنتم السابقون ونحن إن شاء الله بكم اللاحقون …)، مناسبة هذا الكلام هو ليعلم القارئ داخل المغرب و خارجه، أن مسرور المراكشي لا ينتظر من الدكتور العثماني، لا تعيين و لا ترقية ولا تزكية ولا حتى برقية شكر، ولا أن يجعلني على رأس لائحة المرشحين او في بطنها أو ذيلها، إذن هي شهادة في حقه بالمجان ومن باب (.. لا تنسو الفضل بينكم..)، لقد أصبح اليوم اسم العثماني مادة دسمة في الإعلام، تعدد أسباب استهداف الرجل فمنها السياسي وذلك من طرف خصوم يساريين و كذلك اسلاميين، و هناك من يريد تكثير المتابعات وتسجيل مواقف، مع الأسف حتى من الصف الداخلي يا حسرة، خلاصة القول : ( أن العثماني أصبح رجلا عاديا وعاد إلى عيادته و العود أحمد)، ورغم كل هذا لازال من يتخذ من الرجل مطية لأغراض مختلفة، وهذا موضوع الفقرة التالية :
ـ الإسترزاق على ظهر العثماني :
لقد عرفت الرجل منذ حوالي 34 سنة، أي قبل أن يعرفه أو حتى يسمع به جيل ( الفيسبوكيون)، مع الأسف الشديد اليوم كل من ملك هاتف ( آيفون )، و أخذ صور ” سلفي ” مع قادة فلسطينيين أصبح من المناضلين، لا بل له الحق الكامل و المطلق في الحكم على العثماني وغيره، ( مالكم كيف تحكمون..) هؤلاء الفيسبوكيون أصبحوا يوزعون صكوك الوطنية والنضال، لقد كان أول لقاء لي بالعثماني في كلية الحقوق بمراكش، وبالضبط في أسبوع ثقافي حول القضية الفلسطينية، وكان هذا في بداية تسعينات القرن الماضي، حيث أكد الرجل على ما أجمع عليه مناضلو الحركة الإسلامية، أي مساندة المقاومة الفلسطينية حتى تحرير كل فلسطين التاريخية، وبقي على هذا المبدأ لأكثر من ثلاثين سنة، لم يبدل أو يغير من ذاك المبدأ أو تلك القناعة، سواء في محاضرة أو مهرجان أو في ندوة صحفية أو حوار، وبقي على هذا الحال إلى أن جاء يوم توقيع هذا الإتفاق المشؤم، و المضحك المبكي في نفس الوقت، هو تصريح الدكتور العثماني قبل أسابيع قليلة من التوقيع، على أنه مع المقاومة وضد التطبيع مع الصهاينة، ثم حدث انقلاب في اتجاه معاكس 360 درجة، والحقيقة أن التطبيع لا يمكن تبريره بأي وجه كان، ففي رأيي هو شر محض ليس فيه خير للمغرب لا في العاجل و لا في الآجل، لن أدخل في النقاش البيزنطي حول إرادة التوقيع، هل كان العثماني مكرها عند التوقيع أم كان راضيا..؟ الجواب قد يأتي مستقبلا مع مرور الوقت، كونوا على يقين أن الزمن كشاف، لكن السؤال المهم هنا هو لماذا تم اختيار شخص العثماني بالضبط للتوقيع…؟ الفقرة التالية :
ـ اختيار العثماني ضربت معلم :
لقد وقع الإختيار على سعد الدين العثماني شخصيا، وهذا ليس اعتباطا كما يبدو بل جاء عن دراسة و تمعن، ربما قد تكون أيدي بني صهيون ضالعة في العملية، لعدة اعتبارات منها : أن الدكتور العثماني قيادي وعضو مؤسس في الحركة الإسلامية، وهذا شي مؤلم لحركة ( حماس ) و يهز نفسية المقاومين هزا، كما انه رئيس أكبر حزب ذو مرجعية إسلامية، وفي توريطه ضرب لمصداقيته أمام مناضليه، ثم أمام الشعب المغربي وهذا مهم جدا لانصار بني صهيون، وخاصة أن الإنتخابات كانت على الأبواب، وهكذا تصبح الطريق ممهدة لمن يحسنون فتح ابواب المغرب لبني صهيون، هل عجزت الدولة عن إيجاد بديل للعثماني كي يوقع..؟ أشك في ذلك لأن وزير الخارجية كان حاضرا مستعدا لهذا (الشرف)، لكن توقيع العثماني افضل لهذه الإعتبارات السالفة الذكر، إضافة إلى أن العثماني صرح قبل أسابيع قليلة أنه ضد التطبيع، و توقيعه فيه إذلال لشخصه و لحزبه كذلك، أظن أن مستقبل الرجل سياسيا قد انتهي مع الأسف، لقد تمت التضحية به على مذابح التطبيع، فهو يشبه الفتاة التي كان الفراعنة قديما يزينونها كالعروس، وتقدم كقربان لنهر النيل كي يرضى ويعطي خيراته، واليوم سعد الدين العثماني تتقاذفه الأرجل في ملعب السياسة القذرة..
ـ الدكتور بين الشامتين و المشفقين :
في نظري أن العثماني ضحية خرق وقع في البروتوكول، فهو من هذا الجانب مظلوم بغض النظر عن إرادته..!! كيف ذلك..؟ المعروف أيها السادة أن قواعد وتقاليد و أعراف، البروتوكول في العلاقات الدولية تطبق بصرامة، ولا مجال فيها للتلاعب أو التجاوز ولا المحاباة، فمثلا لا يمكن لملكة بريطانيا عند زيارتها لبلد معين، أن يكون في استقبالها وزير أو حتى رئيس حكومة لابد من ملك أو رئيس دولة، لقد أعلنت القناة الفرنسية ( كنال بلوس) عن خبر مفاده : ( أن ملك المغرب رفض النزول من سيارته، التي بقيت رابطة أمام السجاد الاحمر لذقائق، احتجاجا على عدم استقباله من طرف الرئيس الفرنسي، وبعد دقائق قليلة جاء الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، برفقة بانكيمون أمين عام الأمم المتحدة)، وهكذا تم احترام البروتوكول بقدوم الرئيس الفرنسي ليسقبل ملك المغرب، هذا الحدث وقع في قمة المناخ كوب 21 بباريس، هكذا هو البروتوكول الملك يستقبل الملك أو رئيس دولة، و رئيس حكومة مع رئيس حكومة، وكذلك الوزير يوقع مع الوزير هكذا هي تراتبية البروتوكول، يؤخذ الوزن الإعتباري والسياسي للشخص بعين الاعتبار، بعد هذا التوضيح يظهر لكم الظلم الذي تعرض له سعد الدين العثماني، كيف وهو رئيس حكومة يوقع مع مستشار النتن ومستشار الترامب، و مرتبة المستشار هي أقل حتى من وزير وا بروتوككولاه..!! وإن كان ولا بد من التوقيع كان الواجب او يوقع مع رئيس حكومة، فحتى ناس الغيوان يؤيدون فكرة البروتوكول، ففي مقطع من أغنيه الحصادة الرائعة يصدح المرحوم العربي باطما، في موال عروبي جميل : (.. وكلها يزهى مع ݣرينو …)، لكن مع العثماني لم يتم احترام البروتوكول لحاجة في نفس يعقوب…
خلاصة :
مسرور المراكشي يقول لمن لازال ينتقد توقيع العثماني، لتكن عندكم الشجاعة و تقولوا في التطبيع ما يجب أن يقال فعلا، لكن فقط حائط العثماني قصير عيب، اليوم الرجل لا يحمل أية صفة رسمية إذن ما الفائدة من الهجوم عليه ( قال العثماني ـ لماذا لم يقل ـ كان عليه أن يقول كذا لماذا قال كذا ـ دون الرجل ـ لماذا دون …)، في رأيي إذا استمر الوضع هكذا واشتد سعار المهاجمين، عندي حل وهو الطلب من الدكتور، تخصيص حصص لمعالجة المرضى .