رأي

هل أصبحت نزهة الوافي محامية عن الرئيس الفرنسي؟

بقلم الدكتور محمد عوام

كتبت كاتبة الدولة السابقة نزهة الوافي تدوينة، أبدت فيها امتعاضا مما صدر عن رئيس الحكومة السابق الأستاذ عبد الإله بنكيران، استهلتها بقولها: “الدفاع عن القضية الفلسطينية كقضية مركزية لدى المغاربة، لا يبرر التهكم على رئيس دولة كفرنسا تربطها بالمغرب شراكة استراتيجية.”
ثم أردفت ذلك معللة هذا الدفاع كون فرنسا “اصطفت إلى الحق والدعم المتواصل لمغربية الصحراء في معركة شرسة للقضية الوطنية التي هي فرض عين علينا جميعا…” ثم استنجدت بالمرجعية الإسلامية لتجنب “العداوة والخصومات والترفع عن الإساءة إلى الأشخاص…”
وتعليقي على السيدة نزهة فيما يلي:
أولا: ليكن في علمك أن مشكل الصحراء كانت فرنسا من ورائه، منذ احتلالها للجزائر والمغرب، واستمرت تتلاعب بالقضية، ولم تكن واضحة فيها، هي ومن معها من القوى الاستعمارية، فدائما رجليها موزعتين في هذه القضية بين المغرب والجزائر، بحسب ما تكسب من مصالح هنا وهناك، لذا كم من مرة توترت العلاقة بيننا وبين فرنسا؟ وإلا لو كانت فرنسا جادة، وتصطف إلى الحق والدعم المتواصل، كما تدعين، لحسمت القضية في مهدها، ولأرجعت الأرض هي وإسبانيا لأصحابها، ولدافعت بدون ابتزاز عن القضية الوطنية منذ زمااان. إذن فنحن أمام فرنسا برؤية استعمارية صرفة.
ثانيا: الرئيس الفرنسي الذي نصبت نفسك محامية عنه، من أكبر الحاقدين على الإسلام، ومهاجمته ومحاربة الحجاب الذي تدينين الله به، والأحداث تلو الأخرى شاهدة على ذلك، فهل تحرك الرئيس من أجل حقوق الأقلية المسلمة في فرنسا، ومنحها الحرية وفق مبادئ الأنوار التي تتغنى بها فرنسا ذاتها أم أن الروح الصليبية ما زالت تشكل الرؤية الاستراتيجية لفرنسا ورئيسها تجاه الإسلام والمسلمين والمساجد، وطرد الدعاة، وتشديد الخناق عليهم، ولو كانوا من أبناء فرنسا وولدوا بها.
ثالثا: لماذا بلعت لسانك السيدة نزهة عندما هاجم موكلك ماكرون المقاومة الفلسطينية حماس في قبة البرلمان، ووصفها بالهمجية، ولإسرائيل التي تحتل فلسطين الحق في الدفاع عن نفسها، من غير احترام ملك البلاد الذي يمثل رئيس لجنة القدس، ومن غير تقدير شعور المغاربة ودفاعهم وارتباطهم بفلسطين؟ لماذا لم تنطقي وتستحضري المرجعية الأخلاقية الإنسانية، وتبدي امتعاضك تجاه من يساهم بعتاده وترسنته الحربية، واستخباراته، وجيوشه في إبادة غزة؟ أم أن الأخلاق عندك تتبعض، تستحضرينها عند انتقادك للسيد بنكيران وتغيب عندك مع ماكرون؟ ما هذا البؤس؟ وما هذا التملق الذي لا يليق بمن كان بالأمس في صف حزب العدالة والتنمية؟ هذا هو العجب العجاب.
رابعا: من تتبع صفحتك وتدويناتك قد لا يتعجب مما أبديت، إذ لم أعثر ولو على تدوينة واحدة تنتصرين فيها لفلسطين، وتدينين الإبادة الجماعية لغزة، وتشجبين التطبيع، فقد ضربت “الطم” كما يقول المغاربة، أليست القضية الفلسطينية عندك فرض عين مثلها في ذلك مثل القضية الوطنية أم أن تغييبها في تدويناتك تشي برائحة التطبيع والتنكر للقضية، هذا ما يستبين من تدويناتك. لأنه لا يليق بوزيرة سابقة في حزب ذي مرجعية إسلامية، أن تخرس لسانها، عن قضية تحمل مقدسات المسلمين، فأين هي الغيرة الإسلامية، والأخلاق الإنسانية ووو. من البؤس أن تغضبي من أجل ماكرون الحقود ولا تغضبي وتنتفضي من أجل فلسطين. وبالمناسبة هذا اللوم أوجهه إلى من هم أمثالك، ممن استحبوا السكوت، وتواروا إلى الظل حتى لا ينطقوا. والحمد لله جاءت غزة لتكشف عن معادن الناس بله عن معادن حتى بعض الإسلاميين الذين هم نسخة مزورة، ليست طبق الأصل.
خامسا: أستغرب من امتعاضك من بنكيران، وفي الوقت ذاته تشيدين بالبابا على حد قولك: “العالم فقد رجلا استثنائيا. كان نموذجا لقيم الحق والسلام والدفاع عن الضعفاء مهما تعقدت السياقات..نرجو الله أن يتقبله في رحمته اللامتناهية” لا نجد مثل هذه الرحمة تدعين بها لأولئك الذي سقطوا ويسقطون في فلسطين شهداء على أيادي المجرمين الصهاينة لعنة الله عليهم. لم أقرأ لك ولو دعاء واحدا لهم. ألا يستحق هؤلاء الرحمة والنصرة وطلب المدد من الله والعون؟
هذا البابا الذي ترجين له الرحمة اللامتناهية، والذي حسب قولك: “كان نموذجا لقيم الحق والسلام والدفاع عن الضعفاء…” أين هي مواقفه من الإبادة الجماعية لغزة؟ ماذا قدم من أجل ذلك؟ هل خرج بخطاب قوي يتبرأ فيه من اليهود الصهاينة المجرمين؟ هل خاطب بني جلدته وطالبهم بعدم إعانة إسراقيل بالسلاح والعتاد وكل أنواع الدعم؟ أم أن الرحمة اللامتناهية توزع عندك حسب هواك؟ فالله عز وجل لا يمنح رحمته الخاصة للكفار والمجرمين. هذا ينبئ عن الضحالة العقدية، والفقر المعرفي الذي تمتح منه نزهة الوافي حينما تدعو لنصراني يُنصِّر المسلمين في إفريقيا وغيرها، وينفق من أجل ذلك الملايير، ولا تكلف نفسها ولو دعاء واحدا ونصرة لأهل غزة؟. كما تصف الظواهر المناخية -حسب إحدى تدويناتها بالمتطرفة.
وختاما هل تتويجك بالعاصمة لندن بجائزة “سفيرة السلام العالمية للمرأة، التي تمنحها منظمة الاتحاد النسائي من أجل السلام العالمي، تجعلك لا تتحدثين عن فلسطين ونصرة غزة، ومناهضة التطبيع أم أنها منحت لك ابتداء على صمتك المريب؟ هذا مجرد سؤال، لأن مثل هذه الجوائز من أولئك القوم لا تمنح هكذا اعتباطا.
فبدل أن تنتقدي بنكيران، الذي مهما يكن من كلامه من فلتات، فانتقدي عملاء الصهاينة وحمير بني إسرائيل، الذين ادعوا أن الأسرة الملكية يهودية وأن النبي صلى الله عليه وسلم صهيوني، وغيرها من المقرفات. وحق لنا كمغاربة أن نعتبر الخونة وعملاء الصهاينة أحط منزلة من الحمير، وأخس مكانة من الكلاب، “وإن أنكر الأصوات لصوت الحمير”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى