رأي

*الورش الملكي لإحداث منصات جهوية للمخزون والاحتياطات الأولية: رؤية استباقية لتكريس الصمود الوطني*

بقلم: المهندس عبد الله أيت شعيب.

🇲🇦 *Le chantier royal pour la construction des plateformes régionales de réserves de première nécessité : une concrétisation du modèle marocain de résilience nationale.*🇲🇦

الرباط في، 08 ماي 2025.

*مقدمة:*

في عالم يزداد اضطراباً يوماً بعد يوم، ويطرق فيه الخطر حدود الدول دون استئذان، لم يعد الانتظار خياراً، ولا التعويل على الخارج ضمانة. فمن جائحة صحية إلى أزمات طاقية وغذائية، ومن تغيرات مناخية قاسية إلى صراعات جيوسياسية متسارعة، باتت الحاجة إلى *”الصمود الوطني”* أولوية قصوى، بل مسألة حياة أو انكماش.

في هذا السياق المضطرب، يبرز المغرب بقيادة *جلالة الملك محمد السادس، نصره الله،* كنموذج فريد في الاستباق، لا في الانفعال، في البناء، لا في الارتجال، وفي اتخاذ القرار الصائب في التوقيت الحاسم.
ومبادرة إحداث منصات جهوية للمخزون والاحتياطات الأولية ليست إلا حلقة من مشروع وطني متكامل، يستشرف المخاطر القادمة، ويبني الوطن من الداخل بحكمة وهدوء وإصرار.

هذا الورش الملكي ليس فقط استثماراً في البنية، بل هو استثمار في الإنسان، في السيادة، في الثقة، وفي قدرة المغرب على كتابة فصول جديدة من تاريخه، بقلم الإرادة، وحبر الحكمة، وورق الإخلاص للوطن.

*أولاً: من جائحة كورونا إلى يقظة استراتيجية وطنية:*

لقد شكلت جائحة كوفيد-19 محطة فارقة في تاريخ الأنظمة الصحية والاجتماعية والاقتصادية في العالم. وفي المغرب، ورغم شح الموارد وتحديات السياق الدولي، استطاعت المملكة بفضل القيادة الحكيمة لجلالة الملك أن تتحرك بسرعة، وتؤمن الحاجيات الأساسية للمواطنين، بما في ذلك الغذاء، الدواء، ووسائل الحماية.

ومن بين أبرز الدروس المستخلصة من تلك المرحلة الصعبة:

* *أهمية تأمين سلاسل التوريد وطنياً وجهوياً.*

* *ضرورة امتلاك احتياطات استراتيجية من المواد الأساسية.*

* *الحاجة إلى جاهزية مؤسساتية وتقنية للتدخل الفوري.*

* *مركزية العمل التشاركي بين الدولة والمجتمع.*

*و يعتبر الورش الملكي الحالي هو تجسيد مؤسساتي لتلك الدروس.*:

إنه انتقال من التدبير الاستعجالي إلى الاستباق الهيكلي، ومن رد الفعل إلى الجاهزية الدائمة.

*ثانياً: الصمود الوطني – مفهوم شامل يتجاوز البنية إلى الإنسان.*

مفهوم الصمود أو la résilience لم يعد مفهوماً نظرياً، بل أضحى عنصراً مركزياً في تقييم جاهزية الدول وقدرتها على تخطي المحن.
إنه مفهوم شمولي يجمع بين الصلابة البنيوية والمرونة المجتمعية والجاهزية الاقتصادية والعلمية.

لذلك فإن إنجاح هذا الورش الملكي يتطلب العمل المتكامل على:

*1. بناء مواطن صامد وتوفير ظروف تسمح له بذلك وتشجعه عليه:*

* واعٍ بحقوقه وواجباته.

* منخرط في جهود التعبئة الجماعية.

* متشبع بقيم التضامن والانضباط والمسؤولية.

* متسلح بالعلم والمعرفة لمواجهة الإشاعة والخوف.

أما الظروف التي يجب توفيرها للمواطن لتمكينه من تحقيق هذا الدور بشكل فعال، فهي تقوم على ثلاث ركائز أساسية:

* *الكرامة:* وهي ضمان حق المواطن في العيش بسلام واحترام، بعيدًا عن كل أشكال الإهانة أو التمييز، مما يعزز شعوره بالانتماء والقدرة على المشاركة الفاعلة في الحياة العامة.

* *العدالة:* وهي توفير بيئة قانونية ومؤسساتية تضمن المساواة في الحقوق والفرص، وتكافؤ الفرص أمام جميع المواطنين، وتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية.

* *الحرية:* وهي تمكين المواطن من التعبير عن رأيه والمشاركة في صنع القرار، من دون قيود أو ضغوط، وضمان حقوقه في ممارسة أنشطته بحرية ضمن إطار من النظام العام.

هذه الركائز الثلاث تُعد أساسًا لبناء مجتمع قوي وصامد، يساهم فيه كل فرد بما لديه من قدرات ومعرفة، ويؤدي دوره الوطني بكل كفاءة وفاعلية.

*2. دعم مقاولة وطنية مرنة:*

* قادرة على التكيف مع الأزمات.

* تدمج إدارة المخاطر في أنظمتها.

* تؤمن بالابتكار والتجديد.

* تلعب دوراً محورياً في تصنيع وتأمين السلع الاستراتيجية.

*3. نشر ثقافة الصمود:*

* إدماج المفهوم في المناهج التعليمية.

* إطلاق حملات توعية حول إدارة الأزمات.

* تشجيع الإعلام على بناء الثقة وتعزيز الوعي الجماعي.

*ثالثاً: البحث العلمي والتكنولوجيا – ركيزة الصمود الذكي*

لا يمكن الحديث عن منظومة وطنية للصمود دون ربطها بالبحث العلمي والابتكار. فالعلم هو الذي يمكننا من:

* تطوير آليات الإنذار المبكر للكوارث البيئية أو الصحية.

* تحسين أنظمة التخزين والتحكم في الجودة.

* ابتكار مواد بديلة وتقنيات تصنيع محلية.

* استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل المعطيات واتخاذ القرارات السريعة.

ولذلك يجب تخصيص جزء من هذا الورش الوطني لدعم الجامعات، مراكز البحث، والشركات الناشئة في مجالات الصحة، الأمن الغذائي، المناخ، الطاقات، والذكاء الاصطناعي.

*رابعاً: نحو اقتصاد وطني مرن قادر على امتصاص الصدمات.*

الأزمات تكشف هشاشة الاقتصاد كما تكشف قوته.

والاقتصاد المغربي، رغم تنوعه، أبان عن بعض مواطن الضعف أثناء الأزمات المتتالية (كورونا، الجفاف، تقلبات السوق العالمية…).

من هنا، فإن هذا الورش الملكي يمكن أن يشكل فرصة لإعادة بناء نموذج اقتصادي مرن resilient، يرتكز على:

* الاعتماد على الذات في القطاعات الاستراتيجية.

* تشجيع الإنتاج المحلي وتقليل التبعية للأسواق الخارجية.

* تحفيز المقاولات الصغيرة والمتوسطة على المساهمة في الأمن الاستراتيجي.

* تهيئة بيئة قانونية ومالية تشجع على الاستباق والتخزين وإدارة الأزمات.

*خامساً: العدالة المجالية والتكامل الترابي.*

لا يمكن لأي سياسة وطنية أن تنجح إذا لم تُراعِ الخصوصيات الترابية والعدالة المجالية. والورش الملكي القاضي بإنشاء منصات جهوية يمثل نموذجاً راقياً للعدالة الترابية، حيث لكل جهة منصتها الخاصة التي تتناسب مع طبيعتها الجغرافية، وكثافتها السكانية، ومستوى تعرضها للمخاطر.

هذا التوزيع يمكن أن يسهم أيضاً في:

* تحفيز التنمية الجهوية.

* خلق فرص شغل محلية.

* إشراك الجماعات الترابية في منظومة الأمن الوطني.

*سادساً: البُعد الجيوسياسي – من الاستقلال إلى الريادة الإقليمية.*

في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم، تبرز أهمية امتلاك منظومة وطنية للأمن الاستراتيجي كأداة من أدوات السيادة الجيوسياسية. فالدول التي تملك احتياطاتها وتمتلك قراراتها، تكون أكثر قدرة على فرض مصالحها.

وهذا الورش الملكي، في أبعاده الاستراتيجية، يعزز مكانة المغرب كفاعل إقليمي مسؤول، قادر على مواجهة التحديات، وتقديم الدعم للشركاء الأفارقة والمتوسطيين في أوقات الشدة.

*سابعا : التفوق العسكري وتعزيز الدفاع الجوي والبحري – الحصن الحصين للصمود الوطني.*

في عالم مضطرب يزداد فيه منسوب التهديدات والهجمات غير التقليدية، لم يعد مقبولًا فصل الأمن الداخلي عن الأمن الدفاعي الخارجي. فالصمود الوطني الشامل لا يكتمل دون ترسيخ مناعة عسكرية متقدمة، تحمي الوطن من أي تهديد، خاصة من الجو والبحر.
ويمتلك المغرب موقعًا جغرافيًا استراتيجيًا، ويتوفر على أكثر من 3500 كلم من السواحل الممتدة على واجهتين بحريتين حيويتين: المتوسط والأطلسي، ما يجعله عرضة لمخاطر التهريب، التسلل، أو حتى الهجمات العدائية في أوقات التوترات الإقليمية. لذلك، فإن تعزيز التفوق العسكري – وخاصة في مجالي الدفاع الجوي والبحري – يمثل ضرورة وطنية قصوى، عبر:

* تطوير منظومات الدفاع الجوي الحديثة لرصد واعتراض الطائرات المسيّرة، الصواريخ، والقذائف المعادية.

* دعم وتحديث الأسطول البحري الملكي لحماية المياه الإقليمية وتأمين الممرات البحرية الحساسة.

* الاستثمار في الابتكار والتكوين العسكري المتخصص في المجالات الجوية والبحرية والسيبرانية.

* تشجيع الصناعة العسكرية الوطنية لتقليل التبعية واستباق التهديدات المستقبلية.

* الرفع من جاهزية القوات المسلحة، مع تبني منظومات ذكية للمراقبة والردع.

فلا يُعقل أن نبني صرحًا مناعة داخلية اقتصادية ومجتمعية، ونترك ثغرة في جدار الحماية العسكرية تجعل من بلادنا هدفًا سهلًا في أوقات الأزمات أو الأطماع. إن الأمن القومي منظومة متكاملة الحلقات، لا يكتمل فيها النمو الاقتصادي ولا التماسك المجتمعي إذا كان الدفاع الوطني يعاني من هشاشة أو تقصير.

فما جدوى ازدهار اقتصادي قد يتبخّر في لحظة عدوان؟ وما نفع بنية تحتية ضخمة ومنظومة تعليمية وصحية متقدمة إذا لم تجد من يحميها من دمار الحروب المفاجئة؟

إن أي خلل في الجدار الدفاعي يجعل كل منجزات الداخل عرضة للابتزاز، أو التخريب، أو حتى الزوال.

الأعداء لا يختارون لحظات القوة لضرب خصومهم، بل يتربصون لحظات الغفلة والانشغال. وإذا كانت الجبهة الداخلية قد أصبحت أكثر وعيًا ومناعة، فإن واجب الوقت هو تحصين الأجواء والحدود والمياه من أي تهديد محتمل، فذلك هو الضمان الحقيقي لصون السيادة، وحماية المكتسبات، وردع كل طامع أو متربص.

*ثامناً: وحدة الجبهة الداخلية – صمّام أمان الصمود الوطني:*

لا يمكن لأي مشروع وطني أن ينجح، مهما بلغ من القوة والموارد، إذا لم يكن مدعومًا بجبهة داخلية صلبة، موحَّدة، وواعية بحجم التحديات والمخاطر. فالصمود الحقيقي لا يُقاس فقط بوفرة المخزون الاستراتيجي أو القوة العسكرية، بل يُقاس أولاً بتماسك الجبهة الداخلية، وتلاحم مكوناتها، وقدرتها على تجاوز الخلافات الثانوية في سبيل الغايات الكبرى.

وحدة الصف الداخلي ليست شعاراً يُرفع عند الأزمات، بل هي ثقافة تُبنى يومًا بعد يوم، عبر سياسات عادلة، وخطاب عقلاني، وممارسات مسؤولة. ولتحصين هذه الجبهة، لابد من العمل على:

* تعزيز الثقة المتبادلة بين الدولة والمواطن، من خلال الشفافية والمصداقية، بما يُعيد الاعتبار للمؤسسات ويُحصنها من فقدان الشرعية الشعبية.

* إشاعة روح التضامن الوطني، بعيداً عن كل خطاب تمييزي أو تحريضي، مع ترسيخ قيم الانتماء والمواطنة الحقة.

* تقوية الإعلام الوطني المسؤول، القادر على بناء الوعي الجماعي، وكشف حملات التضليل، وتحصين العقول من الفُرقة والانقسام.

* مواكبة الفئات الهشة والمتضررة من الأزمات، عبر سياسات اجتماعية فعالة، حتى لا تتحول الحاجة إلى ثغرة في الجدار الوطني.

* إشراك النخب والمجتمع المدني في تعبئة جماعية شاملة، تقوم على المبادرة لا الانتظار، وعلى البناء لا الاتهام.

كما أنه في خضم التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم، ما أحوجنا إلى رجال دولة يؤمنون أن المسؤولية تكليف لا تشريف، وأن المنصب وسيلة لخدمة الصالح العام، لا غنيمة لتكريس النفوذ أو تلبية المصالح الضيقة.

نحتاج إلى قيادات تُجسّد الانتماء لا تدّعيه، تبني الثقة بدل أن تُراكم الخيبات، وتُعلي صوت الحكمة والعقل على ضجيج الحسابات السياسوية.

فحين يغيب الضمير ويضعف الإخلاص، تتحول السلطة إلى عبء على الوطن، وتصبح الجبهة الداخلية هشة، قابلة للاختراق والتشظي.

أما حين تترسخ قيم النزاهة والعدل، وتُستنهض روح التضامن والتعبئة الوطنية، فإن الوطن يكون في مأمن، مهما اشتدت العواصف واشتعلت الفتن.

*إن وحدة الجبهة الداخلية ليست فقط خياراً استراتيجياً، بل هي شرط وجود، وأساس بقاء، وضمانة انتصار.*

*تاسعاً: حسن التنزيل والتنفيذ – من روعة التخطيط إلى واقع التطبيق:*

في زمن التحديات الكبرى، لا يكفي أن نصوغ استراتيجيات واعدة، ولا أن نعلن برامج طموحة، ولا حتى أن نحشد لها الموارد الضرورية.

العبرة الكبرى تبقى في التنفيذ المحكم والتنزيل الميداني الدقيق.

فكم من مشروع جميل حظي بالإجماع والتمويل، لكنه تعثر أو فشل بسبب غياب الكفاءة، أو ضعف المتابعة، أو ارتباك التنسيق بين المتدخلين.

التنفيذ ليس مجرد مرحلة تقنية، بل هو اختبار حقيقي للجدية والمصداقية، ومحك للقدرة على تحويل التصورات إلى منجزات، وتحقيق أثر فعلي على حياة المواطن.

إن حسن التنزيل والتنفيذ يقتضي:

* وضوح الرؤية، وتحديد دقيق للأدوار والمسؤوليات؛

* تعبئة الكفاءات البشرية المؤهلة ميدانياً، لا فقط إدارياً؛

* آليات فعالة للمراقبة والتقييم المرحلي والتصحيح الاستباقي؛

* سرعة التفاعل مع الإكراهات، وتجاوز منطق الانتظار والتبرير؛

* تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، ليس كعقوبة، بل كأداة تحفيز ورفع للجودة.

وها هو ذا *صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، رفقة ولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن*، قد أعطى شخصياً انطلاقة هذا الورش الوطني الكبير، في رسالة ملكية واضحة لكل المعنيين بأن هذا المشروع ليس كغيره، وأن الإرادة الملكية معبأة لإنجاحه.

*فلا نريد أن نسمع غداً عن تجاوزات أو تقصير أو ضياع للموارد أو ضعف في الأثر، كما عانى المواطن في مشاريع سابقة من خيبات مكررة بسبب سوء التنفيذ. لقد سئم المغاربة من الأعذار والتبريرات، وتواقون إلى نتائج ملموسة، تُحسِّن واقعهم، وتُعيد الثقة في مؤسساتهم.*

إن الوفاء لتوجيهات جلالة الملك ليس شعاراً يُرفع في الخطب، بل مسؤولية وطنية تقتضي الجدية، والمهنية، وروح الغيرة على هذا الوطن العزيز. *وعندما يلتقي التخطيط المتقن بالتنفيذ المحكم، تُكتب النجاحات، ويكبر الأمل، ويعلو الوطن*.

فالوطن لا يُبنى بالأمنيات، بل بسواعد المخلصين وعرق الشرفاء. وكل عمل صادق فيه شهادة حب، وكل تقصير خيانة صامتة. ومن أراد العزة لوطنه، فليجعل بعد الله ضميره رقيباً، وعطاؤه دليلاً على الوفاء. فلن نكتب التاريخ بالكلام، بل بما نتركه من بصمات لا تُنسى.

*خاتمة: رؤية ملكية متبصّرة… مسؤولية جماعية راسخة… وصمود وطنٍ لا ينحني:*

ليست مبادرة إحداث منصّات جهوية للمخزون الاستراتيجي مشروعًا تقنيًا عابرًا أو استجابة ظرفية لإكراهات المرحلة، بل هي عنوان لرؤية ملكية بعيدة النظر، تنقل المغرب من منطق التدبير بردّ الفعل إلى منطق الاستباق الاستراتيجي، ومن الاكتفاء بالحلول الظرفية إلى بناء صرح الصمود الوطني الشامل والمستدام.

لقد أصبح الأمن القومي في عصرنا مفهومًا مركّبًا لا يقتصر على الدفاع العسكري وحماية الحدود، بل يمتد إلى الأمن الغذائي، والطاقي، والصحي، والرقمي، والبيئي، والثقافي، والروحي. وهو بذلك نسقٌ منسجم تتكامل فيه أدوار الدولة والمجتمع، الفرد والمؤسسة، الحاضر والمستقبل.

ولتحقيق هذا الرهان، فإن المسؤولية جماعية ولا تُترك لجهة دون أخرى:

* الدولة مطالَبة بتأمين هذا التحول برؤية مندمجة، وهياكل صلبة، وإرادة سياسية لا تكلّ؛

* والقطاع الخاص مدعوّ إلى تجاوز منطق الربح السريع نحو الاستثمار في أمن الأجيال؛

* ومراكز البحث العلمي والجامعات مطالبة بالانتقال من التنظير إلى ميادين الابتكار والحلول؛

* والإعلام والمجتمع المدني يحملان عبء التوعية، وبثّ الثقة، وتحصين الوعي الجماعي؛

* أما المواطن، فهو محور هذه الدينامية وغايتها، عليه أن يدرك أن صمود الوطن يبدأ من وعيه، ويتجلى في سلوكه اليومي، ومساهمته الفاعلة، وحبه الصادق لوطنه.

*نحن أمام لحظة تاريخية عنوانها: إما أن نكون صُنّاعًا لمستقبلنا، أو نترك غيرنا يصنعه لنا.*

والمغرب، بقيادته الرشيدة، يختار الطريق الأصعب والأشرف: *طريق البناء، والمبادرة، والاستباق، لا التبعية والانتظار.*

فلنكن نحن، أفرادًا ومؤسسات، في مستوى هذه الرؤية. ولنحوّل هذا الورش إلى فرصة لتعميق معنى الانتماء، لا كشعار يُرفع، بل كالتزام نعيشه ونترجمه في تفاصيلنا اليومية.

وإذا كان التاريخ يُكتب في لحظات التحول، فإن المغرب اليوم بصدد كتابة صفحة ناصعة من تاريخه، صفحة عنوانها:

*”لا ننتظر المجهول، بل نعدّ له العدة… لا نركن للخوف، بل نبني الحصون… لا نستسلم للعواصف، بل نُعلي البنيان.”*

هكذا تُصنع الأوطان التي لا تنكسر، وهكذا نكون أبناء وطن لا ينهزم.

كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
*”لا يقعدنّ أحدكم عن طلب الرزق ويقول: اللهم ارزقني، وقد علم أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة.”*

وكما قال حكيم الصين كونفوشيوس:
*”لا تلعنوا الظلام، بل أوقدوا شمعة.”*

ويكفينا هدي القرآن الكريم حين قال تعالى:

*﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حتّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾* [الرعد:11]

*عاش الوطن، عاش الملك، وعاش الشعب المغربي شامخًا، صامدًا، متحدًا… لا ينحني ولا ينكسر.*

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى